رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ماذا تفعل إذا أصبت بأزمة قلبية بعد منتصف الليل؟ تجربة ذاتية مع معهد القلب

8-2-2017 | 11:54


بقلم –  طارق سعدالدين

فى المنزل وأمام التليفزيون وبداية ألم أسفل الصدر ظننت أنه من المعدة، لأنه كان موجودًا ولكن بشكل خفيف منذ فترة.

الألم يشتد فجأة وبشكل غير محتمل مع عرق غزير رغم برودة الجو.. لا أدرى ماذا أفعل وأتأكد أنها أزمة قلبية، لأول مرة أواجه مثل هذا النوع من الألم، أذهب إلى أخى وأطلب منه أدوية الأزمات القلبية التى تستعملها أمى عندما تصاب بألم فى صدرها، أضع قرص (داينترا ٥ مجم) تحت لسانى ولكن لا شىء يحدث وبعد دقائق أضع قرصًا آخر ولكن الألم يشتد يضع لى أخى لصقتين من «النيتروديرم»على صدرى ولكن الألم يزداد شدة والعرق يزداد وقدرتى على الحركة تكاد تنعدم، أطلب من أخى إيقاظ ابن شقيقى ليأخذنى بسيارته إلى معهد القلب، لحسن الحظ كان موجودًا فى شقة والدته بالبيت فصحا من نومه وأخذنى بسرعة إلى معهد القلب.

مشهد (٢)

معهد القلب حوالى الساعة الثانية والنصف صباحًا من يوم الثلاثاء ١٠يناير الماضى، ما إن وصلت إلى باب طوارئ معهد القلب حتى قام بعض الشباب من العاملين بالمعهد بإحضار كرسى متحرك لنقلى إلى داخل طوارئ المعهد، زحام شديد من أقارب المرضى فى الخارج وزحام من المرضى والأطباء والممرضين فى داخل الطوارئ، أكبر الأطباء الموجودين يطلب من العامل الذى يدفع الكرسى المتحرك الذى يحملنى بتركى على الجانب حتى يجدوا سريرًا لى.. الدقائق تمر وأنا أصرخ من الألم وبعد حوالى ثلث ساعة يخلو سرير، بعدما صرخ أحدهم حالة وفاة ثانية هنا، يتبعها صراخ المرافقين للحالة، يكشف الطبيب علىّ ثم يكتب فى ورقة اسم أحد الأدوية ويطلب من ابن شقيقى أن يشتريها من الخارج بسرعة، يغيب أكثر من ساعة قبل أن يعود بحقنة قال له الدكتور إنها تزيب الجلطة، وسط استغراب من الطبيب وزملائه من أنه وجدها.. ويسألونه عن المكان الذى وجدها فيه ليرسلوا إليه أهالى المرضى الذين يحتاجون لها وعندما يسألهم وإذا لم أكن وجدت الحقنة كيف كان سيكون التصرف، قالت له إحدى الطبيبات «كان قريبك سيحتاج لعمل قسطرة فورية لتوسيع الشريان» فأجابها ابن شقيقى «ولماذا لم تفعلوا ذلك الآن.. «قالت الدكتورة «مستلزمات العملية غير موجودة بالمعهد» كنا سنكتب لك المطلوب من المستلزمات لتشتريه.. قال لها ابن شقيقى «معهد القلب» يخلو من حقن لإنقاذ الحياة ومستلزمات الجراحات العاجلة لإنقاذ الحياة ردت عليه الدكتورة «أنت مش عارف حال البلد ولا إيه».

ملحوظة: عندما دار هذا الحوار لم أكن فى حالة تسمح لى بمتابعته ولكن عندما أراد رئيس التحرير كتابة التجربة التى مررت بها سألت كل من كان معى عن التفاصيل التى لم أكن واعيًا بها، وعرفت أن ثمن الحقنة المذيبة للجلطة ٢٥٠ جنيهًا.

وكان أطباء المعهد أعطونى فى أثناء غياب ابن شقيقى لشراء حقنة الجلطة عدد ٦ حبات من البلافيكس لأبتلعها و٦ أقراص من إسبرين الأطفال لمضغها.

فى حوالى الساعة الرابعة والنصف أو بعدها بقليل أخذت الحقنة المذيبة للجلطة.. وبعدها بدقائق أعطانى أحد الأطباء أربع حقن مرة واحدة، استمر الألم ولكن الأطباء أكدوا أن تذويب الجلطة يتم ببطء شديد وأن الألم شىء طبيعى فى هذه الحالات، وأننى وصلت فى الوقت المناسب.

مشهد (٣)

طوارئ معهد القلب حوالى الساعة السادسة صباحًا يمر علىّ الطبيب يسألنى عن الألم أقول له إنه مازال موجودا، فيقول الألم ينخفض بأى درجة، إذا كان الألم الذى جئت به هو عشر درجات فما هى درجة الألم الذى تحسه الآن، أقول له إنه انخفض ولكن ليس بدرجة كبيرة، يقول لى «اطمئن الأمور ستزداد تحسنًا». فى هذا التوقيت كان أخى قد وصل من بيته ويسأل الطبيب عن نوع العلاج والرعاية الذى أحتاجه فيخبره الطبيب أننى أحتاج إلى سرير رعاية قلب وهو غير متوفر فى معهد القلب وعليه أن يبحث لى عن سرير فى أى مستشفى حكومى أو خاص حتى يصرح لى بالخروج إليه.

وبعد اتصالات من أخى ببعض المعارف يصلنا الرد يمكن أن يخلو سرير فى الرعاية فى معهد القلب ولكن بعد الساعة الثانية عشرة ظهرًا، حيث يكتب الأطباء خروجًا لبعض المرضى فى المرور اليومى.

كان الوقت لايزال طويلا حتى الثانية عشرة ظهرًا، وأنا أتألم والطبيب يقول لأخى.. إننى ليس لى علاج فى الطوارئ والعلاج الذى أحتاجه لن أحصل عليه إلا فى غرفة رعاية القلب.

بدأ أخى فى إجراء اتصالات بالمعارف والأصدقاء حتى تمكن من إيجاد سرير رعاية قلب فى مستشفى» مبرة مصر القديمة»، يخبر طبيب طوارئ معهد القلب فيقول له لا تنقله بالسيارة العادية فحالته خطيرة ولا يجب أن ينقل إلا من خلال سيارة إسعاف مجهزة، وهذه السيارات غير متوفرة فى معهد القلب وعليه أن يطلبها من خلال رقم ١٢٣، ليبدأ فصل آخر من العذاب مع الإسعاف.

مشهد (٤)

خارج معهد القلب حوالى الساعة السابعة صباحا، شقيقى رضا يحاول الاتصال برقم الإسعاف الذى يرد عليه أخيرًا بعد أن ظل مشغولا لفترة طويلة، يعطونه رقم البلاغ وكان تقريبًا أكثر من ٤٥٠ ويطلبون منه موبايل الطبيب الذى شخص الحالة وموبايل الطبيب الذى سيستقبل الحالة، كل عشر دقائق رضا يتصل بالإسعاف ويكون الرد إنه جار تنفيذ الطلب، ولكن بعد أكثر من ساعة يتصلون به ليقولوا إن الطبيب الذى سيستقبل الحالة لا يرد على تليفونهم، وبعد محاولات واتصالات وبحث عن معارف لهم صلة بالإسعاف يأتى الرد ستصلكم عربة إسعاف خلال ثلث ساعة ولكنها لا تصل فعلًا سوى بعد الساعة التاسعة، ويخبرنا السائق بأن ظهر النقالة مكسور وأننى مضطر للجلوس حتى دخول السيارة وبعد ذلك سيتم سند الظهر المكسور بشنط حتى يمكننى أن أنام.

مشهد (٥)

أنا نائم فى عربة الإسعاف التى تسير على مهل حتى لا أتأثر إلى أن تصل إلى مستشفى «مبرة مصر القديمة» حيث يتم إنزالى فى مدخل طوارئها ويطمئن المسعف علىّ حتى يضعنى على تروللى الكشف. لتبدأ رحلة العلاج فى غرفة رعاية القلب بالمستشفى وإجراء قسطرة وتركيب دعامة.

أسئلتى هنا كثيرة، أولها ماذا يفعل المريض القادم إلى طوارئ معهد القلب فى أزمة صحية طارئة، هو غير مستعد لها فيفاجأ بأنه مطالب بدفع تكاليف حقن إنقاذ حياته أو مستلزمات إجراء قسطرة لإنقاذ حياته أيضًا، ثم ماذا يفعل من لا يملك مالا لتوفير غرفة رعاية قلب فى مستشفى حكومى أو خاص بعد أن يتم إنقاذه فى طوارئ المعهد، وإذا كان هذا هو التعامل فى معهد القلب القومى فإلى أين يلجأ من يصاب بأزمة قلبية فى منتصف الليالى إذا كان لا يملك مالًا واتصالات بأحد.