رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


هل‭ ‬نجح‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬تاريخ‭ ‬الجماعة؟

12-5-2022 | 14:56


محمد الباز

محمد الباز

فى‭ ‬العام‭ ‬2009‭ ‬وعندما‭ ‬أعلن‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬أنه‭ ‬يستعد‭ ‬لكتابة‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مسلسله‭ ‬الجماعة،‭ ‬تواصل‭ ‬معه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬قالوا‭ ‬له‭ ‬أنهم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يوفروا‭ ‬له‭ ‬المراجع‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستعين‭ ‬بها‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬عمله‭. ‬

رفض‭ ‬وحيد،‭ ‬وقال‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬المراجع‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فى‭ ‬مكتباتهم‭ ‬لديه‭ ‬بالفعل،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إليهم،‭ ‬لأنه‭ ‬سيكتب‭ ‬التاريخ‭ ‬بشكل‭ ‬محايد‭. ‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬يتلاشى‭ ‬أثر‭ ‬اتصال‭ ‬قيادات‭ ‬الإخوان‭ ‬بوحيد،‭ ‬وجد‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الأمنية‭ ‬يتواصلون‭ ‬معه،‭ ‬ويبدون‭ ‬استعدادهم‭ ‬لوضع‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬والمحاضر‭ ‬وأوراق‭ ‬القضايا‭ ‬التى‭ ‬تخص‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬وهى‭ ‬حتما‭ ‬ستساعده‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬تاريخ‭ ‬دقيق‭ ‬للجماعة‭. ‬

رفض‭ ‬وحيد‭ ‬عرض‭ ‬القيادات‭ ‬الأمنية،‭ ‬ورد‭ ‬عليهم‭ ‬بنفس‭ ‬الرد،‭ ‬فلديه‭ ‬كل‭ ‬الوثائق‭ ‬التى‭ ‬تخص‭ ‬الجماعة،‭ ‬وهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه،‭ ‬لا‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬الآخرون‭. ‬

وعندما‭ ‬شرع‭ ‬وحيد‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬الجزء‭ ‬الثانى‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬2017،‭ ‬وجد‭ ‬من‭ ‬يطرق‭ ‬بابه‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بتاريخ‭ ‬الجماعة،‭ ‬يعرضون‭ ‬عليه‭ ‬المساعدة،‭ ‬لكنه‭ ‬اعتصم‭ ‬بمنهجه،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬ما‭ ‬توصلت‭ ‬إليه‭ ‬نتائج‭ ‬بحثه‭ ‬وحده‭. ‬

الآن‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭: ‬هل‭ ‬كتب‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬ما‭ ‬يرضى‭ ‬ضميره،‭ ‬وما‭ ‬يرضى‭ ‬عنه‭ ‬التاريخ؟‭ ‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬وحيد‭ ‬وهو‭ ‬الدراماتورجى‭ ‬الأعظم‭ ‬فى‭ ‬تاريخنا‭ ‬مات‭ ‬وهو‭ ‬راض‭ ‬تماما‭ ‬عما‭ ‬فعل،‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يلتفت‭ ‬إلى‭ ‬الانتقادات‭ ‬الكثيرة‭ ‬التى‭ ‬نالت‭ ‬منه،‭ ‬ووضعت‭ ‬مصداقيته‭ ‬على‭ ‬المحك‭.‬

لكن‭ ‬هل‭ ‬يكفى‭ ‬رضا‭ ‬وحيد‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وحده،‭ ‬لنسلم‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬الجزأين‭ ‬الأول‭ ‬والثانى‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬بالفعل،‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬وهو‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬باحثا‭ ‬تاريخيا‭ ‬فى‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موفقا؟‭ ‬

أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬الآن‭ ‬–وهو‭ ‬ما‭ ‬قلته‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬حياته–‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إلا‭ ‬رؤيته‭ ‬هو،‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬فيما‭ ‬جرى،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معبرا‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬نعتقد‭ ‬أنه‭ ‬حقيقة‭. ‬

كان‭ ‬يحلو‭ ‬لوحيد‭ ‬حامد‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬النظام‭ ‬والإخوان،‭ ‬لا‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬هؤلاء‭ ‬ولا‭ ‬إلى‭ ‬هؤلاء،‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬أنه‭ ‬صوت‭ ‬الناس،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬إدعاءات‭ ‬الجماعة‭ ‬ومزاعم‭ ‬النظام،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬حقه‭ ‬تماما،‭ ‬لكن‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقبل‭ ‬هذا‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬فى‭ ‬مقال‭ ‬صحفى‭ ‬أو‭ ‬حوار‭ ‬يجريه‭ ‬معه‭ ‬مذيع‭ ‬تليفزيونى،‭ ‬لكننا‭ ‬ولأننا‭ ‬أمام‭ ‬عمل‭ ‬درامى‭ ‬يقول‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬توثيق‭ ‬للتاريخ،‭ ‬فمن‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نراجعه‭. ‬

حاول‭ ‬وحيد‭ ‬أن‭ ‬يحمى‭ ‬نفسه،‭ ‬ويضع‭ ‬بين‭ ‬مصداقيته‭ ‬ومن‭ ‬يريدون‭ ‬خدشها‭ ‬حاجزا‭ ‬عاليا،‭ ‬فأثبت‭ ‬فى‭ ‬التيتر‭ ‬الأخير‭ ‬لمسلسله‭ ‬بجزئيه‭ ‬قائمة‭ ‬مراجع‭ ‬طويلة،‭ ‬قال‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يركن‭ ‬إلى‭ ‬خياله،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬صحيح،‭ ‬ولكنه‭ ‬أخذ‭ ‬من‭ ‬مراجع‭ ‬الطرفين،‭ ‬ونسج‭ ‬حالة‭ ‬درامية‭ ‬هى‭ ‬إلى‭ ‬الحقيقة‭ ‬أقرب‭. ‬

مر‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬دون‭ ‬صخب‭ ‬يليق‭ ‬بأول‭ ‬عمل‭ ‬درامى‭ ‬يسير‭ ‬مع‭ ‬تاريخ‭ ‬الجماعة‭ ‬خطوة‭ ‬بخطوة،‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬حالة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬التى‭ ‬خرج‭ ‬فيها‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قد‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى،‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬الجزء‭ ‬الثانى‭ ‬تعرض‭ ‬وحيد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يمكننا‭ ‬اعتباره‭ ‬سبا‭ ‬وقذفا‭ ‬وتكذيبا‭ ‬وتشهيرا،‭ ‬وجاءه‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬رصده‭ ‬للعلاقة‭ ‬بين‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وسيد‭ ‬قطب،‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬العمود‭ ‬الفقرى‭ ‬للجزء‭ ‬الثانى‭. ‬

الذين‭ ‬شاهدوا‭ ‬الجزء‭ ‬الثانى‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬الجماعة‭ ‬سيتخيلون‭ ‬أن‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬صنع‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬ووضع‭ ‬فى‭ ‬رأسه‭ ‬فكرة‭ ‬الثورة،‭ ‬بل‭ ‬ظل‭ ‬إلى‭ ‬جواره‭ ‬مستشارا‭ ‬أمينا‭ ‬له،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلتبس‭ ‬عليه‭ ‬الأمر‭ ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬قطب‭ ‬كان‭ ‬يحرك‭ ‬عبدالناصر‭ ‬مثل‭ ‬الدمية‭ ‬بين‭ ‬يديه‭. ‬

بدا‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬الذى‭ ‬صنعه‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬كمرشد‭ ‬يأخذ‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬من‭ ‬يديه،‭ ‬يضعه‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬يصوب‭ ‬له‭ ‬أخطاءه،‭ ‬ويعلمه‭ ‬كيف‭ ‬يفكر‭ ‬وكيف‭ ‬يخطط،‭ ‬ولا‭ ‬يتردد‭ ‬عن‭ ‬تعنيفه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يعجبه‭. ‬

واجه‭ ‬وحيد‭ ‬اعتراضات‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬صاغه‭ ‬دراميا‭ ‬عن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وقطب،‭ ‬لكنه‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬كتب‭ ‬الحقيقة‭ ‬التى‭ ‬استند‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬المراجع‭ ‬المعتمدة،‭ ‬لكن‭ ‬وحيد‭ ‬سامحه‭ ‬الله‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬دقيقا‭ ‬فيما‭ ‬كتبه،‭ ‬وعندما‭ ‬راجعته‭ ‬فيما‭ ‬كتبه‭ ‬فى‭ ‬مقابلة‭ ‬بينى‭ ‬وبينه،‭ ‬وجدته‭ ‬غاضبا‭ ‬ممن‭ ‬هاجموه،‭ ‬وقال‭ ‬لى‭: ‬إنهم‭ ‬لا‭ ‬يقرأون‭... ‬وإذا‭ ‬قرأوا‭ ‬فإنهم‭ ‬لا‭ ‬يفهمون،‭ ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬وحيد‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يقرأ‭ ‬جيدا‭. ‬

وهنا‭ ‬سأعرض‭ ‬لبعض‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬فى‭ ‬مقال‭ ‬مهم‭ ‬كتبه‭ "‬عمرو‭ ‬صابح‭" ‬وهو‭ ‬كاتب‭ ‬وباحث‭ ‬مهتم‭ ‬بالتاريخ‭ ‬وكتب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬والدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬التى‭ ‬تكشف‭ ‬خفايا‭ ‬تاريخنا‭ ‬العربى‭ ‬المعاصر‭. ‬

لدى‭ ‬عمرو‭ ‬مشروع‭ ‬واضح‭ ‬لإعادة‭ ‬كتابة‭ ‬تاريخ‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬النقاط‭ ‬الخلافية‭ ‬فى‭ ‬تاريخه‭. ‬

فى‭ ‬مقاله‭ ‬مسلسل‭ "‬الجماعة‭ ‬2‭" ‬وحقيقة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وسيد‭ ‬قطب،‭ ‬يذهب‭ ‬عمرو‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تصوير‭ ‬عبدالناصر‭ ‬كتلميذ‭ ‬مخلص‭ ‬وتابع‭ ‬أمين‭ ‬لسيد‭ ‬قطب،‭ ‬يستشيره‭ ‬فى‭ ‬شتى‭ ‬الأمور،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬للثورة‭ ‬وصولا‭ ‬لاختيار‭ ‬مسمى‭ ‬الانقلاب‭ ‬العسكرى،‭ ‬وكيفية‭ ‬إدارة‭ ‬البلاد،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬وجماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬ويحتوى‭ ‬المسلسل‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مشاهد‭ ‬يبدو‭ ‬فيها‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬كزعيم‭ ‬للضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬الذين‭ ‬يجلسون‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬كالأطفال،‭ ‬يستلهمون‭ ‬حكمته‭ ‬وحنكته‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭. ‬

يكشف‭ ‬عمرو‭ ‬صابح‭ ‬أن‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬اعتمد‭ ‬فى‭ ‬رسمه‭ ‬للعلاقة‭ ‬بين‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وسيد‭ ‬قطب‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬واحد‭ ‬وهو‭ "‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬والإخوان‭ ‬بين‭ ‬الوفاق‭ ‬والشقاق‭" ‬الذى‭ ‬أعده‭ ‬سليمان‭ ‬الحكيم‭ ‬ونشره‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬2010،‭ ‬وبه‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬المستشار‭ ‬الإخوانى‭ ‬الدمرداش‭ ‬العقالى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬الجهاز‭ ‬السرى‭ ‬للإخوان‭ ‬وزعيم‭ ‬الطلبة‭ ‬الإخوان‭ ‬بالجماعة،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬كان‭ ‬الصديق‭ ‬المقرب‭ ‬من‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬والشباب،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬زوجا‭ ‬لابنة‭ ‬أخت‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭. ‬

فى‭ ‬الكتاب‭ ‬يقول‭ ‬الدمرادش‭ ‬العقالى‭ ‬إن‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬كان‭ ‬مفكر‭ ‬الثورة‭ ‬ومنظرها‭ ‬الأول،‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬رسول‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬للتجمعات‭ ‬الطلابية،‭ ‬وكان‭ ‬القلم‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬الثورة،‭ ‬وكان‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬عبدالناصر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬العقل‭ ‬وعبدالناصر‭ ‬الجسد،‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬أن‭ ‬يوجه‭ ‬الجسد‭ ‬العقل،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬أن‭ ‬يوجه‭ ‬الجسد‭.‬

ويرصد‭ ‬عمرو‭ ‬صابح‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬الحوارات‭ ‬التى‭ ‬دارت‭ ‬بين‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬وجمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬خلال‭ ‬المشاهد‭ ‬التى‭ ‬جمعت‭ ‬بينهما‭ ‬فى‭ ‬المسلسل،‭ ‬قام‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬بتحويل‭ ‬مقالات‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬المؤيدة‭ ‬للثورة،‭ ‬والتى‭ ‬كتبها‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬أغسطس‭ ‬حتى‭ ‬20‭ ‬أكتوبر‭ ‬1952‭ ‬فى‭ ‬صحف‭ ‬الأخبار‭ ‬وروزاليوسف‭ ‬والرسالة،‭ ‬إلى‭ ‬آراء‭ ‬ومقترحات‭ ‬وأفكار‭ ‬يمليها‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬على‭ ‬عبدالناصر‭ ‬والضباط‭ ‬الأحرار،‭ ‬وهم‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬انبهار‭ ‬بحكمته‭ ‬وبراعته‭ ‬السياسية‭. ‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬فعلا‭ ‬وطبقا‭ ‬للمصادر‭ ‬التى‭ ‬استعان‭ ‬بها‭ ‬عمرو‭ ‬صابح،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬مصدران‭ ‬فقط‭ ‬تحدثا‭ ‬عن‭ ‬لقاء‭ ‬سيد‭ ‬بالضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬قبل‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭. ‬

المصدر‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬مقال‭ ‬للأديب‭ ‬سليمان‭ ‬فياض‭ ‬بمجلة‭ ‬الهلال‭ ‬عدد‭ ‬سبتمبر‭ ‬1986،‭ ‬وقال‭ ‬فيه‭ ‬إن‭ ‬قطب‭ ‬أخبره‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬بالضباط‭ ‬الأحرار،‭ ‬وكان‭ ‬بعضهم‭ ‬يزوره‭ ‬فى‭ ‬منزله‭ ‬بضاحية‭ ‬حلوان‭.‬

أما‭ ‬المصدر‭ ‬الثانى‭ ‬فهو‭ ‬كتاب‭ "‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬من‭ ‬الميلاد‭ ‬للاستشهاد‭" ‬للكاتب‭ ‬الإخوانى‭ ‬القطبى‭ ‬صلاح‭ ‬الخالدى،‭ ‬ويتحدث‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬قطب‭ ‬والضباط‭ ‬الأحرار،‭ ‬وأن‭ ‬الإعداد‭ ‬للثورة‭ ‬وتنفيذها‭ ‬كان‭ ‬تخطيطا‭ ‬مشتركا‭ ‬بين‭ ‬الضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬وقطب‭. ‬
لكن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬يتلاشى‭ ‬فى‭ ‬الهواء،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬كتبوا‭ ‬عن‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬والضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬اعتمدوا‭ ‬على‭ ‬روايات‭ ‬قطب‭ ‬نفسه‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عليها‭ ‬شاهد‭ ‬سواه‭. ‬

ويعدد‭ ‬عمرو‭ ‬صابح‭ ‬أدلته‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬وجمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬بالصورة‭ ‬التى‭ ‬يصورها‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬تحدثوا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭. ‬

أولا‭: ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬صورة‭ ‬واحدة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وسيد‭ ‬قطب،‭ ‬علما‭ ‬بوجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬لعبدالناصر‭ ‬مع‭ ‬حسن‭ ‬الهضيبى‭ ‬ومحمد‭ ‬فرغلى‭ ‬وعبدالحكيم‭ ‬عابدين‭ ‬وعبدالقادر‭ ‬عودة‭ ‬وصالح‭ ‬عشماوى‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الجماعة‭. ‬

ثانيا‭: ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ "‬لماذا‭ ‬أعدمونى؟‭" ‬وهو‭ ‬كتاب‭ ‬يضم‭ ‬شهادته‭ ‬عن‭ ‬علاقته‭ ‬بالإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬وثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو،‭ ‬ويعده‭ ‬الإخوان‭ ‬من‭ ‬أدبياتهم‭ ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬مطلقا‭ ‬أى‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بجمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬قبل‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭. ‬

ثالثا‭: ‬ليس‭ ‬صحيحا‭ ‬أن‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬أطلق‭ ‬مسمى‭ ‬الانقلاب‭ ‬العسكرى‭ ‬على‭ ‬الثورة،‭ ‬فمنذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬الضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬يطلقون‭ ‬على‭ ‬تحركهم‭ ‬‭"‬الثورة‭"‬،‭ ‬وكان‭ ‬محمد‭ ‬نجيب‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬اقترح‭ ‬اسم‭ ‬الحركة،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬الثورة‭ ‬سوف‭ ‬تثير‭ ‬فزع‭ ‬الناس‭ ‬خاصة‭ ‬الرأسماليين‭.‬
ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬فلا‭ ‬يزال‭ ‬السؤال‭ ‬مراوغا‭. ‬

فما‭ ‬هى‭ ‬حكاية‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬مع‭ ‬الضباط‭ ‬الأحرار؟‭ ‬

وهل‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬مباشرة‭ ‬بهم؟‭ ‬

ومتى‭ ‬ظهر‭ ‬على‭ ‬خريطتهم؟‭ ‬

يذهب‭ ‬عمرو‭ ‬صابح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬علاقة‭ ‬قطب‭ ‬بالثورة‭ ‬جاءت‭ ‬عبر‭ ‬البكباشى‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬أمين‭ ‬أحد‭ ‬ضباط‭ ‬سلاح‭ ‬المدفعية،‭ ‬والذى‭ ‬انضم‭ ‬للضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬يوم‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬1952،‭ ‬لانحيازه‭ ‬للثورة‭ ‬فور‭ ‬علمه‭ ‬بها‭ ‬ولشعبيته‭ ‬داخل‭ ‬سلاح‭ ‬المدفعية،‭ ‬وتم‭ ‬تكليفه‭ ‬بملف‭ ‬العمال،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بتعيين‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬كمستشار‭ ‬له‭. ‬

للتأكيد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬قراءة‭ ‬مقال‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬الذى‭ ‬نشره‭ ‬فى‭ ‬جريدة‭ ‬الأخبار‭ ‬فى‭ ‬15‭ ‬أغسطس‭ ‬1952‭ ‬وكان‭ ‬عنوانه‭ "‬حركات‭ ‬لا‭ ‬تخيفنا‭"‬،‭ ‬وطالب‭ ‬فيه‭ ‬بالضرب‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬حديد‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يثير‭ ‬الاضطرابات،‭ ‬وكان‭ ‬يعلق‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬إضرابات‭ ‬العمال‭ ‬فى‭ ‬كفر‭ ‬الدوار‭ ‬التى‭ ‬انتهت‭ ‬بإعدام‭ ‬خميس‭ ‬والبقرى،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬أمين‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يتولى‭ ‬القضية،‭ ‬وكان‭ ‬مقال‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬يدعمه‭ ‬بوصفه‭ ‬مستشاره‭. ‬

وعندما‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬قيادة‭ ‬الثورة‭ ‬قرارا‭ ‬بإقالة‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬أمين‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬وإرساله‭ ‬سفيرا‭ ‬لمصر‭ ‬فى‭ ‬هولندا‭ ‬فى‭ ‬مارس‭ ‬1953،‭ ‬غضب‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬وأعلن‭ ‬انضمامه‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬رسميا‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭. ‬

حاول‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬يعترضوا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬وحيد‭ ‬حامد،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إخوانيا،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬كذلك،‭ ‬فمن‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬من‭ ‬الهوان‭ ‬الذى‭ ‬ظهر‭ ‬عليه‭ ‬وهو‭ ‬يسير‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬سيد‭ ‬قطب،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬أحد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عبدالناصر‭ ‬لم‭ ‬يقابل‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬صديقا‭ ‬له،‭ ‬ولم‭ ‬يستمع‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬إليه‭. ‬

كان‭ ‬وحيد‭ ‬صادقا‭ ‬فيما‭ ‬قاله،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يخترع‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬وعبدالناصر،‭ ‬ولكنه‭ ‬استند‭ ‬إلى‭ ‬المراجع‭ ‬التى‭ ‬أمدته‭ ‬بمعلومات،‭ ‬واعتقد‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬كافية‭ ‬لمساندة‭ ‬روايته‭ ‬التى‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬صحيحة،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬شاهدا‭ ‬عليها،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬أنه‭ ‬نقل‭ ‬عن‭ ‬آخرين،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطمئن‭ ‬لا‭ ‬إليهم‭ ‬ولا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قالوه‭. ‬

كواليس‭ ‬كتابة‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬لمسلسل‭ ‬الجماعة‭ ‬أحاطت‭ ‬بها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬التى‭ ‬تطعن‭ ‬فيه‭ ‬وفى‭ ‬منهجه‭ ‬ومصداقيته،‭ ‬فعدد‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬الجماعة‭ ‬زعموا‭ ‬أنه‭ ‬جلس‭ ‬إليهم‭ ‬واستمع‭ ‬منهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يرسم‭ ‬صورة‭ ‬برّاقة‭ ‬لحسن‭ ‬البنا‭ ‬فى‭ ‬الجزء‭ ‬الأول،‭ ‬ولولا‭ ‬أنه‭ ‬صدّق‭ ‬ما‭ ‬قالوا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬للبنا‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭. ‬

عندما‭ ‬سألت‭ ‬وحيد‭ ‬عما‭ ‬قالوه،‭ ‬كذبهم‭ ‬جميعا‭. ‬

قال‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬أنه‭ ‬وهو‭ ‬يصف‭ ‬المسجد‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يصلى‭ ‬فيه‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬مع‭ ‬قيادات‭ ‬الجماعة‭ ‬الأوائل،‭ ‬وجد‭ ‬اختلافا‭ ‬فى‭ ‬تقدير‭ ‬مساحته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفعه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬مع‭ ‬عبدالمنعم‭ ‬أبو‭ ‬الفتوح‭ ‬وعصام‭ ‬العريان،‭ ‬وسألهما‭ ‬عن‭ ‬المساحة‭ ‬الدقيقة،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭. ‬

مزاعم‭ ‬قيادات‭ ‬الجماعة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬وحدها‭ ‬التى‭ ‬أحاطت‭ ‬بوحيد،‭ ‬ولكن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬المعروف‭ ‬عنهم‭ ‬اهتمامهم‭ ‬بالجماعة‭ ‬والذين‭ ‬لم‭ ‬ينكروا‭ ‬علاقاتهم‭ ‬بالأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬قالوا‭ ‬إنهم‭ ‬عقدوا‭ ‬جلسات‭ ‬موسعة‭ ‬مع‭ ‬وحيد،‭ ‬وأنهم‭ ‬راجعوا‭ ‬معه،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬قيادات‭ ‬أمنية‭ ‬كثيرة‭ ‬يرجع‭ ‬لها‭ ‬وحيد‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬كتب‭. ‬

ومرة‭ ‬ثانية‭ ‬عندما‭ ‬سألت‭ ‬وحيد‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الروايات،‭ ‬اكتفى‭ ‬بأن‭ ‬قال‭ ‬لى‭: ‬من‭ ‬يملك‭ ‬دليلا‭ ‬واحدا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬حدث،‭ ‬فليقدمه‭ ‬للناس،‭ ‬فأنا‭ ‬لم‭ ‬أكتب‭ ‬بوجهة‭ ‬نظر‭ ‬أحد،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬وجهة‭ ‬نظرى‭ ‬أنا،‭ ‬وهى‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬موضوعية،‭ ‬بنيتها‭ ‬على‭ ‬أحداث‭ ‬تاريخية‭ ‬ثابتة‭ ‬وموثقة‭. ‬
تظل‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬وحيد‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬بالفعل‭. ‬

‭ ‬ولا‭ ‬يمكننى‭ ‬بأى‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أن‭ ‬أعتبر‭ ‬مسلسله‭ ‬بجزئيه‭ ‬عملا‭ ‬دراميا‭ ‬تاريخيا،‭ ‬بل‭ ‬يظل‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬تخص‭ ‬كاتبها‭ ‬وحده‭.‬

عندما‭ ‬كتب‭ ‬وحيد‭ ‬حامد‭ ‬مسلسله‭ ‬الجماعة،‭ ‬كان‭ ‬يلعب‭ ‬فى‭ ‬ملعب‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬جيدا،‭ ‬ولذلك‭ ‬زلت‭ ‬قدمه‭. ‬

‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قرأناه‭ ‬معا‭ ‬عن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وسيد‭ ‬قطب‭ ‬فى‭ ‬الواقع،‭ ‬وما‭ ‬نسجه‭ ‬وحيد‭ ‬حولهما،‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬وحيد‭ ‬لم‭ ‬يوفق‭ ‬أبدا‭ ‬فيما‭ ‬قدمه‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الجماعة‭... ‬وأننا‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬لمن‭ ‬يكتب‭ ‬التاريخ‭ ‬الحقيقى‭ ‬لها‭ ‬دراميا‭.‬