هوامش أرباح مافيا الأسواق تتضاعف والحكومة لا تعلم موجة الغلاء مستمرة حتى يونيه.. و«الدولار» شماعة رفع الأسعار
تحقيق: بسمه أبو العزم
سؤال بديهى يجول بخاطر أكثر من ٩٠ مليون مصرى ألا وهو « لماذا ترتفع الأسعار رغم الثبات النسبى لسعر الدولار ؟ .. والإجابة الوحيدة التى يمكن الاستعانة بها هنا هى أن الدولار تحول لشماعة يعلق عليها بعض المستوردين والمصنعين أغراضهم لتحقيق ثروات سريعة، فباعتراف كبار المستوردين، يتضح أن تحرير سعر الصرف كان سببا أساسيا فى ارتفاع الأسعار منذ نوفمبر الماضى، لكن للأسف الزيادات مبالغ فيها فى ظل انسحاب الحكومة وسماحها باختلاط الحابل بالنابل ليدفع المستهلك ثمن قرارات الحكومة الإصلاحية أضعافا مضاعفة .
منذ تحرير سعر صرف العملة (تعويم الجنيه)، وهناك زيادة شبه يومية للأسعار ، حيث شهد الدولار قفزات سعرية سريعة إلى أن استقر منتصف ديسمبر الماضى، وحتى الآن، ليتراوح السعر بين ١٨.٥٠ وبين ١٨.٧٥ جنيه، ورغم ذلك هناك استمرار فى زيادة الأسعار حتى المنتجات المصرية ارتفعت بحجة الدولار . وللأسف توقعات العاملين بالقطاع التجارى تؤكد استمرار مسلسل الغلاء حتى منتصف العام الجارى خاصة للسلع الغذائية، مؤكدين أن الأسواق لم تتحمل صدمة رفع الأسعار بشكل مفاجئ لذا كانت خطة المنتجين والمستوردين استمرار الرفع التدريجى للأسعار حتى تصل المنتجات إلى تكلفتها الحقيقية.
من جهته قال حمدى النجار ، رئيس الشعبة العامة للمستوردين : رغم أن قرار تعويم الجنيه جاء لتوحيد سعر الصرف، إلا أن مشكلة تعثر العديد من المستوردين فى الحصول على احتياجاتهم من الدولار لا تزال موجودة ويتم اللجوء للسوق السوداء والتى يزيد فيها السعر بحد أقصى نصف جنيه، وبالتالى سوق العملة لم ينضبط بشكل نهائى، والاستيراد مثل القطار لايمكنه التوقف مرة واحدة، فالمستوردون لديهم بضائع بالمخازن وأخرى فى الطريق بخلاف التعاقدات الجديدة، وبالتالى تثبيت الأسعار واستقرار السوق يتطلب ستة أشهر من بداية الزيادة فى نوفمبر الماضى.
«النجار» أرجع سبب استمرار ارتفاع الأسعار إلى استمرار توابع تحرير سعر الصرف والذى تسبب فى ارتفاع قيمة الدولار ١١٠ بالمائة يضاف إلى ذلك ضريبة القيمة المضافة ونسبتها ١٣بالمائة، وبالتالى هناك زيادة فى الأسعار لا يمكن أن تقل عن ١٢٣ بالمائة بخلاف ارتفاع أسعار الطاقة والسولار والنقل، ولايمكن إغفال السعر العالمى لبعض السلع والذى شهد ارتفاعا ملحوظا ، فمثلا تزامن قرار التعويم مع ارتفاع سعر اللحوم عالميا بنحو ٢٠٠ دولار للطن كذلك شهدت أسعار السكر العالمية قفزات كبيرة مؤخرا - على حد قوله.
وأضاف إن الصناع والمستوردين يعلمون جيدا أن السوق لن يتحمل رفع الأسعار دفعة واحدة بمعدلات تتجاوز ١٢٣ ٪ فهناك مقاومة من المستهلكين لزيادة الأسعار ومحاولات كبيرة للترشيد فى ظل ثبات الدخل ووصول قيمته الشرائية للنصف بعد تحرير سعر الصرف، فالبضائع تظل على الأرفف لعدة أيام, وبالتالى رفع الجميع الأسعار بمعدل ٥٠ بالمائة ثم تم تدريج باقى النسبة على مدار الأشهر التالية على مراحل لتصل المنتجات إلى تكلفتها الحقيقية، ومن المتوقع أن تشهد الأسعار ثبوتا، خلال يوينه المقبل بشرط عدم تجاوز الدولار حاجز ٢٠ جنيها.
وأضاف: عام ٢٠١٧ من أسوأ السنوات التى مرت على المستوردين والمصنعين فى التاريخ المعاصر، فالعديد من الشركات تتعرض لخسائر يومية بسبب عدم وصول السلع إلى تكلفتها النهائية، وبالطبع لايمكن إنكار وجود بعض الجشعين والذين يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر لكن الغالبية تعانى.
فى سياق ذى صلة، قال هانى المنشاوى، أحد كبار مستوردى ومصنعى الأسماك: الزيادة الأولى فى الأسعار عقب تعويم الجنيه حقيقية لكن الانفلات المستمر حتى الآن، ما هو إلا جشع مستوردين، فيتم بيع العديد من السلع بأعلى من قيمتها بحجة توفير سيولة نظرا لاحتمال ارتفاع قيمة الدولار مرة أخرى، فالأسعار ترتفع بشكل جنونى حتى إذا انخفض الدولار لن تقل الأسعار بنفس المعدل, فللأسف ارتفعت مؤخرا أسعار العديد من السلع بأعلى من المعدل الحقيقى لزيادة الدولار، وهناك سلع محلية خالصة لا توجد صلة لها بالدولار، ومع ذلك استغل منتجوها الظروف ورفعوا أسعارها، فمثلا مصر تستورد كميات كبيرة من الماكريل والسبيط والبورى والجمبرى ومع ارتفاع أسعارهم, فوجئنا بارتفاع جديد منذ أيام فى أسعار الأسماك المصرية بمعدل يتراوح بين ٤٠ إلى ٥٠ بالمائة، وللأسف هذه الزيادة لاتتناسب مع تكلفة الفرصة البديلة الخاصة بالمنتج .
«المنشاوى» - فى سياق حديثه- شدد على الجشع الذى يسيطر على الأسواق، وقال: حاليا نحن نمر بحرب اقتصادية ويستغلها البعض لتضخيم ثرواتهم ليطل علينا مجموعة من أغنياء الحرب الاقتصادية الجدد، وللأسف الدولة غير قادرة على التصدى لتلك الزيادة لأننا فى اقتصاد حر ، ما يعنى ترك الأسواق لقوى العرض والطلب وعدم فرض أسعار جبرية، والحل الوحيد يتمثل فى الدور المجتمعى عبر سلاح المقاطعة، واستحضار روح الفترة بين ١٩٦٧ حتى ١٩٧٣ من خلال سياسة «شد الحزام» والتخلى عن كافة السلع ذات الأسعار المرتفعة، فالتفاح المستورد سلعة استفزازية, وبالتالى إذا قاطع الشعب سلعة بها مغالاة حقيقية سيضطر منتجوها لتخفيض أسعارها .
من جانبه أكد ممدوح ذكى، رئيس شعبة المستوردين والمصدرين بغرفة الجيزة التجارية أن ٧٠ بالمائة من السلع التى ارتفعت أسعارها خلال الفترة الماضية سببها الجشع , مشيرا إلى أن المواد الغذائية هى السلع الوحيدة التى تستحق الزيادة الكبيرة لأن البنك المركزى كان يوفر لهم الدولار بالسعر الرسمى، وبالتالى بعد التعويم تضاعف السعر وبالتبعية تضاعفت التكلفة، أما بقية السلع تامة الصنع فكان المستوردون يدبرون احتياجاتهم من السوق السوداء حيث استمر سعر ١٨ جنيها مسيطرا منذ ستة أشهر، وبالتالى قرار السعر الحالى للدولار لم يختلف كثيرا ولم يكن هناك داع لتلك القفزات الكبيرة فى الأسعار