مساجد مصر| السيدة زينب.. أم العواجز وعقيلة بني هاشم (30-6)
قديمًا كان يطلق على القاهرة مدينة الألف مئذنة لكثرة عدد مآذن المساجد بها، وبلغ عددها 500 مسجد، قبل أن تنهار مئات المآذن بفعل الكوارث الطبيعية، مثل زلزال 1302 ميلادية، أو حتى زلزال 1992، وكذلك بفعل حرائق الفسطاط، أو تتابع الدول والممالك على مصر، أو ربما قيلت في مرحلة متأخرة، وزادت عدد المساجد بشكل كبير خلال القرون الأخيرة، حيث أن بيانات إحصائية أخيرة قالت إن إجمالي عدد المساجد والزوايا الموجود بمصر بلغ 132 ألفًا و809 مساجد وزاوية، منها 102 ألف و186 مسجدًا، و30 ألفًا و623 زاوية.
ونستعرض معكم عبر بوابة "دار الهلال"، خلال شهر رمضان الكريم يوميًا أحد أشهر المساجد التاريخية في مصر، ونتناول اليوم مسجد السيدة زينب.
مسجد السيدة زينب هو أحد أكبر وأشهر مساجد القاهرة ويقع في الميدان الذي يعرف باسمها، وكان المسجد يعرف قبل ذلك باسم قنطرة السباع نسبة إلى نقش السباع الموجودة على القنطرة التي كانت مقامة على الخليج الذي كان يخرج من النيل عند فم الخليج وينتهي عند السويس، وكانت السباع شارة الظاهر بيبرس الذي أقام القنطرة وفي عام 1315 هـ 1898م، تم ردم الجزء الأوسط من الخليج وبردمه اختفت القناطر ومع الردم تم توسيع الميدان.
وعند عملية التوسيع اكتشفت واجهة جامع السيدة زينب الذي كان الوالي العثماني على باشا قد جدده سنة 951 هـ ـ 1547م، ثم أعاد تجديده الأمير عبد الرحمن كتخدا سنة 1170هـ ومنذ اكتشاف واجهة الجامع في القرن التاسع عشر، أصبح يطلق على الميدان بل والحي كله اسم عقيلة بني هاشم.
وقد أقامت وزارة الأوقاف سنة 1940م المسجد الموجود حاليًا، ويتكون من سبعة أروقة موازية للقبلة يتوسطها صحن مربع مغطى بقبة، ويقابل قبة ضريح السيدة زينب ويتقدم المسجد من الواجهة الشمالية رحبتان يوجد بهما مدخلان رئيسيان يفصل بينهما مستطيل تعلوه "شخشيخة".
أما في الطرف الشمالي للمسجد فيوجد ضريح سيدي العتريس وقامت وزارة الأوقاف بعد ذلك بإضافة مساحة تبلغ 17×32 إلى المسجد الأصلي، وفي عام 1969م أضافت وزارة الأوقاف مساحة ثانية مماثلة تمامًا للمسجد الأصلي وبنفس مساحته بحيث أصبحت الإضافة الأولى تفصل بين المسجد الأصلى والتوسيعة الأخيرة، لذلك فقد عمل في منتصف التجديد الأول محراب يتوسط المسجد الجديد، مع الإبقاء على المحراب القديم، حسب كتاب "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون"، للدكتورة سعاد ماهر محمد.
وبحسب البيانات الصادرة مؤخرًا عن جهاز الإحصاء، فإن محافظة الشرقية تأتي في المركز الأول من حيث انتشار عدد المساجد والزاويا بها، يليها محافظة البحيرة، ثم القاهرة، وتمثل هذه المساجد تطورًا في فن العمارة والتي تطورت تطورًا سريعًا ساير ركب الحضارة الإسلامية فتتعدد أشكالها وأساليبها تبعا لتعدد وتغير وظائفها، فالعمارة الإسلامية بدأت ببناء المساجد والأربطة فالمدارس والمصليات والخوانق والأسبلة والتكايا على أننا إذا أردنا أن نتتبع تطور العمارة الإسلامية وجدنا المسجد حجر الزاوية فيها، وعلى ذلك نجد أن أول عمل قام به الرسول صلى آله عليه وسلم عند هجرته من مكة إلى المدينة هو بناء المسجد في مربد التمر الذي بركت فيه ناقته وكان بناؤه بدائيا بسيطا فكانت مساحته 60 في70 ذراعًا وجدرانه من اللبن وسقف جزء منه بسعف النخيل وترك الجزء الآخر وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل، نهج بعد ذلك المسلمون هذا المنهج في بناء مسجد البصرة عام 14 هـ ومسجد الكوفة عام 18 هو كانت مساجد الكوفة والبصرة خالية من المحاريب المجّوفة ومن المنابر والمآذن على غرار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.