رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


التدابير الشرعية لحماية البيئة (1 – 7)

28-4-2022 | 21:34


أ.د أحمد كريمة,

نظرة الإسلام إلى الكون

ينظر الإسلام إلى الكون بما فيه من جبال وأنهار ونجوم وكواكب ونبات وبحار وغير ذلك من مخلوقات الله تعالى على أنهار من مخلوقات الله تعالى مسخرة للإنسان ينتفع بها ويستخرج خيراتها، يقول الله عز وجل شأنه: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) النحل: (12(

فالأرض وما فيها من خيرات خلقها المنعم سبحانه للإنسان ( وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) النحل: 13 ، والبحر بما فيه خلقة الخالق سبحانه للإنسان ليستغل ما فيه من خيرات ، يقول الله تباركت أسماؤه: ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل: 14، والجبال خلقها الله تعالى كذلك ليستخرج الإنسان منها المعادن ولتحقق التوازن للأرض، والنجوم يستدل بهذا الإنسان على أمور نافعة متعددة، قال الله تعالى: وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ ۚ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) سورة النحل

ويحض الإسلام على استكشاف مكونات ومعرفة سننه الإلهية وقوانينه الربانية ليستدل على طلاقه الإلهية، وشمولية الإرادة الربانية، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، (قل أنظروا ماذا في السماوات والأرض )، ( ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما )،( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) ، (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء مـوزون)  .

علاقة الإنسان بالكون المنظور الشرعي الإسلامي:-

قرر الإسلام دين الله – تعالى – للعاملين ، أن الإنسان أشرف الموجودات ، فهو الذي خلقه الله –عز وجل – بيده ، وأسجد له ملائكته ، وسخر له من مخلوقات الله – سبحانه – ما تهيئ له على الأرض حياة طيبة .

ولا خلاف بين الفقهاء في أن بنى آدم أفضل من كل المخلوقات سوى الملائكة ، وأجمع المسلمون على طهارة الآدمى ودمعه ولعابه، وعرقه، ولبنه، وبزاقه ومخاطه، سواء مسلماً أم كافراً، وسواء أكان محدثاً أم جنبا، أم حـائض أم نفساء، والأصل فيه :- قول الله – جل وعلا (ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).

ويخبر الله –تعالى – بامتنانه على بنى آدم بتنويهه بفكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم، وكرامة عظيمة لآدم، وقد دل على هذا أحاديث كثيرة منها حديث الشفاعة، وحديث موسى – عليه السلام "فلما أجتمع به قال: أنت آدم – عليه السلام – الذي خلقه الله – تعالى – بيده، ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته".

إذا علم هذا، فإن وجود الإنسان على الأرض بإرادة الله – عز وجل – والذي جعله مستخلصاً فيها، قال – تعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) وهذه الخلافة تقتضى من الإنسان عدة أمور مهمة منها :

أولاً:- الفقع نفقة ولغيره سواء من بنى جنسه أو لشتى المخلوقات، قال الله – تعالى – "وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم "

ثانياً : أن تسخير الكون للإنسان يوجب على الإنسان بذل جهده في الاستفادة مما سخره الله – تعالى –له وتعميره وتطويره وتحسينه .

ثالثاً : أن نعم الله – عز وجل – على الإنسان لا تعدوا ولا تحصى، وأنها في واقع الأمر (أمانات ) يسأل عنها الإنسان يوم الحساب.. وهذا وأشباهه وأمثاله ونظائره يؤدى بنا – فيما نحن بصدره - إلى حقائق مهمة تكشف عن علاقة الإنسان بالكون من المنظور الشرعي الإسلامي أهمها :

أ- علاقة الإنسان بالبيئة ترتكز على أصول عقائدية وأخلاقية ، فمالك البيئة هو خالقها – سبحانه – وما الإنسان إلا مستخلف فيها يستفيد منها وهى بمكوناتها (أمانات) يجب عليه التعاون لكل ما فيه خير وبر يصلح الفرد ويسعد المجتمع ، قال الله – تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )

إن حماية البيئة من مقاصدها المحافظة على الأمن الداخلي للمجتمع رعاية للمصالح العليا للجماعة من حماية النفوس والأموال والنسل، مما يوفر للفرد والجماعة ظروف العيش الكريم، يقول الله تعالى:-(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) .