تمام الكلام.. رمضان كما يجب
ساعات قليلة ويزورنا شهر رمضان الكريم.. هذا الضيف الربانى النورانى القرآنى الفريد بين أقرانه من الشهور، والذى ما إن يدخل بيوتنا، إلا ويملؤها بالبهجة والفرحة والخير الفياض والرحمة والتراحم قبل كل شيء، فنستظل بها لثلاثين يومًا فقط من 365 يوم، بقية ما نحياه من السنة الواحدة .
نشعر فيه بحلاوة لا تضاهيها حلاوة، حلاوة الارتواء بعد الظمأ، حلاوة الشبع بعد الجوع، وتسبقهم جميعا حلاوة الإيمان والارتواء الحقيقى من نور حروف آيات قرآننا العظيم ومحبة الحرص على التواصل والاتصال الدائم به طوال هذه الأيام الثلاثين المباركة.
نعم إنها أيام تقاس بالذهب وتوزن بالماس وأغلي ما يمتلكه البشر على هذه الأرض السخية الطيبة، هذه الصور الجميلة يشتد وميضها بهذه البقعة الآمنة.. أرض الأنبياء، أرض الفيروز.. مصر الحبيبة، حيث نستشعر ونتلمس فيها ونرى بقلوبنا وأعيننا أروع صور الرحمة والتراحم بين ساكنيها من كل المستويات، بالبيت والشارع والقرى والمدن وكل الأمكنة التى تحتوى النفس البشرية.
ففى مصر، التى تنبض حياتها بشوارعها وكأنها لوحة بشرية صورها الخالق عز وجل فى أبهى إبداع وتفرد، نرى كما تزين الفوانيس بألوانها المضيئة الخلابة شرفاتها.. تتراص موائد الرحمن فى معظم طرقاتها.. فلا يضيع أبدا على أرضها أي مستجير سواء كان فقيرًا أو عابر سبيل.
حقيقة والحمد لله.. فبالرغم من غلبة القسوة التى باتت سمة العصر الآن، ربما لانتشار واستئثار الآلة فى كل التعاملات البشرية بحكم تطور التكنولوجيا السريع جدا، إلا أنه ما زالت رائحة الرحمة تنتشر بين أهل مصر، رغم ما تمر به من ظروف تحاول جاهدة أن تنتصر عليها بكل قوة وإباء وطيبة نعهدها دائما فى أبنائها الأوفياء المخلصين من الكبير إلى الصغير عمرًا ومقامًا.
هذه الرحمة والمحبة يجب علينا جميعًا وخاصة من قبل الآباء والأمهات والمسؤولين ورجال الأزهر الشريف، أن نرويها بكل قوتنا النابعة من مبادئ وأخلاق أسلافنا السابقين التى هي بمثابة وسام شرف وكرامة على صدورنا.
أن نسعى جاهدين على رعاية وتقوية صلتنا بديننا العظيم، الذى احتوى وأرسى كل الأساسيات والمبادئ السامية بالحياة.
أن نسعى لكى تمتلئ مساجدنا بأولادنا وشبابنا عماد الأمة.. لأداء الصلوات بوقتها وصلوات التراويح، زينة شهر رمضان الكريم وعلى النساء والفتيات أن يحرصن على نفس الرحمة الربانية في بيوتهن، وأن نحثهن على قراءة القرآن العظيم، شفيعنا فى قبورنا وختامه مرة واثنتين وثلاث، وأن نخلص فى دعائنا لله جل علاه.
فعلى مشايخنا الكرام أن يشدوا من أذرهم كثيرًا لمساعدة أبنائنا، لتحقيق هذا الأمر.. فشهر رمضان فرصة لتجديد إيماننا.. لتتفتح أزهاره وارفة فواحة.
فالمسلسلات التليفزيونية وما أكثرها هذه الأيام وتنافسها الشرس من أجل إلهاء العابدين الصائمين عن اقتناص ثواب هذا الشهر الكريم باقية وستبقى "مغرقة السوق وعلى الأرصفة" كما يقولون.. طوال ما تبقى من السنة.
فلا تخدعكم هذه الحكايات الرتيبة المكررة والمشوهة لمجتمعنا المصري الأصيل عن ترياق الإيمان وسفينة الإنقاذ، الشهر العظيم.. رمضان الكريم.