العلماء المسلمون في الفلسفة| «يعقوب بن إسحاق الكندي» أول فلاسفة المسلمين المتجولين (22-30)
ظهر في التاريخ الكثير من العلماء المسلمين البارزين، الذين قاموا بإسهامات عديدة في العلم ومختلف المجالات، منها: العلوم العلمية والتطبيقية والدينية واللغوية والعقائدية والفلسفية والطبية والاجتماعية وغيرها، بل وقاموا بتأسيس مناهج وقواعد علمية متكاملة لأشهر العلوم، وأهمها التي أفادت البشرية كلها حتى وقتنا هذا، وسنقدم كل يوم عالم مسلم خلال أيام شهر رمضان المبارك، لنتعرف على إسهاماتهم على مر التاريخ، وما يتميز به، وسنذكر في أول سلسلة، أشهر وأبرز العلماء في اللغة والأدب، وما قدموه لهذا العلم.
علماء الفلسفة
يعقوب بن إسحاق الكندي، برع في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات والموسيقى وعلم النفس والمنطق، ويعد أول الفلاسفة المتجولين المسلمين، كما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية.
كان الكندي عالمًا بجوانب مختلفة من الفكر، وعلى الرغم أن أعماله عارضتها أعمال الفارابي وابن سينا، إلا أنه يعد أحد أعظم فلاسفة المسلمين في عصره، وقال عنه المؤرخ ابن النديم في كتابه الفهرست: «فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها، ويسمى فيلسوف العرب.. ضمت كتبه مختلف العلوم كالمنطق والفلسفة والهندسة والحساب والفلك وغيرها، فهو متصل بالفلاسفة الطبيعيين لشهرته في مجال العلوم».
ويعتبر كتابه «رسالة في قدر منفعة صناعة الطب»، من أهم أعماله في مجال الطب والكيمياء، حيث أوضح فيه كيفية استخدام الرياضيات في الطب، ولاسيما في مجال الصيدلة، وعلى سبيل المثال، وضع الكندي مقياس رياضي لتحديد فعالية الدواء، إضافة إلى نظام يعتمد على أطوار القمر، يسمح للطبيب بتحديد الأيام الحرجة لمرض المريض.
وعلى جانب آخر، "الكندي" هو أول من وضع قواعد للموسيقى في العالم العربي والإسلامي، فاقترح إضافة الوتر الخامس إلى العود، وقد وضع الكندي سلمًا موسيقيًا ما زال يستخدم في الموسيقى العربية من أثنتي عشرة نغمة، وتفوق على الموسيقيين اليونانيين في استخدام الثمن، كما أدرك أيضًا على التأثير العلاجي للموسيقى، وحاول علاج صبي مشلول شللاً رباعيًا بالموسيقى، وله خمسة عشر أطروحة في نظرية الموسيقى، لم يبق منها سوى خمسة فقط، وهو أول من أدخل كلمة "موسيقى" للغة العربية، ومنها انتقلت إلى الفارسية والتركية، وعدة لغات أخرى في العالم الإسلامي.
واندثرت الكثير من أعمال الكندي خاصةً الأعمال الفلسفية، يقال أن المغول دمروا عددًا لا يُحصى من الكتب عند اجتياحهم بغداد، كما أن كتاباته لم تعد تلقى قبولاً بين أشهر الفلاسفة اللاحقين كالفارابي وابن سينا.