بالصور.. «بقايا الطعام» تغزو الأسواق الشعبية
ربما تدفع موجة الغلاء الأخيرة التي طالت جميع القطاعات، وأثرت بشكل واضح على أغلب السلع والمنتجات، نتيجة الإصلاحات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة مؤخرًا لمواجهة التحديات، بعض المواطنين لاتباع أساليب وطرق غير آدمية من أجل الحصول على الغذاء وشراء "بقايا الطعام" أو ما يعرف "بكسر الطعام"، لتوفير حفنة من النقودة لتلبية باقي متطلبات الأسرة، دون النظر لتأثير ذلك على صحتهم.
الإجراءات المتبعة لجأت إليها الحكومة نتيجة لما خلفته السنوات الست الماضية بعد تغير الوتيرة السياسية من حقبة لآخرى فضلا عن تقلب الأنظمة السياسية بجانب المؤامرات الخارجية التي انهت الوطن بشكل كبير، مما تطلب جراحة اقتصادية عاجلة للخروج من عنق الزجاجة.
27% من السكان يواجهون الفقر
وطبقا لآخر إحصائية صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فأن 27.8% من السكان فى مصر يواجهون الفقر ولا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء وأن 57% من سكان ريف الوجه القبلى فقراء مقابل 19.7% من ريف الوجه البحرى.
وعن القاهرة فتبلغ نسبة الفقر في القاهرة 18%، وأقلها في بورسعيد6.7 %، وأعلها فقرا من محافظات وجه قبلى محافظتين أسيوط وسوهاج ووصلت إلى 66% من السكان تليها محافظة قنا 58% .
معدلات الفقر، كما بينها جهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ألقت بظلالها على أرض الواقع، حيث رصدت عدسة "الهلال اليوم" تدبيرات بعض المواطنين لاحتياجتهم من الغذاء بطريقة غير آدمية ومواد غير مؤمنة ومجهولة المصدر أغلبها داخل نطاق الأسواق العشوائية على مرآى ومسمع من الجميع وغياب تام لدور المحليات وهيئات التفتيش التموينية.
تجار بقايا الطعام
في سوق إمبابة، تجلس "أم عبير" أمام فرشة يتوسطها طشط من الألمونيوم، لتبيع كمية كبيرة من العجين وهو عبارة عن بواقى جاتوه، والبعض الآخر تزعم أنه لحوم مفرومة ولنشون وجبنة، والملاحظ شكلها غير المتناسق وغير أدمى، لدرجة أن من خلال رؤيتك للحوم الحمراء المعبئة داخل بعض الأكياس تجد ظهور لون بنى وأخضر يشبه العفن على بعض أجزاء محتوى الكيس.
"أم عبير" تقول لمحررة «الهلال اليوم»- التي لم تكشف عن هويتها الصحفية- أن أغلب ما تبيعه بواقي طعام من "الجاتوه" واللحوم " والجبن " التى تخلصت منها الفنادق والمطاعم الكبرى.
لكن كل ما تلاحظه أثناء وقوفك أمام الطشط هو أن كل المنتجات من المعجونات مفتتة بما فيها الجاتوه، وتمد "أم عبير" يديها فى الطشط وتجمع مجموعة من المهروسات بمقدار كيلو وتباع بأسعار زهيدة.
أسعار زهيدة
ويصل سعر كيلو الجاتو إلى 12 جنيها وكيلو اللحوم 25جنيها والجبن بكافة أنواعها من بواقى الفنادق 12 جنيها.
وتجلس بجوارها أيضًا سيدة تدعى "أم عمر" بكيس كبير ممتلئ بكسر من البسكويت، وتقوم بقشط العفن أو الحرق المتراص على واجهة قطع البسكويت، باستخدم آلة حادة، وتبيع الكيلو بـ 10 جنيهات، ومع ذلك وبرغم صعوبة المنظر الذى من المؤكد أنه يحمل المرض لفم آكله، تجد الغلابة بشكل مباشر يلتفون حولها.
سر الإقبال على طعام الكسر
أحد الزبائن قال" زمان كنا نخرج بالجنيه كنا نجيب أحلى لحمة وخضار وعيش فى اليوم لكن النهاردة الجنيه معدش يعملنا حاجة ولا حتى يوصلنا بتنا معاشى كله 800 جنيه أجيب منين لحمة بـ100 جنيه والخضار غالى عاوز اللى ينزل آخر النهار يمكن ينزلوا سعر الحاجة آخر اليوم الدنيا بقت أصعب من الأول كتير لذلك أحنا عرفنا أم عبير وبدأنا نتعامل معها فى الجبن واللحوم علشان نمشى الحال وإن كان هناك بعض العفن فيهم زوجتى بتقشطها بالسكين وبنخليها على الله".
أمراض خطيرة
دكتور محمود أبو يزيد، أخصائى الباطنة بمستشفى الوادي، قال إن في أغلب الحالات بما فيها حالة الخبز المنتشره وما نراه كثيرًا فى بيوتنا عندما يظهر فيه جزء من العفن ويكون من الحكمة عدم تناولة حتى ولو مسحناه، فالجزء الذي رأته العين من العفن في الأغلب أجزاء من الطبيعي أنه أصاب باقي الطبقات الداخلية ولكن لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة.
ولفت إلى أن العفن ينتج مواد سامة تسمى مايكوتوكسن، وقد يتسبب ضيق فى التنفس لبعض الناس والحساسية والمرض للآخرين، والأخطر من هذا وذاك أن بعض أنواع سموم العفن مواد مسرطنة قادرة على التسبب في ظهور السرطان الموجود في الحبوب مثل القمح.
وطالب السيدات بعدم استنشاق رائحة الطعام أثناء فحصه لأنك بذلك تستنشقي الأبواغ الفطرية وكلها شديدة الخطورة.
وتابع:" إن تقرير نشرته هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، أشارت فيه إلى أن مصر لا تتبع توجيهات منظمة الأغذية العالمية لذلك تعد أسواق بقايا الطعام مظهرا جديدا يزداد الإقبال عليه يومًا يلو الآخر نتيجة ارتفاع الأسعار وتعويم الجنيه في مصر وأصبح الناس لا يعرفون ما الذي يحمله الغذاء لهم من سموم وأمراض!".
أين تذهب بواقي الطعام بالمطاعم؟
محمد سلطان، يعمل بإحدى مطاعم بحى شبرا مصر، قال إن بواقي الطعام الفائض من الزبائن يتم تجميعه وتسلميه فى شكل معلب لإحدى الجمعيات الخيرية مع التنسيق مع هذه الجمعيات حتى يتم إيصال ما يتبقى من الأطعمة إلى الأسر الأكثر حاجة إليها مع ضمان مراعاة السلامة في حفظها وتخزينها وتوزيعها.
ولفت إلى أنه في بعض الأوقات يتم تجميع الطعام المتبقي وإرساله لتاجر متخصص في بيع "الكسر" مثلا فى الجاتوه والبسكويت لكن الطعام لا يمكن تسليمه معفن وإذا حدث ذلك يرجع لسوء تخزينه وبيبدأ يقلل فى سعره ومن هنا من الممكن أن يصل للمواطنين غير الواعين بصحة الطعام للتناول.