قال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات الدكتور أحمد عامر، إن مدينة «إهناسيا» أو«هيراقليوبوليس_مدينة هرقل» تقع على الضفة الشرقية لبحر يوسف، مقابل مدينة بني سويف، وعلى بعد 16 كم إلى الغرب منها، وجنوب مدينة «منف» بحوالي 88 كم، وقد ذُكرت في المصادر العربية القديمة مدينة «إهناسيا» بالتسمية «نن_نسو»، والتي تعني «مدينة الطفل الملكي»، وكذلك لفظ «حوت_نن_نسو»، والتي تعني «قصر ابن الملك» أو «قصر أبناء الملك»، وكان ذلك في عصر الأسرتين التاسعة والعاشرة.
وأشار «عامر» أن مدينة «إهناسيا» كانت مركزًا دينيًا عظيمًا قبل توحيد البلاد، وكانت عاصمة أقاليم مصر الوسطى في فترة من الفترات، وقد ذكرت إحدى الأساطير أن الإله «شو»، وهو «إله الهواء» قد فضل السماء عن الأرض، ورفعها عاليًا في هذه المدينة وذلك عند بداية الخلق، وكذلك أرسل إله الشمس «رع» الإلهة «سخمت» إلهة الحرب لتهلك البشر، وهذه القصه معروفه باسم «قصة هلاك البشرية».
وتابع أن ملوك الأسرتين التاسعة والعاشرة، اتخذوا من مدينة «إهناسيا» عاصمة سياسية لهم لعدة أسباب، منها أن موقعها المتوسط بين الشمال والجنوب، بالإضافة إلي أضطراب الأوضاع في العاصمة القديمة «منف» بعد نهاية عصر الدولة القديمة، وطوال عصر الضعف الأول، وبُعد مدينة «إهناسيا» عن «منف» جعل من الحكمة اتخاذ «إهناسيا» عاصمة لملوك الأسرتين التاسعة والعاشرة.
واستطرد الخبير الآثري، أن أهميتها الاقتصادية تميزت في أرضها، حيث نجد خصوبتها وإنتاجها الزراعي الوفير، كما نجد أن موقعها والذي يقع بالقرب من مدخل الفيوم، حيث كانت تقع على مدخل مدينة الفيوم، والتي كانت غنية ومهمة في العصر المصري القديم.
وموقع مدينة «إهناسيا» فيما يتعلق بالطرق الرئيسية للاتصال بها، حيث كانت موقع استراحة للذين يأتون من وادي النيل قبل استكمال رحلتهم في الصحراء الغربية، ونجد أن انتماء حكام الأسرتين التاسعة والعاشرة في الأصل لهذه المدينة مسقط رأسهم، لذلك فإن اتخاذ المدينة عاصمة لضمان ولاء أتباع هؤلاء الملوك وعدم الثورة عليهم.
وأكد «عامر» أن نهاية مدينة «إهناسيا» كعاصمة سياسية، فقد جاءت بعد نزاع طويل مع حكام مدينة «طيبة» الذين ظهروا في نفس الوقت، وانتهي هذا النزاع بهزيمة ملوك الأسرة العاشرة، ونجاح الملك «منتوحتب الثاني» في توحيد البلاد، ونقل العاصمة من «إهناسيا» إلى مركز حكمه الجديد، ألا وهو «طيبة» وبداية عصر الأسرة الحادية عشرة.