بالاستقراء فى أسباب تراجع وتواضع "الخطاب الدعوى الإسلامى "، وهو مظهر رئيسى لخطاب دينى، فإن تغول أدبيات فرق منسوبة إلى الإسلام وتأثيرها على الخطاب الدعوى، أدت إلى عنف فكرى متمثل فى جرائم  التكفير  ، التفسيق ،  التشريك، وهذه الجرائم وقود العنف المسلح من إراقة دماء واتلاف أموال وانتهاك أعراض.

بالمثال يتضح المقال:

أولاً : أدبيات رئيسة فى متسلفة :

لمنظرى فرقة المتسلفة – السلفية المداعاة – فى التراث الموروث ، والواقع المعايش الباع الأكبر فى  التكفير

أ ) ابن تيمية : تكفيره للأشاعرة ( منهاج السنة 3/289 ) ، وتكفيره لوالدى سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( المرجع السابق 4/350 ، 8/285 ) ولأهل مصر ( الفتاوى الكبرى 3/495 ) ، للصوفية ( مجموعة الرسائل والمسائل 5/51 ) ، وللمسلم المعين ( فتاوى ابن تيمية 1/165 ، 3/474 ، 12/487 ) .

ب ) محمد بن عبد الوهاب : تكفيره لعلماء العقيدة ( الرسالة السابقة والثلاثون 7/246 ) ، وللفقهاء ( المرجع السابق ص 260 ، 277 والرسالة الرابعة عشر 7/96 ) ، وللصوفية ( الرسالة السابعة والثلاثون 7/266 ، الدر السنية 1/54 ) ، ولعموم المسلمين ( الرسالة الخامسة والعشرون 7/172 والدر السنية 1/117 ) ولأئمة التفسير القرآنى ( الرسالة الثالثة والثلاثون 7/222 ، الدر السنية 10/72 )

المتسلفة النجديين : تكفيرهم لعموم المسلمين ( فتاوى الأئمة النجدية 1/96  .

الشهادة الوهابية لمعتنقى فكر ابن عبد الوهاب: أشهد على نفسك أنك كنت كافرا ، وعلى والديك أنهما كانا كافرين ، وأشهد على علماء ( كذا وكذا ) أنهم كفار!

المتسلفة المعاصرون: إصدارات تكفيرية تطعن فى إسلام وإيمان علماء المسلمين منها:

تكفير السلفية لمصنفات علمية كبرى لمحتوياتها ومصنفيها مثل :

أ ) التنبيه على المخالفات العقيدية فى فتح البارى: على الشبل ، تقريظه عبد العزيز بن باز ، صالح الفوزان ، عبد الله عقيل ، عبد الله منيع ، عبد الله الغنيمان .

ب ) أخطاء فتح البارى فى العقيدة: عبد الله الدويش ، عبد الله الغامدى ، العبدلى .

ج ) أخطاء الأصوليين فى العقيدة: صلاح بن فتينى العدنى .

د ) دروس فى شرح نواقض الإسلام لابن عبد الوهاب : القاء صالح الفوزان .

هـ ) الإنحرافات العقدية والعلمية فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين : على بن بخيت الزهرانى .

و ) الجامع فى ألفاظ الكفر: بدر الرشيد ، وآخرون ، تحقيق محمد بن عبد الرحمن الخميس .

ز ) وقفات مع كتاب إحياء علوم الدين للغزالى: سعيد بن عبد الرحمن الحصين .

ح ) هل تجنيب على الغزالى: عبد الرحمن الوكيل .

ى ) السراج المنير فى تنبيه جماعة التبليغ على أخطائهم: محمد تقى الدين الهلالى .

ك ) بيان أن الرافضة جميعا كفار : أبو العباس محمد بن جبريل .

ل ) الأدلة المجهضة على كفر الشيعة الرافضة : أبو مسلم الأثرى.

ويأبى الشيعة الإمامية إلا المشاركة فى فتنة التكفير فقد كفّروا أهل السنة من الأشاعرة والصوفية وغيرهم ( الأنوار النعمانية 2/279 ، بحار الأنوار 65/281 ، منهاج الصادقين ص 356 ، جواهر الكلام 30/151 ، صراط النجاة 2/453 ) .

وتأسيسا على ما ذكر ، فإن جرائم وفتن ( التكفير ) وقود العنف الفكرى المهدد لعقيدة المسلمين المؤدى إلى العنف المسلح من استحلال الدماء والأعراض والأموال يجب التصدى لها بحسم وحزم ، فلا تكفى بيانات ولا تصريحات ولا مجرد لقاءات تصدر وثائق فارغة الخطط على أرض الواقع ، بل لابد من تدخل سياسى لعقد مؤتمر لدول راعية للتكفير وعرض حقائق بوثائق ، ومصارحة ومكاشفة ووضع تدابير وقائية وزجرية .

إن قضية الخطاب الدينى المعاصر ، وظاهرة الإرهاب ، توجب المعالجة لأصل الداء " التكفير " الذى يمارس جهاراً لدى مذهبيات أخرجت طائفيات ـ تعكف على أصنام فكرية لمنظرى التكفير بدعاوى تبعث على الغرابة والنكارة "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".

تكفيرها للأزهر  الشريف لمذهبه الأشعرى (أوسط وأعدل المناهج فى أصول الدين والشريعة والأخلاق )

تكفير السلفية للأشاعرة: مذهب الأزهر الشريف وهاكم جملة من رأيهم التى من المفترض أن يكون الأزهر على علم وإدراك وإحاطة بها:

قال ابن تيمية عن الأشاعرة : "الأشاعرة مخانيث المعتزلة والمعتزلة مخانيث الفلاسفة " .

قال عبد العزيز بن باز : " من قال إن الله منزه عن الزمان والمكان كعقيدة الأشاعرة فهو جهمى ضال كافر " .

قال صالح الفوزان : الأشاعرة ليسوا من أهل السنة ومن يقول بذلك فهو كاذب أو جاهل ، والأشاعرة مخالفون لأهل السنة ، والأشاعرة هم أهل ضلال " .

(الدرر السنية فى الأجوبة النجدية 3/210 وما بعدها ) ومما فيه من أجوبة علماء نجد الوهابيين :

" هذه الطائفة التى تنسب إلى أبى الحسن الأشعرى اعظموا الفرية على الله وخالفوا أهل الحق من السلف والأئمة وأتباعهم".. " أهل مصر كفار لأنهم يعبدون أحمد البدوى ، وأهل العراق ومن حولهم كأهل عُمان كفار لأنهم يعبدون الجيلانى ، وأهل الشام كفار لأنهم يعبدون ابن عربى ، وكذلك أهل نجد والحجاز قبل ظهور دعوتنا وأهل اليمن " :

قاله عبد العزيز بن باز : انظر كتاب فتح المجيد تعليق ابن باز ص 191 وما بعدها: " الأشاعرة من الطوائف المبتدعة وإن جماعة السلف قاموا بتكفيرهم " مجلة التوحيد ج 18/26 .

4-  وقد اتهم السلفية ثقافة الأزهر أصول الدين من العقيدة وغيرها بالشرك والزيغ والضلال وعينة موثقة :

السلفى / محمود مهدى استنابول : إصلاح الأزهر صلاح للعالم الإسلامى كله، وليس هناك من وسيلة لإصلاحه إلا باقتلاع بعض المواد التى تدرس له كالتصوف والفلسفة وعلم المنطق وعلم الكلام ، ... وإن منهاج كلية أصول الدين بالأزهر قسم العقيدة ما هى إلا مواد لهدم أصول الإسلام ولا داعى لقيام الأزهر بتدريس الفقه المذهبى ، وينبغى توحيد المذاهب إلى مذهب واحد هو مذهب محمد ( هكذا ) والعمل بمقتضاه ، ويجب تغيير المناهج لكى تتفق مع عقيدة السلف الصالح لأمة مازال يدرس الكفر باسم الإيمان : مجلة " التوحيد " لسان حال جماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة مصر العدد 5 ، ص 2 ( المجلد 13 تحت عنوان : الدعوة إلى إصلاح الأزهر .

السلفى / محمد نجيب لطفى: اتهم مجمع البحوث الإسلامية بهدم الإسلام حيث قال : نشر المجمع كتاب مقالات وفتاوى الشيخ يوسف الدجوى عضو هيئة كبار العلماء فى مجلدين محشوان بفتاوى وآراء فى غاية الزيف والبطلان ) المجلة سالفة الذكر العدد 1 ص 43 ، المجلد 16 تحت عنوان ( احذروا هذه الفتاوى ) .

قلت : وسلفية السعودية هم الذين لم يجعلوا أنفسهم ، فى مذهب أهل السنة والجماعة ففى الموسوعة الميسرة فى الأديان والمذاهب المعاصرة بالرياض السعودية لم يذكروا مصطلح السنة والجماعة ولا الأشاعرة وذكروا فقط السلفية أو دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب .

وعقب مؤتمر الشيشان تطاول فقيه سعودى د/ محمد السعيدى أستاذ الفقه وعلومه بجامعة أم القرى بالسعودية على مصر ووصف شعبها (المصريون أهل بدع ) ووصف المؤتمر ببيان عنوانه ( مهرجان جرزونى بين المؤتمر والمؤامرة ) وانتقد توصيات مؤتمر الشيشان بقوله: "الحقيقة أن المؤشرات عديدة ومتضافرة على أن الهدف من هذا المؤتمر تأمرى على العالم الإسلامى ، وعلى المملكة العربية السعودية بشكل خاص ، ويقع ضمن العديد من التحركات الغربية لقتل كل مظاهر يقظة الشعوب الإسلامية إلى حقيقة دينها ، وإعادة العقل المسلم إلى حظيرة الخرافة وتسلط الأولياء المزعومين وسدنة القبور وعقيدة الجبر على حياة الناس ومعتقداتهم "      .

تتمة: لأشياخ السلفية بموطن النشأة فتاوى تطول الجيش المصرى سلباً مثل تجريم تحية العلم الوطنى المصرى وتحريم تحية الرؤساء والقادة والزعماء بالتحية العسكرية : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية ص 150 .

وفتاوى تتعلق بقوانين وضعية وصفت أنها كفريات تعد أكبر البواعث للخروج على الحاكم وحمل السلاح : فتوى ابن جبرين فى 14/5/1417هـ .

فتاوى اللجة الدائمة ص 540 ، مجلة الدعوة فتوى ابن باز العدد 963 عام 1405 هـ ، فتاوى العقيدة لابن عثيمين ص 208 وما بعدها.

السلفية الجهادية وجماعة الإخوان : الحكم على المجتمعات الإسلامية والنظم السياسية بالكفر ، والجاهلية ، لتأويلات مغلوطة ، لآيات قرآنية بحق المستحلين لا المقصرين : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، " الظالمون " ، " الفاسقون " – الآيات 44 ، 45 ، 47 من سورة المائدة - ، " أفحكم الجاهلية يبغون " – الآية 50 من سورة المائدة - .

والعدوان على بنى الوطن المخالفين لأدبياتهم وأفكارهم مثل : " وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر " – الآية 72 من سورة الأنفال - .

غلاة الشيعة : تكفير معظم الصحابة – رضى الله عنهم - ، والحكم على بعضهم بالنفاق العقائدى ( موسوعة الفقه المقارن الشيعى " المقدمة " ) .

والتعرض لبعض أزواج سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، والذم والقدح للخلفاء الثلاثة أبى بكر وعمر وعثمان – رضى الله عنهم - .

وجهل مرجعيات الشيعة تشتمل على هذا وما يماثله وما يناظره وما يشابهه .

تأسيساً على ما ذكر

الخطاب الدعوى من :

-        خطابة ودروس مسجدية .

-        إعلام دينى تخصصى .

-        إصدارات مقروءة ومسموعة ومرئية .

يجب تحريره بمكاشفة واضحة لا تعرف أنصاف الحلول ، ولا سياسة ترحيل أو تسويف ! .

ألم يأن لقادة مؤسسات إسلامية معتمدة ، ووزراء الشئون الإسلامية عقد مؤتمر جاد لتحرير الخطاب الدعوى من أسر توجهات العنف الفكرى ؟

ألم يأن الأوان من باب التدابير الوقائية تجريم وتحريم مؤسسات مدنية حاضنة ومروجة للعنف الفكرى المفّرخ للعنف المسلح ؟

تحرير الخطاب الدعوى أساس ( تجديد الخطاب الدينى ) وفى أولويات المواجهة العلمية لمؤسسات الإرهاب الفكرية ، بعيداً عن رؤى أمنية وسياسية لها رؤاها التى لا  تخصها وهى متقلبة حسب الأحوال !

بلاغ، فهل من مدّكر؟