رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مساجد مصر| عمرو بن العاص.. «تاج الجوامع» أول مساجد مصر وإفريقيا

2-4-2022 | 17:37


مسجد عمرو بن العاص

عبدالله مسعد

قديما كان يطلق على القاهرة مدينة الألف مئذنة لكثرة عدد مآذن المساجد بها، والتي بلغ عددها 500 مسجد، ربما قيلت تلك المقولة قديمًا، قبل أن تنهار مئات المآذن بفعل الكوارث الطبيعية، مثل زلزال 1302 ميلادية، أو حتى زلزال 1992، وكذلك بفعل حرائق الفسطاط، أو تتابع الدول والممالك على مصر، أو ربما قيلت فى مرحلة متأخرة، وزادت عدد المساجد بشكل كبير خلال القرون الأخيرة، حيث أن بيانات إحصائية أخيرة قالت إن إجمالي عدد المساجد والزوايا الموجود بمصر بلغ 132 ألفًا و809 مساجد وزاوية، منها 102 ألف و186 مسجدًا، و30 ألفًا و623 زاوية.

ونستعرض معكم عبر بوابة "دار الهلال"، خلال شهر رمضان الكريم، يوميًا، أحد أشهر المساجد التاريخية في مصر، ونتناول اليوم مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة، ويشهد في الأيام الحالية أعمال تطوير وتجديد ضمن أعمال تطوير القاهرة التاريخية.

جامع عمرو بن العاص أنشئ عام 21 هجرية بعد فتح مصر، وهو بمثابة تحفة معمارية فريدة في القاهرة، إذ أنه كان يشترط وقتها أن تضم المدينة الإسلامية مسجدًا جامعًا لأداء صلاة الجمعة والصلوات الخمسة اليومية.

كان المسجد في البداية عبارة عن مساحة صغيرة، وقد بني بالطوب اللبن، وكان سقفه محمولًا على جذوع النخل، وكان محرابه مسطحًا، ثم زادت المساحة الكلية للمسجد تدريجيًا حتى صار في العصر الأموي مكونًا من صحن أوسط مكشوف محاط بأربعة أروقة أعمقها رواق القبلة.

ويعلو مسجد عمرو بن العاص مئذنتان، إحداهما في المدخل والواجهة، والثانية فوق الزاوية القديمة، وهما ذاتا طرز عثمانية إلا أنهما قصيرتان، وسمي الجامع بالعديد من الأسماء، مثل الجامع العتيق، أو تاج الجوامع.

وفي عام 53 هجرية أضيف للمسجد منارات على هيئة أبراج تشبه تلك التي توجد في الجامع الأموي، وفي العصر العباسي زيد في مساحته حتى وصلت إلى ما يقارب مساحته الحالية.

يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق قبلة المسجد قبة ضريحية يعود تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، ونوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي، وللجامع مدخل رئيسي بارز يقع في الجهة الغربية ويتوج واجهات الجامع من الخارج من أعلى شرفات هرمية مسننة.

وشهد جامع عمرو بن العاص العديد من التجديدات والتوسعات طيلة تاريخه، فقد تم هدمه وتوسعته أكثر من مرة، أولها في عهد مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية بن أبي سفيان وأقام فيه أربع مآذن، ومن أهم التعديلات بالجامع كانت في عهد قرة بن شريك والي مصر أثناء خلافة الوليد بن عبد الملك الأموي، وذلك خلال الفترة من عامي 709 حتي 715 ميلادي، فقد قام  بهدمه وزاد في مساحته وأنشأ فيه محرابًا مجوفًا، ومنبرًا خشبيًا ومقصورة.

وفي الدولة العباسية ابان حكم المأمون، وكان الوالي علي مصر عبد الله بن طاهر، قام بتوسعة المسجد حتي وصل إلى 112 مترًا في 120 مترًا، وفي عهد الدولة الطولونية، قام خماروية ابن طولون بإعادة عمارة ما تهدم من المسجد، وهو ما تكلف 6400 دينار، وفي عهد الدولة الأخشيدية زادت أعمال الزخرفة، من طلاء بالذهب والفضة ونقوش الفسيفساء حيث اقاموه على 400 عمود من الرخام.

وأهم الأئمة والمشايخ الذين ألقوا دروسهم وخطبهم في الجامع العتيق، الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ثالث الأئمة الأربعة لدي أهل السنة والجماعة، وشيخُ الإسلام الإمام أبو الحارث الليثُ بن سعد، والشيخ أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، والمُلقب بسلطان العلماء وبائع الملوك وشيخ الإسلام، وصاحب السيرة عبد الملك بن هشام.

وبحسب البيانات الصادرة مؤخرا عن جهاز الإحصاء، فإن محافظة الشرقية تأتي في المركز الأول من حيث انتشار عدد المساجد والزاويا بها، يليها محافظة البحيرة، ثم القاهرة، وتمثل هذه المساجد تطورا في فن العمارة والتي تطورت تطورًا سريعًا ساير ركب الحضارة الإسلامية فتتعدد أشكالها وأساليبها تبعا لتعدد وتغير وظائفها، فالعمارة الإسلامية بدأت ببناء المساجد والأربطة فالمدارس والمصليات والخوانق والأسبلة والتكايا على أننا إذا أردنا أن نتتبع تطور العمارة الإسلامية وجدنا المسجد حجر الزاوية فيها، وعلى ذلك نجد أن أول عمل قام به الرسول صلى آله عليه وسلم عند هجرته من مكة إلى المدينة هو بناء المسجد في مربد التمر الذي بركت فيه ناقته وكان بناؤه بدائيا بسيطا فكانت مساحته 60 في70 ذراعًا وجدرانه من اللبن وسقف جزء منه بسعف النخيل وترك الجزء الآخر وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل، نهج بعد ذلك المسلمون هذا المنهج في بناء مسجد البصرة عام 14 هـ ومسجد الكوفة عام 18 هـو كانت مساجد الكوفة والبصرة خالية من المحاريب المجّوفة ومن المنابر والمآذن على غرار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.