أكد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح أن دولة الكويت تبذل عناية شديدة لتطبيق بنود اتفاق باريس للمناخ عبر المساهمة بحزمة من المشروعات التنموية الصديقة للبيئة وإقرار خطط وبرامج التنمية المستدامة على المستوى الوطني للانتقال التدريجي نحو نظام اقتصادي منخفض الانبعاثات من الكربون المكافئ بناء على توقعات انبعاثاتها المستقبلية ضمن أنماط العمل المعتادة للفترة ما بين 2015 إلى 2035.
وقال رئيس مجلس الوزراء الكويتي - في كلمته خلال أمام القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة اليوم / الأربعاء/ وفقا لوكالة الأنباء الكويتية - أننا قمنا بتنويع مصادر الطاقة عبر تبني حلول الطاقات المتجددة واستبدال الوقود الأحفوري بالغاز المسال وبناء وتطوير مصافي تكرير النفط لإنتاج الوقود البيئي النظيف لضمان استدامة امدادات الطاقة للأجيال القادمة علاوة على سعي الدولة إلى تبني استراتيجية وطنية خفيضة الكربون حتى عام 2050 مبنية على مبادئ الاقتصاد الدائري للكربون وذلك ضمن سياق استيفاء المتطلبات والالتزامات البيئية العالمية.
وأضاف إن أبرز ما تعاني منه أجندة العديد من حكومات العالم سبل معالجة تحديات القرن 21 كالتغير المناخي وندرة المياه والصراعات الجيوسياسية والتحولات الديموغرافية والفقر والأزمات الصحية والاختلالات الاقتصادية والأزمات المالية مما يتطلب استجابة دولية سريعة وتضافر جهود الحكومات للحد من آثارها والعمل على تحويلها إلى فرص واعدة تحسن من جودة حياة الشعوب عبر التمكين التكنولوجي والترابط الاقتصادي العالمي والتوسع في بناء شبكة المدن المستدامة واستخدامات الطاقة النظيفة.
ونوة الشيخ صباح خالد إلى أنه على الرغم من كل التحذيرات العالمية بخطورة الوضع البيئي على مستقبل اقتصاديات العالم إلا أنه مازال العديد من الدول بذات الوتيرة الاستنزافية المفرطة للموارد المتاحة الأمر الذي يدعو إلى تبصر في سبل المحافظة على مقدرات الشعوب والأجيال المستقبلية لضمان حياة آمنة ومستقرة مشيرا إلى أن من مهام الحكومات المعاصرة السعي لبناء وتطوير نظام الاقتصاد المعرفي والاقتصاد الرقمي والبنى الابتكارية وشبكة مراكز البحث العلمي لتوظيف الإنتاج المعرفي – الذي بات نفط القرن الحادي والعشرين – في بناء رأس مال بشري وتمكينه تعليما وتأهيلا وتدريبا ليكون قادرا على مواكبة الاحتياجات المستقبلية فالتعليم والتنمية صنوان متلازمان ووسيلة الدول للتحول نحو مجتمع المعرفة وهو استثمار أصيل يشكل الدعامة الأساسية للبنى الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية وركيزة محورية للنهوض بمستوى حياة الفرد وتطوير المجتمع.
وألمح رئيس الوزراء الكويتي إلى أن الثورة الرقمية والمعلوماتية ساهما في تشكيل تفضيلات شعوب الألفية الثالثة التي تتطلع إلى نماذج حكومية معاصرة قادرة على مواجهة التحديات وتلبية متطلبات الألفية الثالثة وتحسين جودة الحياة على نحو يعزز من ثقة الشعوب بالحكومات وهي نماذج قائمة على مبادئ تعزيز كفاءة الخدمات العامة لتلبية احتياجات أفراد المجتمع وتعزيز ونشر قيم النزاهة والحريات ضمن أطر القوانين المنظمة لها وفي هذا الشأن أولت دولة الكويت اهتماما كبيرا ضمن برنامج عمل الحكومة في رسم خارطة طريق لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي ليكون أكثر اتساقا مع متطلبات تعزيز النزاهة والتحول الرقمي.
ونوة إلى أن النماذج الحكومية كالإلكترونية والرقمية والذكية ما هي إلا تعبير عن درجة التطور الفكري والإداري والتشغيلي السائد في الدولة ومؤشرا لقياس سرعة الاستجابة والمواءمة مع التغيرات العالمية وإشارة إلى مستوى التطور والنمو والازدهار ضمن منظومة الخدمات الحكومية التي شهدت تحولات بارزة خلال العقدين الماضيين ولعل من المناسب في هذا التجمع العالمي للحكومات طرح أفكار جديدة بشأن مستقبل الحكومات في القرن الحادي والعشرين ومنها نموذج الحكومات المعرفية الذي يشير في جوهره إلى شكل الإدارة المستقبلية التي تجسد معاني التغير العميق ضمن جوانبها القيادية والإدارية والتشغيلية على نحو تكون المعرفة فيه إنتاجا واستغلالا مقصدها الاستراتيجي لتحقيق رؤيتها المستقبلية وتحسين جودة حياة شعوبها.
وأضاف أنه في ظل مبادئ وتوجهات الألفية الثالثة بات للحكومات أدوارا معاصرة تتعلق بمهام التمكين والتعزيز أكثر من التشغيل والإدارة وهي أدوار تتسق ومرئيات العديد من دول العالم ومبادئ وأهداف التنمية المستدامة 2030 التي تعول على استخدام الحلول الرقمية والتكنولوجيات المتطورة لتعزيز وتطوير بيئات الأعمال والهياكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهذا يتطلب رؤية مشتركة للحكومات حول إعداد الخطط الاستراتيجية والتشريعات والسياسات وسبل تسخير التكنولوجيات المتقدمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وأوضح أن دولة الكويت وضعت أولى لبنات نحو بناء الحكومة المعرفية من خلال إطلاق المركز الوطني للاقتصاد المعرفي الذي يضطلع بالعديد من المهام التأسيسية لبناء الاقتصاد المعرفي وفق رؤية دولة الكويت 2035 بالإضافة إلى بناء المؤشر المعرفي للمؤسسات العامة وتطبيقه في دولة الكويت بهدف قياس فجوات المؤسسة العامة بين الأداء والنتائج بالتعاون مع البنك الدولي مشيرا إلى أن هذا المؤشر كمبادرة كويتية ومسؤولية معرفية نتشارك فيها مع الدول بخبراتها وقدراتها لتعزيز وتحسين أداء الحكومات وأجهزتها ومؤسساتها بما يتسق ومتطلبات الألفية الثالثة وأهداف التنمية المستدامة 2030 وتلبية لطموح الشعوب.