العلماء المسلمون في اللغة والأدب| «عبد الحميد الكاتب» ارتقت على يديه صناعة الكتابة (15-30)
ظهر في التاريخ الكثير من العلماء المسلمين البارزين الذين قاموا بإسهامات عديدة في العلم ومختلف المجالات، منها: العلوم العلمية والتطبيقية والدينية واللغوية والعقائدية والفلسفية والطبية والاجتماعية وغيرها.. بل وقاموا بتأسيس مناهج وقواعد علمية متكاملة لأشهر العلوم وأهمها التي أفادت البشرية كلها حتى وقتنا هذا، وسنقدم كل يوم عالم مسلم، خلال أيام شهر رمضان المبارك، لنتعرف على إسهاماتهم على مر التاريخ، وما يتميز به، وسنذكر في أول سلسلة، أشهر وأبرز العلماء في اللغة والأدب، وما قدموه لهذا العلم.
علماء اللغة والأدب..
يعد عبد الحميد بن يحيى مولى العلاء بن وهب القرشي، أستاذة من أساتذة البلاغة العربية ورائد كتّاب الرسائل عامة، وهو من أعلام الكُتّاب في القرن الثاني للهجرة، فارسي الأصل عربي الولاء.
بدأ حياته مساعدًا لصهره سالم صاحب ديوان الرسائل في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، ثم عمل بعد ذلك كاتبًا لمروان بن محمد والي أرمينيا وأذربيجان، ثم عمل أخيرًا كاتبًا أول للدولة الأموية على عهد مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.. ولكنه قتل مع خليفته على يد العباسيين عندما تولوا الحكم.
ارتقت على يديه صناعة الكتابة، فعدّ من أساتذة البلاغة العربية ورائد كتّاب الرسائل عامة وطور الرسائل بكثرة التحميدات في صدر الرسالة وبالتوسع في المعاني والعناية بترتيبها ووضوحها، أهم رسائله: رسالته إلى الكُتاب، وفيها يبدو تأثره بما أُثِرَ من وصايا ملوك الفرس لكتابهم، ورسالته التي كتبها إلى عبدالله بن مروان على لسان أبيه، ورسالته في وصف الصيد والشطرنج، ورسالته إلى أهله وهو منهزم مع مروان بن محمد.
وكان لعبد الحميد الكاتب أسلوبه الخاص في الرسائل ومن أنواع أساليبه: "الازدواج، أي إيراد عبارات متعددة متقاربة في المعنى لتوكيد فكرته، ولإشاعة جو من التنغيم الموسيقي الجميل في كتاباته"، و"الإطناب في رسائله"، و"الإطالة في تحميدات رسائله"، و"الإكثار من الوصف بالحال"،و"قصر الفواصل على طريقة الخطابة"، و"توسيع أغراض الرسائل، لتشمل بعض الأغراض التي كانت ـ قبله ـ خاصة بالشعر، مثل التعزية والتهنئة والنصح والوصف وغيرها".. وقد تأثر بهذه المدرسة عدد كبير من الكتاب الذين جاءوا بعده..