المقاهي التاريخية | "الزهراء".. شاهد على عصر الضباط الأحرار
لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزءا يمثِّل تاريخا مهما من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض.
فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها...
مقهى الزهرء
يقع مقهى الزهراء بحي الحسين، بالقرب من مقهى الفيشاوي، وهو من أشهر مقاهي القاهرة، ويمتاز بجو ساحر خاصةً في شهر رمضان الكريم، كما له مذاقه الخاص في الليل، مع أصوات الناس وضحكاتهم المتواصلة، ورائحة الشاي، وأصوات أنفاس الشيشة، ومرح الأصدقاء، ووفود الآباء والأجداد، وإلى غير ذلك فأنت تجلس في مكان ذات أصالة وتاريخ.
تأسس المقهى منذ حوالي قرن من الزمن وأكثر، تقريبًا في عام 1907م، بدأ كمقهى صغير بحي الحسين لتقديم المشروبات والشيشة، لأبناء المنطقة والمناطق المجاورة، حتى تحول بين ثلاثينات وأربيعينات القرن الماضي مستقطبًا رجال المجتمع ونجومه، من بهوات وبشاوات ورجال السياسة والفكر والأدب، وبعض من مسؤولين الدولة، ونجوم الفن والطرب.
كما اشتهر المقهى بتوافد كبار القراء والمبتهلين إليه من الشيوخ، أمثال، الشيخ نصر الدين طوبار، والنقشبندي، ومحمود طنطاوي، وغيرهم.
وكان يستقطب المقهى مجموعة محددة من العازفين على الناي والعود والمطربين في أمسيات جميلة للطرب الأصيل والموسيقى العربية، وقد جذب المقهى في تاريخه الحديث السياح الأجانب، الذي يتوافدون إلى المقهى باستمرار.
ويعد مقهى الزهراء أحد شهود التاريخ المصري في الكثير من أحداثه المهمة، وقد شارك الكثير من رواده في صناعة هذا التاريخ، ومن ضمنهم الضباط الأحرار، قبل الثورة، والسيدة أم كلثوم التي كانت في جولة بمنطقة الحسين ورأت زبائن المقهى يهتفون لها فجلست بينهم.