وكيل الأزهر: القيادة السياسية قدمت دليلا على أهمية الوعي بمتطلبات المرحلة الحساسة التي يمر بها الوطن
قال وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني إن القيادة السياسية قدمت دليلًا واضحًا على أهمية الوعي بمتطلبات المرحلة الحساسة التي يمر بها الوطن حين أعلنت عن مبادرة (وعي من أجل التنمية والحياة الكريمة) الرئاسية التي تعد الأكبر تمويلُا والأنبل أهدافُا والأعظم غاية.
وأضاف الضويني - في كلمته اليوم /الخميس/ خلال مبادرة وزارة التضامن الاجتماعي (وعي من أجل التنمية والحياة الكريمة) والتي جاءت بعنوان (خطاب علمي وثقافي وديني وقانوني موحد ومتكامل) - أن هذه المبادرة تهدف إلى توفير حياة كريمة للمواطن المصري، حيث تلقت مؤسسات الدولة هذا الوعي فترجمته في برامج جديدة، كل جهة فيما يخصها من أجل تحقيق أهداف تلك المبادرة.
وأوضح أن لكل أمة ثوابتها وأخلاقها وآدابها وأعرافها وعاداتها التي تشكل شخصيتها، وتحفظ كيانها، وتضمن وجودها وتميزها عن غيرها من الأمم، وتجعل لها هوية خاصة، والأصل أن مكونات هذه الهوية تتوارثها الأمة جيلا بعد جيل، ويتناقلها أبناء الأمة رعيلا بعد رعيل صافية نقية.
وأكد أن المجتمع المصري يتميز بمجموعة من الصفات عرف بها في كثير من بلاد العالم، وبمقدمة هذه الصفات الترابط الكبير داخل الأسرة المصرية وداخل المؤسسات المصرية.
وتابع أن المبادرة جاءت انطلاقًا من إيمان واع بأهمية تحسين سلوكيات الأفراد، كهدف مكمل لعملية البناء يضمن التوظيف الصحيح للخدمات التي تقوم الدولة بتحسينها لخدمة الإنسان والاستثمار في الأجيال القادمة، والتي تمثل الركيزة الأساسية لمبادرة حياة كريمة.
ولفت إلى أن هذه المبادرة من الخطوات الرائدة التي تتم على الأرض بهدف تغيير حياة كثير من المصريين من خلال مجموعة برامج طموحة للتعامل مع التحديات التي تواجه المواطنين من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والخدمية والبيئية، بما يكفل للمواطن الحياة الكريمة، وبناء الوعي الحقيقي، الذي يمكن من خلاله ضمان بناء الإنسان المصري بالصورة السليمة التي تفرز مواطنا يستطيع مواكبة التطور الجاري بالدولة والعالم ضمن أهداف رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030.
وأضاف أن الأزهر يمد أياديه بالخير للجميع إيمانا بواجبه وقياما بدوره، مؤكدًا أن كل الجهود التي بذلها ويبذلها الأزهر الشريف تأتي وفق نصوص إسلامية تحفظ على الإنسان حق الحياة، وتحيطه بسياج من التكريم والحماية، معلنة أن هذا الدين العظيم كفل للإنسان وللحيوان وللنبات بل وللجماد كل حقوقه؛ ليحدث التناغم والانسجام بين عناصر الكون، وليسعد الإنسان الذي سخر له الخالق الكون كله في حياته ويؤدي رسالته كاملة.
وأكد أن الأزهر لا يدخر جهدا في الإسهام بفاعلية كبيرة وبكل أدواته في تنفيذ الأهداف القومية التي يرجع خيرها على المواطن، موضحًا أن المبادرات الطيبة والرؤى المستنيرة تقوم على جانبين: مادي من موارد متنوعة، ومعنوي من قيم وتوعية وتوجيه.
وقال إن الأزهر لم يتأخر في الجانبين حيث عمل الأزهر على دعم وتأكيد الأمن المجتمعي الذي يرتبط تحقيقه ارتباطا مباشرا بالتنمية والبناء وتقدم الأوطان،؛ فباستقرار أمن المجتمع تنطلق عجلة التنمية، وهو ما يترتب عليه تقدم الدولة، وقوة اقتصادها، وتحقيق حياة أفضل لمواطنيها وباختلال أمن المجتمع تستنزف الثروات والموارد، وتتراجع التنمية.
وأضاف أن الأمن المجتمعي كان أحد المحاور التي عني بها مؤتمر الأزهر للتجديد حيث ناقش المؤتمر في هذا المحور عددًا من القضايا المتعلقة بالمجتمع وسلامة أفراده ومنها المخدرات وأثرها على شباب الأمة، وخطورة الشائعات على المجتمع، والتوصيف الشرعي لجرائم القتل والاعتداء والترويع، ومقاومة الفساد، وجرائم الثأر، وواجب الدول والمجتمعات والمؤسسات في مواجهة جماعات التطرف والتشدد والعنف، وواجب الدولة نحو حماية أخلاقيات المجتمع من مخاطر وسائل التواصل ووالمواقع الضارة وغير ذلك من محاور، ولم يكن هذا المؤتمر الذي يعالج هذه الأفكار الأول ولن يكون الأخير ولم تكن المؤتمرات وحدها أداة الأزهر في تأكيد الأمن، بل تنوعت الأدوات والآليات.
واستعرض الجهود التي قدمها الأزهر على أرض الواقع من أجل تحقيق الأمن المجتمعي، مؤكدًا أن هذه الجهود لم تتوقف عند حد المعالجة النظرية بل سلك الأزهر طريقا عمليا من خلال عدة مسارات منها، اللجنة العليا للمصالحات وهي لجنة مخولة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإصلاح ذات البين، والعمل على رأب الصدع بين المواطنين، والقضاء على عادة الثأر، بما يؤدي إلى تحقيق أمن الوطن واستقراره وحفظ الأرواح والأعراض والممتلكات.
وأضاف وكيل الأزهر أن ثاني هذه الجهود يتمثل في التعاون مع مؤسسات الدولة مثل وزارات الدفاع، والداخلية، والشباب، والتربية والتعليم والتضامن الاجتماعي؛ لتنفيذ برامج دعوية وتثقيفية مختلفة، أما ثالث هذه الجهود هو مواجهة فوضى الفتاوى، حيث أعد الأزهر خططا متنوعة من خلال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ولجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، ولجان الفتوى المنتشرة في كل مدن الجمهورية ومراكزها؛ لمواجهة فوضى الفتاوى التي تصدر عن غير المؤهلين، ولحماية المجتمع من النتائج السلبية لتلك الفتاوى المضللة التي تخالف سماحة الإسلام.
وأوضح أن رابع هذه الجهود هي القوافل الطبية والإغاثية الدولية، حيث شهد الأزهر خلال الفترة الأخيرة نشاطا مكثفا للقوافل الطبية والإغاثية داخل مصر وخارجها، وذلك في إطار تضافر الدور الدعوي والاجتماعي للأزهر ومعايشته لهموم المجتمع ومشكلاته، بحيث يتكامل القول الطيب مع الفعل الجميل.
وتابع أنه في الأعوام الماضية أرسل الأزهر قوافل طبية وإغاثية دولية إلى نيجيريا، وجنوب السودان، وبوركينا فاسو، وتشاد وغزة وغيرها محملة بأطنان من الأدوية والمواد الإغاثية، للتخفيف من معاناة المحتاجين وآلام المرضى، كما انتشرت قوافل الأزهر الطبية في ربوع مصر، وبخاصة المناطق الحدودية والنائية، في بئر العبد، بشمال سيناء، ومنطقة نصر النوبة بمحافظة أسوان، والواحات البحرية، وحلايب وشلاتين، ومحافظة سوهاج، وجنوب سيناء.
وأشار إلى جهود الأزهر بمجال مكافحة التطرف والإرهاب وذلك انطلاقا من المسئولية الدينية والتاريخية والدور الريادي للأزهر، حيث تبنى الأزهر وإمامه الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب موقفا واضحا وسياسة رصينة لمكافحة التيارات الفكرية المنحرفة، ترتكز على الرفض التام والإدانة الفورية والعاجلة لكافة أشكال الإرهاب، مع التأكيد المستمر أن الإسلام بريء من كل ما تقوم به هذه العصابات المنحرفة، التي تنفذ أجندات خارجية وتهدف إلى تشويه صورة الإسلام وتناقض سماحته، مع تفنيد شامل لكل الأفكار التي تروجها تلك الجماعات، مبينًا أن هناك مشاركة فعالة مع وزارة الأوقاف والإفتاء لمواجهة الأفكار المتطرفة، لحماية المجتمع.
ولفت إلى جهود وحدة لم الشمل؛ وهي وحدة لها مستقبل مشرق تهتم بحل الخلافات الأسرية وتأهيل الشباب المقبلين على الزواج لمواجهة خطورة الخلافات الأسرية والقدرة على حلها، والتي تجوب محافظات الجمهورية، وأخيرا وحدة «بيان» لمكافحة الإلحاد والفكر اللا ديني، حيث تقوم الوحدة بمتابعة الشبهات الإلحادية المثارة في وسائل الإعلام، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والرد عليها، وعقد لقاءات مباشرة للحوار والمناقشة.