حدث في 24 رمضان.. بناء "مسجد عمرو بن العاص" أول جامع في مصر وإفريقيا
يعتبر جامع عمرو بن العاص هو أول مسجد في مصر وإفريقيا كلها، ويقع الجامع بالفسطاط بحي مصر القديمة، بعد فتح الإسكندرية أرادها عمرو عاصمة لمصر فأمره عمر بن الخطاب أن ينزل المسلمين منزلا، لا يحول بينه وبينهم نهر ولا بحر ، فاختار مكان فسطاطه ونزل هناك فسميت البقعة باسم الفسطاط.
ثم بنا عمرو مسجداً لإقامة شعائر صلاة الجمعة فبني هذا المسجد الذي سمي باسمه حتى الآن،وكان يعرف أيضاً بمسجد الفتح، والمسجد العتيق،وتاج الجوامع،وكان أول إنشائه مركزاً للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامي بمصر.
كانت مساحة الجامع وقت إنشائه 50 ذراعاً فى 30 ذراعاً وله ستة أبواب وظل كذلك حتى عام 53هـ / 672م حيث توالت التوسعات فزاد من مساحته “مسلمة بن مخلد الأنصاري”والي مصر من قبل “معاوية بن أبي سيفان” وأقام فيه أربع مآذن وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري، وهوالآن120 في 110 أمتار أي حوالي 13200 متر.
وفي عام 564 هـ إبان الحملة الصليبية على بلاد المسلمين، تخوف المسلمون من احتلال مدينة الفسطاط التي فيها جامع عمرو بن العاص، فعمد الوزير الضعيف شاور إلى إشعال النيران فيها، لعجزه عن الدفاع عنها، فاحترقت المدينة، وتخرب جامع عمرو بن العاص أن استمرت النيران 45 يوماً تتأجج في الفسطاط وتأتي على ما فيه.
إلا أن بطل تحرير بلاد المسلمين من الصليبيين صلاح الدين الأيوبي،بدأ مرحلة إعمار المسجد من جديد بعد تلك النكبة المهولة،فأصلح منه عام 568 هـ كثيراً،وأعاد بناء صدر الجامع والمحراب الكبير،وكساه بالرخام، ونقش عليه نقوشاً حسنة منها اسمه.
وفي العهد العثماني قام الأمير مراد بك بإعادة بناءِ داخلِ الجامع بعد هدمه ، إثر سقوط إيوانه إلا أن القائمين على البناء لم يكونوا بمستوى العمل الكبير والمهمة العظيمة لمثل هذه المساجد الضخمة،فكان ترميم مراد بك غير منتظم ولا متناسق ، غير أنه بنا بالمسجد منارتين هما الباقيتان إلى الآن.
ووافق الفراغ من ترميم مراد بك لمسجد عمر بن العاص آخر جمعة من شهر رمضان، فاحتفل بافتتاحه، وأثبت تاريخ هذه العمارة في ألواح تاريخية فوق الأبواب الغربية وفوق المحرابين:الكبير والصغير.
شهد المسجد أحداثاً جساماً في التاريخ المعاصر أهمها:
الزلزال المدمر الذي هز مصر كلها الإثنين 12 أكتوبر 1992م وأصيبت بعض أعمدة المسجد وحوائطه بشروخ وتصدعات وقامت هيئة الآثار المصرية بترميمه.
كان مسجد عمرو في الفسطاط به بيت المال الرئيسي الخاص بالدولة وبه حلقات ودروس وعلماء مثل الإمام الشافعي الذي ألقى فيه دروسه و الليث بن سعد وأبو طاهر السلفي، وخطب فيه العز بن عبد السلام وكان في المسجد عام 415هـ حلقة درس ووعظ للسيدات، تقوم عليها إحدى النساء الشهيرات في زمانها، وهي أم الخير الحجازية.
ويعتبر مسجد عمرو قلعة للثقافة والدعوة والإعلام بالإسلام معرفة وعملاً من خلال الأنشطة المتعددة في ساحته سواء علي أعواد منبره أو كرسي الدروس فيه، أو من خلال الأنشطة الاجتماعية المتصلة مباشرة بالحي الذي يحيط به من خلال المقرأة ولجنة الزكاة وفصول التقوية وغير ذلك مما يدعم صلة المجتمع المسلم بهذا المسجد العريق.