حدث في 2 رمضان.. "ابن خلدون" رائد علم الاجتماع ومرجع أوروبا فيه
يعتبر ابن خلدون هو من أشهر الشخصيات التاريخية العلمية، ومن أحد الشخصيات التي لها الفضل على العالم في إيصال العلم إلينا
وفق سيرته الذاتية فهو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون الحضرمي الإشبيلي، وُلِدَ بتونس سنة في 2 رمضان سنة 732هـ ويعود أصله إلى عائلة يمنية هاجرت إلى إشبيلية ولعبت دورًا كبيرًا في التاريخ العربي لهذه المدينة، وشاع ذكرها على امتداد القرن الثامن إلى أن أصبحت في القرن العاشر من أعرق العائلات بإشبيلية.
ولما تمكَّن ملوك الصليبيين من السيطرة على هذه المدينة نزح أجداده إلى سبتة ثم إلى تونس.
وفي كتاب (التعريف) لابن خلدون، يشير إلى أنه حفظ القرآن الكريم وألمّ بالقراءات السبع وعني بالتفسير والحديث، وتعمّق في النحو والفقه، ولم يقتصر في تلقي هذه العلوم على أبيه محمد، بل اتصل بكبار علماء تونس، ولم يبلغ الثامنة عشرة حتى أصبح طويل الباع في الفقه وعلوم الدين، كما درس علم الحديث وأحاط بأصول المنطق وآراء الفلاسفة وكتبهم
وبعد قضائه سنوات في خدمة حكّام إفريقية، ركب ابن خلدون البحر مهاجرًا إلى أرض أجداده (الأندلس) لينزل عند سلطان غرناطة آخر الممالك الأندلسية، وبعد سلسلة من المكايد والفتن التي حِيكت ضدّه، آثر الرجوع إلى إفريقية، واختار قلعة ابن سلامة بالجزائر ليقيم بها، ويباشر كتابة مؤلَّفه الشهير المعروف بتاريخ ابن خلدون، الذي قَدّم فيه نظريات جديدة في علمي الاجتماع والتاريخ .
عاش العلاّمة الكبير ابن خلدون في عصر مضطرب؛ تميز بالهزائم والانكسارات ليس على مستوى العالم فقط بل على مستوى الشخص أيضًا، فقد نُكِبَ غير مرة بأحبائه وأسرته، ولم يشأ له القدر أن يسكن بلدًا واحدًا، أو أن يمتهن عملاً محددًا؛ فقد تنقَّل من الأندلس حتى بلاد الشام، وشهد بنفسه تسليم غرناطة ودمشق.
ورأى ابن خلدون بأمِّ عينه انهيار الحضارات، وسيطرة القوي وغطرسته عند النصر، وقد التقى ابن خلدون ملكَ قشتالة (بدرو) أثناء محاولته بسطَ نفوذه على ما تبقَّى من مدنٍ قليلة ومنعزلة للمسلمين في الأندلس، والتقى أيضًا (تيمور لنك) وهو يحاصر مدن الشام وينهبها، ثُمَّ يحرقها، أي أنه رأى الانهياراتِ في شرق العالم الإسلامي وغربه، كما رأى كيف تموت الدول وكيف تنشأ.
وفي كتابه الأشهر والأضخم «العبر وديوان المبتدأ والخبر» جمع بين التأصيل والتأسيس والتجريد معاً، وجمع بين المنهج العلمي والنقدي، وقد فارق من سبقوه من المؤرخين في طريقة تبويب وفهرسة كتابه هذا فهو لم يصنفه بالتتابع التاريخي أو بالوقائع أو وفقاً للأسماء، وإنما خصص كتاباً في فصول متصلة لكل دولة على حدة، ويعتبر ابن خلدون- أيضاً- رائداً من رواد فن الترجمة الذاتية.
وعينه السلطان أبوعنان ملك المغرب الأقصي عضواً في مجلسه العلمي في فاس، ساقه طموحه للسفر إلى الأندلس ولقي حفاوة هناك، ولكنه تركها بعد فترة وحط الرحال في «بجاية» وظل على هذا الحال بين رضا ووشاية وسخط وفرار إلى أن هبط لمصر فلقي ترحيباً من أهلها وعلمائها، وسلطانها «الظاهر برقوق»، الذي ولاه قاضياً لقضاة المالكية ولاحقته الوشايات والمكائد المصرية فعزله السلطان
تُوُفِّي ابن خلدون بمصر سنة (808هـ= 1406م)، عن عمر يناهز (78) ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة؛ فرحمه الله رحمةً واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.