صيام الست من شوال.. هل يشترط التتابع فيهم؟
مع انتهاء شهر رمضان المبارك وبدء شوال، يبدأ الكثيرون في صيام الست من شوال لما لهم من فضل، وصيام تلك الأيام والمعروفة باسم «الستة البيض»، هو سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتساءل الكثيرون عن كيفية صيام تلك الأيام، وهل يشترط صيامهم متتابعين أم يمكن صيام الأيام متفرقة.
وقد أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، كيفية صيام تلك الأيام وهل يشترط التتابع فيهم، حيث أوضحت اللجنة أنه قال رَسُولﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» . صحيح مسلم (2/ 822).
وأوضحت أنه اختلف الفقهاء في الأفضل هل تتابعها أو تفريقها ، فذهب فريق من الفقهاء منهم الشافعية إلى استحباب تتابعها ووصلها بعد العيد لظاهر قوله: "ثم أتبعه" " قال النووي : يسن صوم ستة من شوال وتتابعها أفضل . منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه (ص: 79).
وأضافت أنه ذهب أبو حنيفة إلى استحباب تفريقها حذرًا من أن يظن العوام أنها من الصوم المفروض، مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص: 236)، مؤكدة أنه يحصل امتثال السنة في كلتا الحالتين سواء تتابع الصوم أم تفرق.
فضل صيام الست من شوال
وعن فضل صيام الست من شوال، أوضحت دار الإفتاء أنه ورد في السنة المشرفة الحث على صيام ستة أيام من شوال عقب إتمام صوم رمضان، وأن ذلك يعدل في الثواب صيام سنة كاملة؛ فروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر».
وأشارت إلى أن تفسير أن ذلك يعدل هذا القدر من الثواب، هو أن الحسنة بعشر أمثالها؛ روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا»، وعليه: فصيام شهر رمضان يعدل صيام عشرة أشهر، وصيام الستة أيام من شوال يعدل ستين يومًا قدر شهرين، فيكون المجموع اثني عشر شهرًا تمام السنة.
وقد استحب عامة العلماء صيام هذه الأيام الست في شوال؛ فروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وطاوس والشعبي وميمون بن مهران، وهو قول ابن المبارك وإسحاق -انظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 56، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 218، ط. دار ابن حزم)-، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة كذلك.
وعن صيامهم متتابعين أم متفرقين أيهما أفضل، أكدت أن العلماء اختلفوا في الأفضل في صيامها هل هو التتابع أو التفريق؟، فذهب الحنفية إلى أفضلية التفريق؛ قال الإمام الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 151، ط. دار الكتب العلمية): [(وندب تفريق صوم الست من شوال)، ولا يكره التتابع على المختار] اهـ.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أفضلية التتابع؛ قال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 184، ط. دار الكتب العلمية): [يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بستٍّ من شوال كلفظ الحديث، وتحصل السنة بصومها متفرقةً، (و) لكن (تتابعها أفضل) عقب العيد؛ مبادرةً إلى العبادة، ولما في التأخير من الآفات] اهـ.