رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


المفتي: عملية التنمية لا تقوم إلا بالوعي لدى كل مواطن وتماسك المجتمع ونبذ التعصب

31-3-2022 | 14:22


جانب من اللقاء

نعمات مدحت

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن عملية التنمية في الحقيقة ترتكز على العديد من العناصر التي لا تقوم إلَّا بها، وإن أبرز تلك الركائز هي الوعي لدى كل فرد ومواطن بحقيقة العملية التنموية، وبدوره في تحقيقها، وما ينعكس على حياته الخاصة والمجتمع ككل جرَّاء تحقيقها واقعيًّا".

وأكَّد فضيلة المفتي أن المواطن يجب أن يشعر بشراكته المؤثرة في نهضة مجتمعه وتنميته، وأن ينفصل أخيرًا عن تلك القناعات السلبية التي تُلقي بكل الحِمل في تحسين جودة الحياة على الحكومات، وأن يؤمن بأن التنمية عملية مجتمعية كاملة يشارك فيها بالتساوي مع جميع المؤسسات في الدولة. 

جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في حفل إطلاق مبادرة "وعي من أجل الحياة الكريمة" التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي، بهدف تكوين كوادر دينية ومجتمعية وإعلامية لديها خطاب علمي وثقافي وديني موحَّد ومتكامل لنشر المعرفة وتطوير الوعي والاتجاهات الاجتماعية في الريف المصري. 

وأوضح فضيلة المفتي أنَّ الإيمان الذي نقصده يحتاج إلى وعي مجتمعي يشكِّل إطار القيم والمعايير السلوكية التي تساعد على ترسيخ ذلك الإيمان، ويسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة، وتذليل كل العقبات في طريقها. 

وأضاف أنَّ دار الإفتاء أدركت مبكرًا أهمية نشر الوعي الصحيح، وتعديل القيم والسلوكيات السلبية في المجتمع، وتعزيز القيم التنموية الإيجابية. 

وتابع: بأنه لَيسعدنا في دار الإفتاء أن نرى تلك المبادرات التكاملية التي تسعى إلى التعاون المشترك بين مؤسسات الدولة في تحقيق ذلك الهدف المشترك النبيل، وكان للدار العديد من التجارب السابقة مع مؤسسات الدولة بكل المجالات، انطلاقًا من استشعار الدار لمسؤوليتها ودَورها الوطني في تحقيق التنمية والتقدم المأمول لبلدنا الحبيبة مصر". 

وأكَّد فضيلة المفتي أنَّ دار الإفتاء المصرية تلقَّت تلك المشروعات الكبرى التي أطلقها الرئيس السيسي بحماسة شديدة ورغبة في المساهمة الحقيقية لإنجاز تلك المشروعات، وخاصة المشروعات التي يبرز دور دار الإفتاء فيها لتعلُّقها بالبنية الفكرية والثقافية للمجتمع المصري، وهو ما يعدُّ دَورًا أصيلًا للمؤسسات الدينية الوطنية. 

وأشار إلى أنَّ الدار كان لها دور ملموس وظاهر في ذلك الإطار، فعلى صعيد تنمية الأسرة المصرية وقضايا السكان كان للدار جهد كبير في محاولة الحفاظ على استقرار الأسرة وبنائها المترابط؛ حيث خصَّصت الدار مركزًا للإرشاد الزواجي ووجَّهت تلك الخدمة في حل المشكلات بين أفراد الأسرة، ويتمُّ في جلسات الإرشاد الأسري بحث مسائل الطلاق بحضور أمين الفتوى إلى جانب متخصصين في علم النفس والاجتماع؛ فضلًا عن رصد أهم المشكلات والمستجدات المتعلقة بالأسرة، وبخاصة الطلاق؛ لدراستها والعمل على حلِّها بإيجاد معالجة شرعية من خلال اعتماد اختيارات فقهية تعدُّ مخارجَ شرعية لكثير من حالات الطلاق؛ مراعاةً لأحوال الناس، وتحقيقًا لمصلحة بقاء العلاقة الزوجية. 

وأضاف أن الدار كان لها عدة تدابير وقائية من أجل تحصين بناء الأسرة؛ حيث أطلقت في الأعوام الأخيرة عدَّة دورات وبرامج متخصصة في هذا الشأن، كبرنامج "تأهيل المقبلين على الزواج" الذي يهدف إلى توعية الشباب غير المتزوج، ومساعدتهم على الاختيارات المناسبة وكيفية الارتباط للزواج وإقامة أسرة ناجحة؛ وذلك باستخدام الطرق التوعوية الحديثة من الإرشاد النفسي والشرعي. 

وبخصوص التصدي لظاهرة العنف الأسري ذكر فضيلة المفتي أن الدار بيَّنت أن هذا السلوك يتعارض مع مقاصد هذه الحياة الخاصة في طبيعتها، حيث مبناها على السكن والمودة والرحمة، بل يُهدِّد نسق الأسرة بإعاقة مسيرتها وحركتها نحو الاستقرار والأمان والشعور بالمودة والسكينة، ومن ثَمَّ تحويلها لتكون موطنًا للخوف والقلق والشجار المستمر ونشر الروح العدوانية، فضلًا عن مخالفة هذا العنف لتعاليم الإسلام؛ وظهر ذلك في فتاوى الدار ومخرجاتها، وكان آخرها برنامجًا وثائقيًّا قصيرًا تحت عنوان مشروب دافئ يعرض في دقائق قصيرة كبسولات لأهم تلك الإشكاليات والسلوكيات وطرق علاجها.

وقال: "إن دار الإفتاء تعي تمامًا ما يمكن أن يفعله الإدمان من تدمير لخطط البناء والتنمية في الوطن؛ ولذلك كان للدار جهودها المتواصلة في التصدي لظاهرة الإدمان؛ فأطلقت الدار عدَّة حملات إلكترونية للتحذير منه، وتضمَّنت أول رسائلها أن لا تحاول أيها الشاب إرضاء ضميرك وإقناع نفسك بأن تناول المخدِّرات مباحٌ، وتعلِّل ذلك بأنه لم يرد فيها نصٌّ بخصوصها؛ فالإجماع منعقد على تحريم كل ما يُذهب العقل ويضرُّ بالبدن ويُضيِّع المال، وتتابعت فتاوى الدار مبيِّنةً حكم تناول أنواع المخدِّرات وخاصة الأنواع الجديدة وأحكام بيعها والمتاجرة فيها والعقوبات المستحقة لتعاطيها والاتِّجار فيها سواء في الدنيا، أو العقاب الأخروي الذي ينتظرهم". 

وأضاف أن الحياة الكريمة التي نبتغيها تقتضي مجتمعًا متماسكًا ينبذ التعصب ويُعلي من قِيَم التعايش والمواطنة كان لدار الإفتاء دورها الكبير في ذلك الشأن، خصوصًا بإنتاجها المتواصل المحارب لكافة مظاهر التطرف الذي يُعد عائقًا رئيسيًّا للمواطنة ولتحقيق التنمية الشاملة، فأصدرت الدار عددًا من الدراسات النوعية الهادفة لتفكيك الفكر المتطرف، كما أطلقت عددًا من المشروعات الهادفة، كالمؤشر العالمي للفتوى والدليل المرجعي الأول من نوعه لمواجهة التطرف والتعامل مع الأفكار والأشخاص المتطرفين، بجانب الفتاوى المتعلقة بقيم المواطنة وموقعها من الإسلام. 

وأشار إلى أن الدار قد أَوْلَتِ اهتماهًا بذوي الهمم باعتبارهم جزءًا من المجتمع، ودَعَمت العمل على توفير كل سبل الحياة الكريمة والمناسبة لهم، وكان اتجاه الدار واضحًا في دعمهم دعمًا لا حدود له، وإعلامهم دومًا بأنهم في القلب من هذا الوطن. 

وإيمانًا من الدار بضرورة مواكبة التطورات المتلاحقة في عالم الاتصالات لضمان وصول رسالة الدار التوعوية لأكبر عددٍ ممكن من المواطنين في الداخل والخارج أوضح مفتي الجمهورية أنَّ الدار سعت إلى زيادة حضورها عبر منصات «السوشيال ميديا»، بهدف الوصول لشريحة الشباب من كل الجنسيات؛ وعملت على تطوير البوابة الإلكترونية الخاصة بها لتوائم متطلبات العصر، كما وضعت الدار خلال العام المنصرم استراتيجية للتواصل الديني الفعَّال مع الخارج. 

واختتم المفتي كلمته بقوله: "إن دار الإفتاء المصرية يُشرفها دومًا أن تكون طرفًا في كل الشراكات التي تسعى لدعم المواطن والمجتمع، وتحقيق المشروعات الوطنية الكبرى، وتدعو الجميع لدعم تلك المبادرة الكريمة، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه صالح الوطن والمواطن".