د. أسامة فخري الجندي
معلوم أن الهَدِيَّةَ تكون بين طرفين، (مُهْدِي ومُهْدَى إليه)، وهذه الهَدِيَّةُ تُعَبِّرُ عن قِيَمِ الحُبِّ والوُدِّ والصِّلَة والتَّقْدِير، وما يحمله كلٌّ مِنَ الطَّرَفين للآخر من مكانةٍ وإِعْزَازِ وإِكْرَامٍ.
وتكون الهَدِيَّةُ من "المُهْدِي" بناءً على طاقاته وإمكاناته وقُدُرَاتِه وما يحمله من حُبٍّ وتقديرٍ وإجلالٍ للـــ"مُهدَى إليه"، وتكون الهَدِيَّةُ للـــ"مُهدَى إليه" معبّرة عن مكانته ومقدار حُبِّ وتَقْدِيرِ "المُهْدِي" له بها.
وأوَّلُ شيءٍ يُشْعُرُ به ويَنفَعِلُ لَهُ أيُّ إنسان أُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيّة هُو الفَرَحُ والسُّرُورُ بها وذلك قبل فَتْحِهَا؛ لأنها تُعَبِّرُ عن وُجُودِ مَنْ يُفَكِّرُ فيه ويَرْجُو لَهُ الخَيْرَ ويُحِبُّ له السَّعَادَةَ.
ثم إنه بعد ذلك يكون مُتَشَوِّقًا ومُتَشَوِّفًا ولديه الشَّغَفُ ([1]) لِفَتْحِ الهَدِيَّةِ لِيَرَى ما فيها، ويغلبه هنا حالٌ شريفٌ مِنَ الذَّوْقِ والأُنسِ والعُذُوبَةِ والرّقَّة، فَكَأَنَّ مُعَامَلَتَه هُنا مع الهَدِيَّةِ هي مُعَامَلَةٌ قَلْبِيّةٌ مع استدعاء حُبِّ وتقدير "المُهدِي إليه" هذه الهَدِيَّة.
وحين يقوم "المُهْدَى إليه" بفتح الهَدِيَّةِ رُبمَا يَجِدُ فِيهَا ما يُريحُ قلبَه وعَقْلَه ونَفْسَه وَوِجْدَانَه؛ لأنها غالبًا ستكون (أي: الهَدِيَّةُ) شيئًا كان يبحث عنه أو يرجوه أو يحتاجه أو يناسبُ ما يحبُّه، وهذا بالطبع يَعُودُ إلى ذَكَاءِ "المُهْدِي" الذي يُفَكِّرُ في طَبِيعَةِ ونَوْعِ ومَجَالِ الهَدِيَّةِ بما يكون سَبَبًا في أن يُدْخِلَ السُّرورَ على قَلْبِ "المُهْدَى إليه".
وشَهْرُ رَمَضَان هُو هَدِيَّةٌ من الله (عز وجل) لأمةِ سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ لذا يَجِبُ أن يَنفَعِلَ له كُلُّ مسلم، وانفعالُه الأَوَّلُ يكون بالفَرَحِ والسُّرُورِ، فليس شهرُ رمضان مجردَ اختزال في مجموعة من الإجراءات أو المظاهر التي تعوّدنا عليها، بل يجب أن نتعاملَ مع شهر رمضان على أنه هَدِيّةٌ مِنَ الحَقِّ (عز وجل)، فنتعامل معه بِرِقَّةٍ وأنسٍ وعُذُوبةٍ وإقبالٍ واستدعاء لِكُلِّ مَعَانَي المَحَبَّةِ وإِشَارَاتِها من أَشْوَاقٍ، وأَتْوَاقِ ([2])، ولَهَفٍ ([3])، وشَغَفٍ ([4])، وسَهَرٍ، وسُهَادٍ ([5])، ويَقَظَةٍ، وخُشُوعٍ، وخُضُوعٍ، واسْتِثْمَارٍ.........، وما شَابَهَ هذه المعاني اللطِيفَة.
نعم شهر رمضان هَدِيَّةٌ ؛ لأنه يحمل أرجى ما يريده الإنسان، فالله (عز وجل) يُعَمِّمُ فيه العَطَاءَ والجُودَ، من حيث الرحمة، والرضا، والحفاوة، والكرامة، والمغفرة، والرضوان، والعتق من النيران، وغير ذلك كثير من أبواب العطاء، التي جاء ذكرها في الكثير من الأحاديث النبوية المشرفة، والتي أشارت أيضًا إلى أنه لا يُحْرَم من هَذَا العَطَاءِ إلا كُلُّ خَاسِر، غير مُسْتَثْمِر لأنفاسه في هذا الزمان الشريف.
ولنقرأ معًا جملة من هذه الأحاديث التي تُخبر عن هذا الفضل العظيم وما أودعه الله (عز وجل) من هدايا لأمة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" ([6]) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : " إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ " ([7])
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ " ([8])
عَنْ جَابِرٍ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً " ([9])
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"([10])
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" ([11])
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ " ([12]).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)قال: قال رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ"([13])
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ... " ([14]).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ"([15]) .
عَنْ جَابِرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ"([16]) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ:" لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ " ([17]) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: "رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ"، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ"([18]).
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: آخَى النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَ رَجُلَيْنِ، قُتِلَ أَحَدُهُمَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، ثُمَّ مَاتَ الْآخَرُ فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا قُلْتُمْ؟ " قَالَ: قُلْنَا: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ؟ وَأَيْنَ صِيَامُهُ أَوْ عَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ؟ مَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ "([19]) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسَ خِصَالٍ لَمْ تُعْطَ أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ: خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أُطَيِّبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَتَسْتَغْفِرُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا، وَيُزَيِّنُ اللهُ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ " ثُمَّ قَالَ: " يُوشِكُ عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ الْمُؤْنَةَ وَالْأَذَى، وَيَصِيرونَ إِلَيْكَ، وَتُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فَلَا يَخْلُصُونَ فِيهِ إِلَى مَا يَخْلُصُونَ فِي غَيْرِهِ، وَيَغْفِرُ لَهُمْ آخِرَ لَيْلَةٍ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوفَّى أَجْرُهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ " ([20]) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " ([21]) .
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِهِ لَخُلُوفُ فِيِّ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" ([22]) .
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ "، قَالَ: " فَيُشَفَّعَانِ " ([23]) .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، قَالَ: [كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ].([24])
إن العطاءَ الإلهيَّ موجودٌ ، واستعدادَ كُلِّّ إنسان منا لاستقبال هذا العطاء الإلهي أيضًا مَوْجُودٌ، ولكن ينالُ كلُّ إنسانٍ مِنْ هَذَا العَطَاءِ الإِلَهِيِّ عَلَى قَدْرِ صِلَتِهِ بِرَبِّهِ سبحانه وتعالى، وعلى قَدْرِ صَلَاحِ نَفْسِه، وعلى قَدْرِ إقباله على الله (عز وجل)، وعلى قَدْرِ استثمارِه للأدوات والآليات التي تُمَكِّنُهُ مِن أن يَنْهَلَ مِنَ هذا العطاء، خاصة وأنَّ العَطَاءَ الإلهِيَّ لا يَنفَد أبدًا.
ونحن إذا مثّلْنَا العطاءَ الإلَهِيَّ بأنَّه كَنَهْرٍٍ جَارٍ ، وشبَّهْنَا اسْتِقْبَالَ الإنسانِ لهذا العطاء بأنه كالكُوبِ الذي يغترف من هذا النَّهْرِ الجَارِي، ثم وَضَعْنَا الكوبَ كاملًا في النَّهْرِ الجاري ليغترف منه ، ورأينا الكُوبَ وقد عاد ليس فيه شيء، فهل الإشكالية هنا في النهر الجاري، أم في الكُوب؟ لا شك أن الإشكاليةَ هنا في الكُوبِ ؛ لأن النَّهْرَ جارٍ وعطاءَه وَفِيرٌ ومُشَاهَد، فلا بد إذن من إصلاح الكُوبِ ليحسن معه الاغترافُ من هذا النهر الجاري، فعلى كل إنسان إذن أن يُصْلِحَ فيما بينه وبين الله؛ لينال من هذا العطاء.
فعلى قَدْرِ قُرْبِ قَلْبِكَ مِنَ الله ، على قَدْرِ قُرْبِ الله مِن قَلْبكَ.
انفَعِلُوا مَعَ هَدِيَّةِ رَبِّكُم (شهر رمضان)
([1])شُغِفَ فلان شَغْفاً. أَبو عبـيد: الشَّغفُ أَن يبلغ الـحب شَغاف القلب، وهي جلدة دونه. يقال: شَغَفَه الـحب أَي بلغَ شَغَافَه . ينظر : لسان العرب : (9/179) ، وما بعدها .
([2])أتواق جمع، مفرده: توق، والتوق معناه: الشوق إلى الشيء والنزوع إليه. ينظر: النهاية في غريب الحديث : (1/200) .
([3])لَهِف بالكسر، يَلْهَفُ لَهَفاً: أَي حَزِن وتـحسَّر، وكذلك التَّلهُّف علـى الشيء. وقولهم: يا لَهْف فلان كلـمة يُتـحسَّر بها علـى ما فات. ينظر : لسان العرب : (9/322) وما بعدها .
([4])شُغِفَ فلان شَغْفاً. أَبو عبـيد: الشَّغفُ أَن يبلغ الـحب شَغاف القلب، وهي جلدة دونه. يقال: شَغَفَه الـحب أَي بلغَ شَغَافَه . ينظر : لسان العرب : (9/179) ، وما بعدها .
([5])سَهِدَ:بالكسر يَسْهَدُ سَهَداً سُهْداً سُهاداً لـم يَنَمْ . ورجل سُهُدٌ: قلـيلُ النوم، وما رأيت من فلان سهدة أي أمرا أعتمد عليه من خير أو بركة أو خبر أو كلام مقنع ، وفلان ذو سهدة أي ذو يقظة وهو أسهد رأيا منك، والسَهود: الطويل الشديد، وفلان يسهد أي لا يترك أن ينام، ومنه قول النابغة : يسهد من نوم العشاء سليمها لحلي النساء في يديه قعاقع ، وسهدد : اسم جبل لا ينصرف كأنهم يذهبون به إلى الصخرة أو البقعة. ينظر لسان العرب: (3/224) ، والقاموس المحيط: (1/371) ، والعين : (4/5) .
([6]) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، بَابٌ: هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا، حديث رقم (1899).
([7])أخرجه الترمذي في أبواب الصوم، باب ما جاء في فضل شهر رمضان ، حديث رقم(682).
([8])أخرجه أحمد في مسنده، حديث رقم (9197) .
([9])أخرجه أحمد في مسنده، حديث رقم (14795) .
([10])أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ، حديث رقم (38)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، وَهُوَ التَّرَاوِيحُ ، حديث رقم (760)
([11])أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، بَابٌ: تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ، حديث رقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، وَهُوَ التَّرَاوِيحُ ، حديث رقم (759)
([12])أخرجه البخاري في كتاب الصوم، بَابٌ: هَلْ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ، حديث رقم (1904)، ومسلم في كتاب الصيام، بَابُ فضل الصيام ، حديث رقم (1151)
([13])أخرجه البخاري في كتاب الصوم، بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ، حديث رقم (1894)، ومسلم في كتاب الصيام، بَابُ فضل الصيام ، حديث رقم (1151).
([14])أخرجه البخاري في كتاب الصوم، بَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً، حديث رقم (1901).
([15])أخرجه ابن ماجة في كتاب الصيام، بَابٌ فِي الصَّائِمِ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ، حديث رقم (1753).
([16])أخرجه ابن ماجة في أبواب الصيام، بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ، حديث رقم (1643).
([17])أخرجه البخاري في كتاب الصوم، بَابٌ: هَلْ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ، حديث رقم (1904) ومسلم في كتاب الصيام، بَابُ فضل الصيام ، حديث رقم (1151).
([18])أخرجه مسلم في كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْكِبَرِ، فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ، حديث رقم (2551).
([19])أخرجه أحمد في مسنده ، حديث رقم (16074).
([20])أخرجه البيهقي في شعب الإيمان في الصيام ، في فضائل الصوم ، حديث رقم (3330).
([21])أخرجه أحمد في مسنده، ، حديث رقم (8057).
([22])أخرجه النسائي في السنن الكبرى ، في كتاب الصيام، في خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ في مسنده، ، حديث رقم (3037).
([23])أخرجه أحمد في مسنده ، حديث رقم (6626)، والطبراني في المعجم الكبير ، حديث رقم (88) .
([24])أخرجه البخاري في بدء الوحي، كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، حديث رقم (6) .