مصر والسودان.. تاريخ من العلاقات الاستراتيجية والتعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين
ربطت مصر والسودان على مر التاريخ علاقات أخوية واستراتيجية بين البلدين، فبجانب الروابط السياسية والاستراتيجية والشعبية بينهما، يجمع البلدين الشقيقين حدود جغرافية مشتركة، حيث تمثل الخرطوم العمق الاستراتيجي الجنوبي للقاهرة، وهناك حرص مصر على تعزيز الاستقرار في السودان وتعميق مجالات وأوجه التعاون مشروعات الربط المشترك.
وعلى مر العصور، تؤكد مصر دائمًا على علاقات الأخوة والتضامن مع السودان، وأنها علاقات إستراتيجية بالغة الأهمية للبلدين على كافة المستويات، وقد تعمقت مجالات التعاون والتنسيق بين البلدين في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حرص على زيارة السودان عقب انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2014 فكانت السودان ضمن جولة شملت ثلاث دول، كذلك كانت أول زيارة خارجية للرئيس السيسي بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018 للسودان.
واليوم استقبل الرئيس السيسي للفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، بقصر الاتحادية في مصر الجديدة، وعزف السلام الوطني للبلدين، واستعرض القائدان حرس الشرف والتقطا الصور التذكارية تمهيدا لعقد جلسة مباحثات ثنائية تستهدف تعميق مجالات التعاون والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
العلاقات المصرية السودانية
كانت مصر أولى الدول التي اعترفت باستقلال السودان والذي تم إعلانه في 1956؛ في عهد الرئيس جمال عبد الناصر توجه عبد الناصر إلى الخرطوم ليعلن استقلال السودان أمام البرلمان في خطاب تاريخي أظهر سعادة القيادة والشعب المصري باستقلال السودان ليصبح عبد الناصر بطل الاستقلال فيما اعتُبِر قرارًا تاريخيًّا، وأعلن رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري استقلال السودان خلال جلسة البرلمان التاريخية التي عقدت في مطلع يناير 1956.
في عام 1960، زار عبد الناصر إقليم دارفور في السودان، وزار الخرطوم فى مؤتمر القمة العربية التى استضافتها الخرطوم فى 29 أغسطس 1967، كما زارها فى 1 يناير 1970، وفى 16 فبراير، وفي مايو من نفس العام، وخلال حرب يونيو 1967، شاركت كتيبة مشاة سودانية في الحرب ودعم القوات المصرية، واستمر إرسال الكتائب السودانية إلى الجبهة المصرية ﺣﺘﻰ عام 1971.
وكان استقبال عبد الناصر في السودان خلال زيارة لحضور القمة العربية في عام 1967 أسطوريا من قبل الشعب السوداني.
وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات، تعمقت أوجه التعاون والعلاقات بين البلدين، حيث أطلق الرئيس السادات والرئيس جعفر نميري "منهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي"، ليصبح أساسًا تنطلق منه جهود البلدين في دعم العلاقات الثنائية من أجل التنسيق السياسي والعمل الاقتصادي المشترك، وكان ذلك في فبراير 1974.
وقد عمل الاتفاق على إقرار مجموعة من الاتفاقيات التي تنظم العمل الاقتصادي، وحرية الحركة، وتشجيع وحماية الاستثمار، وانتقال الأيدي العاملة بين البلدين دون قيود، والتعاون الصحي، ثم في أكتوبر 1977، عقد اجتماع تاريخي لمجلسي الشعب في البلدين بالقاهرة، وجاءت التوصيات التي صدرت عن الاجتماع الأول لمجلس شعب وادي النيل لتؤكد على المعالم الرئيسية لتحقيق التكامل بين البلدين.
العلاقات المصرية السودانية في عهد السيسي
زار الرئيس السيسي السودان عدة مرات، كان آخرها في 6 مارس 2021 والتي كانت تعد الأولى من نوعها عقب تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، والتقى خلالها بالفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني تناولت المباحثات سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين على كافة الأصعدة، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية الإثيوبية والتحركات السودانية الأخيرة لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا، كما تم التباحث حول مختلف المستجدات في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.
واستقبلت القاهرة الفريق البرهان أيضا من قبل، ففي 27 أكتوبر 2020، قام الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، بزيارة إلى مصر حيث التقي بالرئيس السيسي، الذي أكد حرص مصر على مواصلة التعاون والتنسيق مع السودان في كافة الملفات محل الاهتمام المتبادل، والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، كالربط الكهربائي وخط السكك الحديدية، من أجل شعبي البلدين .
وكذلك في 8 مارس 2020، تلقي الرئيس السيسي اتصالاً هاتفيًّا من الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، وقد أكد الرئيس خلال الاتصال على متانة الروابط التاريخية المتأصلة بين مصر والسودان، فيما أشاد البرهان في هذا السياق بالدعم المصري غير المحدود للحفاظ على سلامة السودان واستقراره ومؤازرته للنجاح في المرحلة الانتقالية الراهنة.
وعقب توقيع الاتفاق السياسي بين الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي ود. عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء الانتقالي في21 نوفمبر الماضي، رحبت مصر بالاتفاق، مشيدة بالحكمة والمسئولية التي تحلت بها الأطراف السودانية في التوصل إلى توافق حول إنجاح الفترة الانتقالية بما يخدم مصالح السودان العليا، معربة عن أملها في أن يمثل الاتفاق خطوة نحو تحقيق الاستقرار المستدام في السودان بما يفتح آفاق التنمية والرخاء للشعب السوداني الشقيق.
ودائما ما تؤكد مصر التزامها بمواصلة دعم الأشقاء في السودان وأن أمن واستقرار السودان جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار منطقة شرق أفريقيا، وكذلك ناشدت مصر المجتمع الدولي لمساندة جهود التنمية الاقتصادية في السودان ودعم تنفيذ بنود اتفاق جوبا للسلام.
وفي سبتمبر2020، عندما تعرض السودان لفيضانات مدمرة أعلنت مصر التزامها بدعم السودان والوقوف إلى جانبه في الأزمات؛ حيث أعلن الرئيس السيسي استعداد مصر الدائم لتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في السودان خلال تلك الأزمة؛ وهو ما جرى تطبيقه عمليًّا بإرسال مصر المساعدات اللازمة إلى السودان.