مقاهي تاريخية.. «مقهى البورصة التجارية» (9-30)
لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزء يمثِّل تاريخ مهم من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.
يعد مقهى البورصة التجارية من أقدم المقاهي الثقافية بالإسكندرية وفي مصر، فقد تأسس عام 1890م، وكان المقهى وقتها ملتقى لتجار القطن بالمنطقة، حيث كانت تضم المدينة بورصة القطن الوحيدة في مصر، ويقطن المقهى على كورنيش المنشية.
تتجاوز مساحة المقهى الـ 1000 متر تم تقسيمها إلى 3 أقسام، يفصل كل قسم عن الآخر فئة مختلفة، ويقع الجانب الكلاسيكي منه المطل على ناصية طريق الكورنيش خاص بالطبقة الوسطى، وتُمنع فيه الطاولة والشيشة وتغطيه الستائر البيضاء ويرتاده أغلب المثقفين والأدباء السكندريين، وفي الفئة الأوسط اعتاد المدخنين وهواة لعب الدومينو والطاولة الجلوس فيه، بينما كان يفضل الناشطون السياسيون المكوث في الجانب الخلفي المعروف حاليا باسم الممر.
وأقيم في المقهى خلال حقبة الستينيات من القرن الماضي بعض الفعاليات الثقافية، فقد كان يستضيف المقهى ندوات شهرية لعدد من أدباء الإسكندرية كانت نعرف باسم "أدباء الطليعة" وكان مؤسسها الأديب السكندري "محمد حافظ رجب" والذي كان يقدم من خلالها القصص والأشعار والدراسات النقدية.
وشهد مقهى البورصة التجارية على مدار تاريخيه العديد من الأحداث التاريخية المهمة، وتطورات الحياة الثقافية والسياسية، منذ الاحتلال الإنجليزي حتى آخر ثورتين في مصر 25 يناير و30 يونيو، ويعرف المقهى بمقهى المثقفين والسياسيين.