بالصور.. مياه الصرف تروي أراضي أقدم قرية فرعونية
تحقيق- أمل البرغوتي
ما زالت أزمة الصرف الصحي كابوسًا يرهق المصريين، ليس من الجانب الخدمي فقط بل هناك أيضًا خطرًا متوحشًا يفتك بحياة المواطنين إلا وهو تصريف مياه الصرف في الترع والخلجان العزبة التي تروي مئات الأراضي الزراعية، فضلا عن تحلية مياه الشرب من الترع الكبيرة والرئيسية التي تتواجد محطاتها على بعض الترع الرئيسية.
الأمر يعتبر خطيرًا للغاية بحسب خبراء متخصصون وأطباء معالحون، ويعتبرون أن هذه المخلفات وباءً مميتًا ويؤثر على صحة الإنسان ويصيبه بعدة أمراض على رأسها الفشل الكلوي وفيرس سي والسرطان وغيره من أمراض العصر المنتشرة.
شبكات الصرف الصحي
ورغم البيانات الرسمية لوزراة الإسكان، التي تشير إلى تغطية مشروع الصرف الصحى حوالى 56% من المناطق السكنية في مصر، إلا أن مشكلة الصرف ما زالت مرهقة للجميع ومتسببه في تدمير مئات المحاصيل الزراعية.
«الهلال اليوم» في التقرير التالي سلطت الضوء على أحدى القرى التي تعاني من مشكلة الصرف وتضرب مخلفاتها المحاصيل الزراعية عن طريق تفريغ الصرف في الترع والمصارف المحيطة بالقرية والتي تغذي الأراضي الزراعية.
مياه الصرف تخالط المياه العذبة
فقرية العزيزية إحدى أربع قرى فرعونية، كانت قديمًا جزءً لا يتجزأ من منف أو ممفيس أقدم عاصمة في تاريخ مصر وهي العزيزية وأبو صير وصقارة وميت رهينة، وكانت القرية المذكورة منطقة المعيشة.
"عاشور.ج"، أحد المزارعين في القرية، قال إن الترعه الرئيسية بالقرية والفروع والخلجان التي تنشق منها أصبحت مصبًا للمجاري وصرف المنازل المتراصة على جانبي الترع، فضلا عن إلقاء القمامة بها حتى باتت مسدوده بأكوام من المخلفات والحيوانات النافقة، ومع ذلك مزارعين القرية يروون الأراضي الزراعية بمياه الترعة الذي يشق قلب القرية.
وأشار إلى فرع أخر يأتي من بحيرة الجزيرة من طريق أبو ربع، والذى يتوسط الأراضى الزراعية شرق القرية، وقال إن نبات النيل تغطى "الرشاح" تماما والمياة الركدة تحته عبارة عن مياه متعفنة وتصدر رائحة نتنة، والفلاحين يقومون بري الأراضى منها عن طريق ميتور لرفع المياه.
وأكد أن الفلاحين يروون أراضيهم بصفة دورية ويغذون المحاصيل بالمياه المتأثرة بالصرف الصحي، لأنه لا يجدوا لهم منقذ من من الكارثة، وإن أبلغوا الجهات المسئول لكن دون جدوى.
المخلفات تهدر المياه
"ربيع.س.ع " مزارع، يقول إنه من المنظر لا يطاق فالزبالة تملىء الترعة من بدايتها وأمام محلات وبائعين للخضروات واللحوم ومقاهي وفرن العيش ومكاتب التموين والوحدة المحلية، ويضيف أن أهالي القرية تقدموا ببلاغ للوحدة المحلية بمركز البدرشين، وأرسل المسئولين بالوحدة "الكراكات" لنقل الزبالة، مضيفًا أن أن سيارات الكسح تلقي بمياة الصرف بالفروع الداخلية القريبة من المصارف والترع التي تشق الأراضي الزراعية.
وتابع:" عندما نتقدم بشكوى لمسئول يقول لنا هو أنا اللى هغير الكون إشمعنا أنا وأنا مالى، عشان كدا الإصلاح بقى أصعب من الزمن اللى فات جدا لأن محدش عاوز يصلح حتى اللى بيحاول الناس بدوس عليه مش عارفين لصالح مين اللى حاصل دا ، المياة اللى بنروى بيها الأرض عباره عن " خراره " أيوة والله زى ما بقولك كدا ".
الأمراض تحاصر السكان
"محمد ربيع" شاب من أبناء القرية، قال إن بعض أهالى القرية حفروا أبار دائرية على عمق 20 مترا تحت الأرض وزرعوا مسورة حديدية دائرية بنفس العمق لتفريغ الصرف الصحي في باطن الأرض، مما يؤدي إلى اختلاطه بالمياه الجوفية، جاء ذلك لتجاهل عربات الكسح التي بلغت تكلفتها 65 جنيهًا للعربة الواحدة.
وقال إن اختلاطها بالمياه الجوفية سبب كارثة صحية تفشى فيرس "سي" بين المواطنين، وأن كل المواطنين بالقرية الذين خضعوا للفحص والتحاليل للكشف عن الفيرس والمسح عن المرض، أثبت أن الغالبية سالب X ، هذا يعنى أن نسبة كبيرة من سكان القرية يعانون من الفيرس بمراحله المختلفة خصيصًا الفئات العمرية للأكبر سنًا.
«الزراعة»: المواطنون سبب الأزمة
أما الدكتور حامد عبد الدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، قال إن هذه المشكلة تمس بالدرجة الأولى وزارة الموارد المائية والري، الشق الثاني والأهم وهو سلوكيات المواطنين فى التعامل مع الترع وتحويلها لمصارف تضر المحاصيل الزراعية التي تؤثر على حياة الإنسان بصورة مباشرة.
وطالب "عبدالدايم" وزارة التنمية المحلية بإعداد حصر للمواطنين الذي يفرعون الصرف في الترع وتحرير محاضر وغرمات ضد المتجاوزين للحفاظ على الترع ومصادر الرى للأراضي الزرعية.
وأكد المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن الترع والمصارف يتم تطهرها بالفعل بشكل دوري من المخلفات الملقاه فيها، ولكن بعد فترة وجيزة تعود مرة أخرى لما كانت عليه، لأن المواطنين لا يهتمون بنظافتها ويلقون المخلفات والقمامة والحيوانات النافقة بها.