د. أسامة فخري الجندي
في رمضان فريضة الصيام، والتي لها من الفضائل الوفيرة والكثيرة مما لا يحصى، فالمتأمل بعمق في أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسيتطيع أن يستنبط منها أن الصيام يباعد الله به النار عن وجه صاحبه، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) [أخرجه البخاري ومسلم]، وهذا ما أكّده النبي (صلى الله عليه وسلم) في نصٍّ آخر، فبيّن أن الصيام وقايةٌ من النار، فعَنْ عُثْمَانَ بن أَبِي الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:(الصَّوْمُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ) [أخرجه أحمد والطبراني]، فهذا الأجر لمن صام يومًا واحدًا في سبيل الله وكان بهذه الأفضلية والمنزلة ، فكيف بصيام شهرِ رمضان ؟!.
وما دام في الصيام وقايةٌ من النار، ففيه ضمان الجنة، فعن سهل (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُون لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ. [متفق عليه].
كما أن من فضائل الصيام كفّارةً للذنوب، فيقول جابر (رضي الله عنه): أنا سمعته ، أي: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ) [أخرجه البخاري ومسلم].
وغير ذلك مما ورد في فضائل الصيام من كونه يأتي شفيعًا يوم القيامة لصاحبه، ومن كونه وقاية من الشهوات، وأن الصوم سببٌ للسعادة في الدارين؛ لأن الصائمين يوفّون أجورهم بغير حساب، فعن أبي هُرَيْرَةَ(رضي الله عنه) قالُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): قَالَ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ، وَلاَ يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ. [متفق عليه].
وإذا ثبت فضل شهر رمضان وثواب وفضل الصيام فيه، فعلى المسلم أن يغتنمَ كلَّ لحظةٍ في هذا الشهر الكريم، فمن الآداب النبويّة المشرّفة كذلك أن يتركَ المسلمُ كلَّ مِرَاءٍ أو سبابٍ أثناء الصوم ويحاول أن يكظمَ غيظَه في وقت الغضب ويفطمَ نفسَه على الحلم والعفو والصفح والمسامحة، ويبتعد عن المشاحنات والخصام، فعن أبي هُرَيْرَةَ(رضي الله عنه) قالُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): قَالَ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ، وَلاَ يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ. [متفق عليه].
ثم ينبغي أن يُعلم أن الكلمة حين تخرج فإنما تتعاون وتتكاتف مجموعة من الجوارح في إخراجها، فهناك ضمير ينبّه، وعقل يفكّر، وأحبال صوتية تصنع الصوت، ولسان ينطق ويترجم ذلك التنبيه والتفكير والصناعة، وعين ترى أثر الكلمة، وأذن تنطبع بما تسمع، وهواء ينقل الكلام، كل هذه النعم تعاونت لتخرج الكلمة، ومعلوم أن الإنسان سيُسأل عن كل هذه الجوارح، فلينتبه الناس عند الكلام فلا يخرج إلا ما هو طيب حتى تاتي هذه الجوار شاهدة لهم لا عليهم.