رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ماذا بعد إفطار الأسرة المصرية؟ (1 - 2)

28-4-2022 | 20:37


عبد الرازق توفيق,

لا مجال لأحد أن يتذرع أو يتحجج أو يلقي باللوم علي الدولة أو الحكومة.. فقرارات الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطابه التاريخي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية واضحة.. تشكل دستوراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً.. وتضعنا أمام مسئولياتنا في الوصول إلي صياغة ملامح ومبادئ، وأسس وقيم ومفاهيم ورؤي الجمهورية الجديدة.. بحيث تكون هناك أطر واضحة.. حتي لا تختلط الأمور علي أحد.. أو يتعرض الوطن لأي لحظة خطر.. نختلف أو نتجاذب.. لكننا في النهاية أبناء الأسرة المصرية الواحدة.. لا نسمح لأحد أن يتدخل بيننا.. وأيضاً لا نسمح لاختلافنا أن يكون خطراً أو تهديداً للوطن.. المهم كما قال الرئيس «إن مصر تعيش».

الرئيس السيسى فتح أحضان وقلب الدولة المصرية للجميع.. لأن الوطن يسع الجميع.. فماذا نحن فاعلون أمام وقت العمل والجد؟


جاء عامراً بالرسائل المهمة والتاريخية.. معبراً ومجسداً لمرحلة جديدة من تاريخ الوطن.. لصياغة ملامح الجمهورية الجديدة.. فماذا نحن فاعلون كقوي سياسية ونُخب، ومؤيدين ومعارضين، ومتفقين ومختلفين، بل وكمصريين جميعاً، الرئيس وضعنا جميعاً أمام المسئولية.

لم تكن الدولة المصرية وهى تواجه التحديات والتهديدات غير المسبوقة فى تاريخها، تملك رفاهية الاختلاف أو الانقسام فى مواجهة خطر السقوط وفى آتون معركتى البناء والبقاء.. فرؤية الدولة كانت تستدعى أن يكون المصريون على قلب رجل واحد، صفاً واحداً فى مواجهة خطر وجودي.. وكان كل شيء مؤجلاً حتى تقف البلاد على أرض صلبة، وتفرغ من استئصال شأفة تحدياتها وتهديداتها، وفى مقدمتها الإرهاب الأسود المدفوع والممول والموجه لإسقاط الدولة المصرية، ناهيك عن سوء أوضاع اقتصادية وصلت بسبب أحداث 25 يناير إلى مؤشرات ودلالات تبعث فى النفوس الرعب والهلع على مستقبل مصر.. كل شيء مقدر ومحسوب وبتوقيتاته.. لكن من أرادوا الاختلاف ربما تعجلوا بعض الوقت.. لم يدركوا أن الوطن يحتاج الهدوء والاستقرار والتماسك والابتعاد عن التجاذبات والمشاحنات، فأهل البيت المصرى لابد أن يكونوا معاً وفى غاية التركيز لمواجهة الخطر الوجودي.. وشبه الانهيار الاقتصادي، لذلك هناك من أدرك وتصدى وقدم التضحيات تلو الأخري.. وسهر الليالى حتى يطمئن على وجود وبقاء الدولة، ودفع ثمناً باهظاً.. فالشهداء لم يفكروا فى مجرد النقاش أو الاختلاف أو التجاذبات أو حتى إبداء المطالب.. ولكنهم وصلوا إلى جُل الحقيقة.. أنه لا وقت لدينا لأى شيء آخر سوى العمل والفداء والتضحية.. لن أعيد تفاصيل واحد من أعظم خطابات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حفل إفطار الأسرة المصرية الذى كان معبراً ومجسداً فى مكوناته وحضوره عن جوهر الدولة المصرية مؤسسات وفئات وأطيافاً ومعارضين ونظاماً.. مؤيدين ومعارضين، كان المشهد كفيلاً بأن يبعث برسالة شديدة الوضوح للعالم.. إنه ربما نختلف كمصريين لكننا نجلس على مائدة واحدة نقسم خبز هذا الوطن.. فالشرفاء يحترمون العيش والملح.. ولعل مقولة نختلف من أجل الوطن، ولا نختلف عليه.. وأن الاختلاف لا يفسد للوطن قضية.. تلك العبارة التاريخية التى ساقها الرئيس السيسى فى كلمته خلال حفل إفطار الأسرة المصرية من أهم الرسائل التى تعالت فى أذهان هذا العالم، فالمائدة الرمضانية المصرية جمعت أبناء هذا الوطن الذين ربما اختلفوا من أجله لكنهم يهيمون فيه حباً.. فمصر التى لفظت أبناء الشيطان، لم ولن تسمح لمن خان وغدر وتآمر أن يكون بيننا ليأكل عيشنا وملحنا.. ويجلس معنا على مائدة الإفطار.

لن يكون تركيزى على مضمون ورسائل حفل إفطار الأسرة المصرية.. لكننى أسأل «ماذا بعد حفل إفطار الأسرة المصرية؟».. خاصة بعد الخطاب التاريخى للرئيس السيسى الذى يشكل خارطة عمل وطنى فريد.. وصياغة لمستقبل الجمهورية الجديدة.. ووضع هذا المستقبل بين أيدى أبنائه.
فى اعتقادى أن توجيه الرئيس السيسى لحوار وطنى مع جميع القوى السياسية دون استثناء أو تمييز حول أولويات المرحلة الراهنة حول إعلان تاريخى جديد لانتصار الدولة المصرية على تحديات وتهديدات ومخاطر أجلت هذا الحوار والنقاش والاختلاف المشروع من أجل الوطن.. وهى فى اعتقادى فرصة سانحة ليس لتحديد أولويات المرحلة الراهنة فحسب، ولكن أيضاً وضع أطر ومحددات للرؤى والمفاهيم والعمل على توحيدها.. وضع «خطوط حمراء».. ليس لعرقلة عمل المعارضة أو المختلفين.. ولكن لإدراك مصلحة الخطر.. وكيف عندما نختلف أو نعارض تكون سلامة الوطن ومقدراته ومستقبله أمام أعيننا، لن أتحدث عن خارطة طريق سياسية تتناسب مع «جمهورية جديدة» ارتوت أراضيها بدماء الشهداء فى إعلان واضح وصريح ومعنى حقيقى للشرف والفداء، ولكننى أتحدث من إطار واضح للجميع، «كتالوج» للسلوك السياسي.. حتى لا يتهدد الوطن بخطر السقوط والضياع والانهيار، فلا مانع أن تعارض أو تختلف، ولكن مع الوضع فى الاعتبار أن تكون عقيدة لدى الجميع، الحفاظ على الوطن، انطلاقاً من مقولتين للرئيس السيسي.. الأولي: «وانت واقف فى الميدان مش عارف إيه الكوارث، والأضرار اللى بتحصل للبلد».. والثانية عندما حانت لحظة إعلان نتيجة الانتخابات بين مرسى وشفيق.. جاءت مقولة: «المهم ليست مع مَن.. المهم مصر تعيش» .. وهى صيغة وتعبير عبقرى يعكس العشق الفطرى للوطن والحفاظ عليه والقدرة الفائقة لإنكار الذات والتضحية فى سبيل هذا العشق والحفاظ على وجود الحبيب أو الحبيبة.
فى اعتقادى أن الرئيس السيسى ألقى الكرة فى ملعبنا جميعاً.. شعارنا فى الحوار الوطنى فليتنافس المتنافسون.. ليقل كل منا ما يريد.. ويطرح ما يشاء.. فى النهاية مصلحة مصر هى الهدف، لكن مع التأكيد ونحن نخرج بنتائج وأطروحات وتصور عن المستقبل سواء السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعي، لابد أن تكون ممارساتنا رهن «خطوط وطنية حمراء» يحترمها الجميع دون تفرقة، ومن يخرج عنها يصل إلى حد المقامرة بالوطن.
الرئيس السيسى الذى تأكد له أن هذا أصبح فى درجة من الأمان والاستقرار والوقوف على أرض صلبة تسمح الآن بالحوار الوطنى الذى يهدف إلى بلورة خارطة تواكب العصر وتدرك التحديات.. وتتطلع إلى المستقبل الرحب تتناسب مع الجمهورية الجديدة.. فلا قيود على أحد فى الحوار والنقاش طالما أن الجميع يبتغى وجه هذا الوطن.
الرئيس أيضاً أعاد الكرة مرة أخرى لملعبنا عندما ذكرنا بالوضع الذى عاشت فيه البلاد.. وما آلت إليه الأوضاع فى مصر على المستوى الاقتصادى والأمنى بالأرقام والبيانات التى لا تأتيها الشكوك أو الخطأ من بين أيديها أو من خلفها، فقد تراجع التصنيف الائتمانى لمصر 6 مرات ووصلت البطالة إلى 14٪ وتلاشى الاحتياطى النقدى الأجنبي.. وتوقفت عجلة الإنتاج.. وشهدت مصر فوضى عارمة هددت قوتها ومواردها سواء على صعيد الداخل من خلال 35 ألف حالة تعد على الأراضى الزراعية فيما بين 2011 و2012.. وخارجياً تهديد أمن مصر المائى فى ظل انشغال الدولة فى السعى للحفاظ على بقائها.
أراد الرئيس أن يقطع شكوكنا بيقين ثقته.. فما حدث فى مصر فى 2011 كان أكبر من عقول البشر، وأن ما يواجهنا الآن من أزمتين عالميتين «كورنا» ثم الأزمة الروسيةــ الأوكرانية وتداعياتها الخطيرة فى ظل ما أنجزته الدولة المصرية وامتلاكها اقتصاداً واعداً بعد إصلاح شامل، حقق نجاحات كبيرة وفى ظل الفارق الكبير بين الوضع فى مصر ومثيلاتها من الدول، نقول إن مصر قادرة على عبور الأزمتين.. أراد الرئيس أن يقول لنا: اطمئنوا.. مصر بخير، ولا تسمعوا للأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه والباطل.. مصر بربها وشعبها وإنجازاتها قادرة على الصمود والتصدى والتعامل مع تداعيات الأزمة.. فلم يكن تكليف الرئيس السيسى للحكومة بعقد مؤتمر صحفى عالمى لإعلان خطة الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، إلا ثقة فى النفس والنجاح.. وقطعاً لرأس الأكاذيب ودابر الشائعات التى تروج على مدار الفيمتو ثانية.
كيف لا تطمئن أيها المواطن وأنت ترى بأم رأسك هذه المشروعات العملاقة فى مجال الأمن الغذائى على مدار السنوات السبع الماضية، وحققت نتائج فاقت التوقعات على طريق الاكتفاء الذاتى من السلع الأساسية مثل الأرز والسكر والعمل برؤية وجهود متواصلة تتحقق فى مجال القمح، خاصة أن مصر لديها ما يكفيها من هذه السلعة الاستراتيجية، حتى بداية العام القادم.. فالرئيس منذ أيام كان فى توشكى لإعلان بدء موسم حصاد القمح، وخلال شهر مايو سيكون على موعد مع إعلان بدء موسم حصاد القمح فى «مستقبل مصر» المشروع الزراعى العملاق الذى تنفذه القوات الجوية بالإضافة إلى مشروعات المزارع السمكية والحيوانية والداجنة والصوب الزراعية والتوسعات الزراعية رأسياً، التى ستقترب من زيادة المساحة المزروعة لـ3.5 مليون فدان بعد سيناء وتوشكى وشرق العوينات والدلتا الجديدة.
رسائل الاطمئنان التى أطلقها الرئيس السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية كثيرة، لكن من المهم أن نتوقف عند سؤال مهم.. ماذا نحن فاعلون بعد قرارات وكلمات الرئيس السيسى الذى وضعنا أمام مسئولياتنا.. وألقى الكرة فى ملعب الجميع، مؤيدين ومعارضين، متفقين ومختلفين.. وكان أعظم ما فى الخطاب التاريخي، الحرص على أعلى درجات الصدق والشفافية والواقعية والمصارحة والمكاشفة والالتزام الأخلاقى بالحقيقة،. هذا على صعيد الحقائق والبيانات والأرقام سواء فى 2011و 2012 أو مع بدايات 30 يونيو 2013 بيانات ومعلومات ومعجزات مصر على مدار 7 سنوات.. الأجمل أن الرئيس السيسى عندما تعرض وتناول مسلسل «الاختيار» أكد نقطة مهمة جداً، تعد دستور الجمهورية الجديدة، وهو «الشرف» حتى فى الخصومة.. فالرئيس يقسم بأن كل ما جاء فى مسلسل «الاختيار ــ 3» هو الحق والصدق بعينه.. وإن هذا ما حدث بالفعل دون لبس أو نقص أو زيادة.. ولعل ما شاهده المصريون من تهديد واضح وصريح لا يحتاج إلى تفسير أو شرح.
الحقيقة أن من يعرف الرئيس السيسى جيداً.. ويقرأ شخصيته يدرك أنه رجل يعشق الحق والصدق والإخلاص والشرف يولى الكلمة «قدسية».. يخشى اللَّه وقريب منه، يراعى مولاه فى كل خطوة وسلوك وكلمة.
هناك نقطة مهمة للغاية، لابد من التأكيد عليها، تراها بوضوح سواء على مدار الفترة الماضية، وفى أجواء حفل إفطار الأسرة المصرية.. وفى كلمات وتوجيهات وقرارات الرئيس السيسي.. أن الدولة المصرية حسنة النوايا، تفتح أحضانها وقلبها وذراعيها لكل أبنائها.. تفتح صفحات حاضرها ومستقبلها للجميع.. مؤمنة بأن الوطن يسع الجميع.. وبما أن عنوان الحفل «إفطار الأسرة المصرية» فإن من ثوابت وتقاليد الأسرة المصرية العريقة أن أمورها وأحوالها وقضاياها وحتى اختلافها وتباين وجهات النظر لا يخرج عن إطار الأسرة، ولا يبرح باب الأسرة.. فهذا شأنها وهذه قواعدها ومبادئها نتفق أو نختلف المهم أننا داخل البيت الكبير.. لكن وبما أن هذه نوايا الدولة المصرية فإن المختلفين أو المعارضين أو من تعجلوا الأمور ولم يدركوا طبيعة الوقت والمرحلة والتحديات.. فإننا جميعاً كقوى سياسية ونُخَب مصرية، علينا أن نتطهر، ونحسن النوايا، ونتوب عن الازدواجية والتناقض والمزايدات والشعارات ونلجأ إلى مدرسة الواقعية وإدراك التحديات واستشعار الظروف والتهديدات التى تواجه الوطن.. فما يصلح فى مراحل الأمن والاستقرار، لا يصلح فى أوقات الأزمات والمحن والشدائد.
لابد أن تكون القوى السياسية فى أعلى درجات الجدية والواقعية والتجرد وإنكار الذات، والابتعاد عن النرجسية والتضخم إلى واقعية الوطن، ومتطلبات حمايته والحفاظ عليه وخلق حالة سياسية وحقوقية فريدة من خلال وضع الأطر والمحددات وتحديد المفاهيم حتى لا نتوه أو نختلف، بدلاً من الألفاظ والمعانى المطاطية.. وحتى نضع أمامنا علامات وخطوطاً نلتزم بها جميعاً، تحصن الوطن من العواصف والمخاطر والتهديدات.
الحقيقة أن كلمة الرئيس السيسى فى حفل إفطار الأسرة المصرية تكشف عن مرحلة جديدة وتاريخ جديد.. وجمهورية جديدة.. أكدت معانى النزاهة والشفافية، والصدق والواقعية والشرف فى الخصومة والالتزام بأعلى معايير الأمانة، منحتنا الثقة فى أنفسنا فقد تجاوزنا فى 2011 و2012 الأصعب والأخطر، ونحن الآن نقف على أرض صلبة أكثر جاهزية واستعداداً للمقاومة والصمود.. أيضاً أدركنا فى كلمات الرئيس أن الفرصة ذهبية وسانحة لحوار وطنى للقوى السياسية للقضاء على الفوضى السياسية والمجتمعية والمفاهيم المغلوطة عن الحرية وحقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير والديمقراطية.
فى اعتقادى أن كلمة الرئيس السيسى وقراراته فى حفل إفطار الأسرة المصرية جسدت مدى الحاجة إلى دستور سياسى واقتصادى واجتماعى وأخلاقى جديدة «كتالوج» جديد يليق بجمهورية جديدة بُنيت على الشرف والعمل والعطاء والتضحية.
نحن فى حاجة شديدة إلى الإخلاص والتطهير من خطايا الماضى، وأن نكون على مستوى صدق الدولة المصرية، وعلى مستوى دعوة الرئيس السيسى لنا جميعاً أن نكون على قدر المسئولية فى حماية الوطن وبناء مستقبله والحفاظ عليه لأننا جميعاً شركاء ونعيش فى وطن يسع الجميع مهما اختلفنا فى وجهات النظر فى الدين واللون فى الوظيفة والمناصب، فى السكن والمستوى الاجتماعي.. جميعنا مصريون.. نأكل ونشرب ونعيش من خير هذا الوطن.
بعد كلمة الرئيس لا حجة لأحد، لا مجال للشماعات أو نشر الشائعات، أو التعليقات والإيحاءات على وسائل التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا» لا تدرك مصلحة الوطن.. الفرصة ثمينة أمام القطاع الخاص، أمام رجال الصناعة أمام صياغة جديدة لواقعنا الاقتصادي، بل وعقيدتنا الاقتصادية تقوم على الشراكة بين أبناء الوطن أو بين الدولة والقطاع الخاص.


تحيا مصر