أكد الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية ، أن الله تعالى فرض الصيام على المسلمين كما فرضه على الأمم السابقة وإن كان لكل أمة من الأمم نوع وشكل معين من الصيام، وذلك كما جاء في قول الحق تبارك وتعالى في سورة البقرة :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183).
وأضاف المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، في الحلقة الأولى من برنامج "آيات محكمات" والذي نتناول فيه شيء من أنوار القرآن الكريم في شهر القرآن، والذي تقدمه وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم قائلا: يخاطبنا سيدنا عبد الله بن مسعود.
يقول أول ما تسمعون " يا أيها الذين آمنوا " انتبه أيها المؤمن. لماذا. لأن الله يخاطبك سيطلب منك أمرا لتفعله أو ليدلك على شيء فيه نهي فتجنبه أو سيدلك على أمر فيه أمر إباحة فتفعله أو لا تفعله كما تريد، ومن ثم أول ما نسمع قول الحق "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" ننتبه ونقول نعم يا سيدي نعم يا خالقي نعم يا ربي ماذا ستفرض علي، ماذا تريد مني أن أقوم به أو انتهي عنه والأمر والنهي كلاهما في مصلحة الإنسان.
وتابع وأحب أن أنبه في بداية الأمر أن الله عز وجل لم يجعل التكليفات ليعنت الناس أو يتعبهم. أبدا وإنما يكلفهم بما في طاقتهم يقول تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" ، إذاً طاعتك على قدر طاقتك ، ولكن هل معنى ذلك ألا توجد مشقة. نعم هناك مشقة بسيطة نتحملها من أجل أن نأخذ الأجر . قالوا الأجر على قدر المشقة، ولذلك نقول لك المشقة هنا نسميها في الفقه (المشقة المتحملة) أما المشقة غير المتحملة فلا توجد في الشريعة الإسلامية وإنما متحملة فيها كلفة وتكليف بالقيام بعمل ما أو الامتناع عن عمل ما.
وأشار إن الله فرض علينا الصيام في شهر رمضان وبين لنا أنه سبحانه قد فرضه على الأمم السابقة من خلال هذه الآية الكريمة، وأنها كانت تصوم. قد يكون الصيام مختلفًا بين الأمم في تفاصيله، ولكن جاء في شريعة الإسلام أن الصيام نية وفعل وامتناع عن عمل في وقت محدد من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وحتى يتحقق الصيام يجب أن تكون هناك نية وأن يمتنع الإنسان البالغ العاقل عن المفطرات والمفطرات ـ الأكل والشرب وممكن الجماع والشهوات ـ بمعنى آخر كل ما ينهى الله عنه من المفطرات من الفجر إلى غروب الشمس، وهما ركني الصيام النية وأن انتهي عن المفطرات بين الفجر وغروب الشمس ثم أتموا الصيام إلى الليل.
ولفت إلى أن الله عندما خاطبنا وقال "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " لم يقل وما قال سأكتب عليكم ، وإنما قال "كتب" وكأنه أمر قد فرغ وانتهى يعني هذا أمر انتهى وقضاء مبرم ليس لنا فيه اختيار نعم ولكن يريد أن يقول أنا كتبته نعم وفرضته نعم. أي أنه قضي الأمر فيه وبالنسبة له، ولكن لمصلحتك أيها المؤمن ولا تظن أنك وحدك في هذا الميدان أو أنكم يا أمة محمد تصومون وحدكم، بل الأمم السابقة قد صامته من قبلكم.
وأوضح أن الفائدة من الصيام تأتي في نهاية الآية مباشرة "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، بمعنى يا من تريد التقوى عليك بأداء فريضه الصيام في رمضان، ولهذا نقول من أول يوم أهو في شهر رمضان: علينا أن نصوم رمضان كما جاء عن سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلم ) من أجل الثمرة الأخروية وهي الوصول إلى مرتبة التقوى فإن وصلت إلى مرتبة التقوى يكون صيامك صحيحًا إذا صمت بالأركان وبالتقوى وبإقامة الشروط وكما كان يصوم صلى الله عليه وسلم باجتناب المحارم والغيبة والنميمة والكذب وإقامة العبادات ونفع الناس والمشي في نفع الناس. اعلم أنك في آخر رمضان أحسن ثمره تحصلها أنك صرت من المتقين وتكون من أهل الجنة. يقول سيدنا عبد الله بن عمر: ليتني أكون من المتقين، فسئل لماذا : قال لأن الحق تبارك وتعالى يقول "إنما يتقبل الله من المتقين" لو علمت بأن الله قبل مني ركعتين كان أحب إلى من كذا وكذا، فمن اتقى الله في العمل قبله منه، ومن لم يتقه لم يقبله منه. والتقوى في العمل: أن يأتي به على وجه إكمال واجباته الظاهرة والباطنة، اللهم اجعلنا وإياكم من المتقين وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال تقبل منا الصيام والقيام وأن يزيدنا في طاعته وأن يستخدمنا ولا يستبدلنا ويجعلنا دائما في معية حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.