زي اليومين دول منذ 26 عامأ كنت موجودأ في السعودية عام 1996 لإجراء عملية زرع أسنان هناك بقرار سامي أصدره المغفور له الملك فهد بعلاجي على نفقة خادم الحرمين الشريفين.
سافرت جدة عام 1996 رغم أن القرار السامي كنت استلمته عام 1994 من صديقي الفنان والكاتب الصحفي السعودي البارز يحيي باجنيد.
حضرتك طبعا مستغرب واحد معاه قرار ملكي زي ده إزاي يتأخر عامين عن السفر للمملكة العربية السعودية.. لما قلت لصحابي أنا مسافر اتعالج على نفقة الملك فهد محدش صدقني..بعضهم قال ده بيهلفط لكن أكثرهم صدقوا لما طلعت فاكس الديوان الملكي السعودي!
طبعا عاوزين تعرفوا ظروف وقصة خروج هذا القرار الملكي بعلاجي داخل السعودية أو في أي بلد في العالم ..
القصة بدأت منتصف عام 1994 عندما كنا نتناول العشاء في فندق الماريوت..صديقي الأستاذ يحيي باجنيد والعبد لله..طبعا على حساب صديقي..أمال؟!.. أدفع أنا و أخليه يزعل مني ويبتدي يتعامل معايا كرئيس تحرير.. مش كصديق ؟!
وإحنا بنتعشى في أمان الله فجأة لقيت طاقم الأسنان العلوي طاير من بقي على طبق السلاطة..اتخض صاحب العزومة اللي هو رئيس تحرير مجلة إقرأ السعودية اللي كنت أدير مكتبها في مصر منذ عام 1989..مش بس اتخض..لا..بص لي طويلا بعمق بصة فهمت بعدها بكام شهر هو كان ليه باصص لي كده !
بعد ما رجع الأستاذ باجنيد إلى جدة بكام أسبوع لقيته بيتصل بيا..انت لسه في المكتب اتصلت بك في البيت المدام قالتلي ده لسه متصل بيا من المكتب..
المهم فاجأني باجنيد الجميل عندي لك خبر جميل.. صدر القرار السامي بعلاجك كاملة على نفقة خادم الحرمين الشريفين هنا في جدة أو في أي بلد في العالم تختاره..
عدي شهر واتنين وتلاتة وما سافرتش..جه أكتوبر 1994 وحصلت لي ولأخي إدريس صدمة حيث توفيت إلى رحمة الله زوجته الطيبة في الكويت حيث يعمل..الوفاة كانت يوم الخميس..صديق عمري سلامة مجاهد اللي قالي على الخبر لف بيا لفة طويلة..من بيتي للنادي الأهلي..وكنت كل شوية أسأله انت مالك..مزعل هيام ولا إيه..انت مش طبيعي خالص النهارده يا سولم..سبنا النادي ورحنا بيته..شوية وجت هيام من روز اليوسف حيث تعمل صحفية..اتشجع سلامة شوية لما جت هيام مراته ..كنت حاسس أن في حكاية غريبة هما عارفينها ومش عاوزين يقولوها ..شوية شوية سلامة قالي مرات أخوك ماتت..حميدة ماتت..حميدة ماتت..هو ده اللي طلع عليا وقتها..لازم أسافر الكويت..اتصل سلامة بصلاح طه سكرتير الأستاذ مكرم رئيس مجلس إدارة دار الهلال ورئيس تحرير المصور..فات ربع ساعة..وربع ساعة أخري عدت.. ولا حس ولا خبر..لم أتلق أي اتصال من الأستاذ مكرم..كلم سلامة الأستاذ إبراهيم حجازي اللي ساب مكتبه في المبني الصحفي ونزل جري إلي المبني الرئيسي للأهرام ..بعد 5 دقائق تلقي سلامة اتصالأ من اللورد الصغير إبراهيم ثم من اللورد الكبير قوي الأستاذ إبراهيم نافع..سولم خد سيادة النقيب عاوز يكلمك.. البقية في حياتك يا سليمان..ابعت لي جواز السفر ..بس السفارة قافلة يا ريس النهارده الخميس ..بأقولك ابعت الجواز.. وفتح النقيب نافع بالفعل أبواب سفارة الكويت رغم أجازتها المعروفة للكافة..وفي المساء لقيت عربية الأهرام واقفة قصاد بلوك 35 بمساكن زينهم حيث بيت العيلة ..موظف العلاقات العامة بالأهرام عزاني ثم سلمني الجواز وتذاكر السفر للكويت وحجز 3 أيام في فندق شيراتون الكويت..
صباح الجمعة سافرت الكويت في اليوم التالي للوفاة..أصدقاء إدريس رأسهم والف سيف ما يسيبوني فندق إيه يا سليمان انت كده بتشتمنا ..وكان..فضلت معاهم و لم أذهب للفندق.. ورجعت يوم الإثنين بالجثمان حيث جري دفن المرحومة حميدة..يوم الثلاثاء حضر الأستاذ يوسف القعيد لتقديم واجب العزاء ..سلمته طلب أجازة لمدة شهر عشان أرجع الكويت بعد يومين وأقف جنب أخويا المنهار وأواسي ولاده التلاتة هيثم وحمادة وطاطا..
للأسف حدث ما لم أكن أتوقعه بالمرة..هو أنا في إيه ولا إيه..صال وجال أحد الأصدقاء من مدمني النقابة وراح يقول لكل واحد يشوفه: "شفتوا ااإبراهيم نافع عمل ايه ل سليمان..شفتوا مكرم عمل ايه ف سليمان"؟!!!
طبعا الاستاذ مكرم زعل قوي بس أنا مالي يزعل مني ليه..وبدأ الرجل الذي تعلمت منه كيف أكون صحفيأ يحترم نفسه يتعامل معي بأساليب غير طيبة بالمرة..فوجدت نفسي أكتب استقالة غير مسببة وأقدمها له وفي عيني دموع تنهمر..وتركت دار الهلال عامين كاملين..!
عارف اني طولت عليكم عارف والله.. بس كان لازم أحكي كل اللي فات ده عشان تعرفوا إيه اللي خلاني أتأخر عامين عن السفر لتلقي العلاج في السعودية.!
في مطار جدة الدولي أول ما نزلت من الطيارة لقيت شاب محترم ومهذب في انتظاري بصالة كبار الزوار..حاجة أخر آبهة..أهلا أهلايا أستاذ سليمان..أخوك محمد الشعراني من الديوان الملكي..على طول طلعنا على فندق أنيق بجدة.. قالي: استريح كام يوم في الفندق وسوف أتصل بك صباحأ ومساء.. لنبدأ رحلة العلاج يا استاذ سليمان..ماشي..قلت ماشي..
في مستشفي الملك فهد العام بجدة اكتشف الطبيب السكندري العالمي مصطفي المصطيهي أن حالة اللثة لن تسمح بزرع أسنان.. ولما سألته طب ايه هو الحل الممكن.. قال نعملك طاقم أسنان متحرك.. اللثة عندك ضعيفة ومتآكلة قوي قوي يا أستاذ سليمان..
لما رحت مكتب د. عبد الرحمن الخياط وكيل مديرية الصحة بمكة وجدة والمدينة اللي حسيت بحبه لمصر والمصريين لأنه خريج طب قصر العيني قالي: الدكتور المصطيهي ده عبقري جدا ولو كان شايف أن عملية زرع الأسنان ينفع تعملها في أي بلد بره كان أشر وكتب لك توصية بذلك..
زهقت من قعدتي في الفندق وأخبرت الأخ الشعراني مندوب الديوان الملكي بأنني سأترك الفندق وأسكن مع صديق عمري ربيع أبو الخير سكرتير تحرير جريدة الرياضية إحدي إصدارات الشركة السعودية للأبحاث..
في اليوم الثالث لإقامتي بشقة ربيع..كانت المفاجأة عندما سأل الأستاذ عبد العزيز شرقي ربيع: الأستاذ إبراهيم حجازي بيقولي أن سليمان موجود هنا للعلاج على نفقة الملك..انت عارف هو نازل فين؟..عندي قاله..طب هاته بكره أشوفه وأسلم عليه..
في مكتب الأستاذ عبد العزيز شرقي أخدني الرجل بالأحضان ..مش كنت تقول أنك جاي..أو جيت هنا..لولا حجازي ما كنت عرفت بوجودك ..وراح الأستاذ شرقي يستفسر عن علاج أسناني وهل هناك أي عقبات.. هنا بدأت أول خطوة في قصة لقائي الأول والأخير مع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد..هذا اللقاء الذي دام قرابة نصف ساعة أظهر فيها أمير الشباب العربي أد إيه هو كان بيحب ويعشق مصر والمصريين..طبعأ عاوزين تعرفوا اللي دار بين الأمير فيصل بن فهد والعبد لله ..انتظروا مقالي القادم..!