بقلم: عزت بدوى
قرار البنك المركزى يوم الخميس الماضى برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة ٢٪ لتصل الفائدة على الإيداع إلى ١٨.٧٥٪ وعلى الإقراض إلى ١٩.٢٥٪، جاء مخالفاً لكافة توقعات المحللين الاقتصاديين بل وصادماً للمصنعين والمستثمرين المحليين الذين يرون أن أسعار الفائدة على القروض من البنوك غير مشجعة على الاستثمار وتزيد من أعباء تكلفة استثماراتهم وأسعار منتجاتهم وقدرتهم على المنافسة.
إلا أن بيان البنك المركزى ركز ولأول مرة على عدة حقائق أولها أنه مؤقت بمعنى أنه يمكن خفض هذه الفائدة من جديد خلال المرحلة القادمة وتحديداً مع بداية النصف الثانى من العام المالى الجارى ٢٠١٧/٢٠١٨، وثانيهما أن هذه الزيادة ربما تكون الأخيرة فى رفع أسعار الفائدة على الودائع والاقراض والتى ارتفعت بنسبة ٤٪ خلال أقل من شهرين.
وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع مبررات زيادة أسعار الفائدة على الودائع والقروض فى هذه المرحلة.
إلا أن هناك مجموعة من الحقائق لا يختلف حولها أحد، أولها أن البنك المركزى وظيفته الرئيسية بجانب إدارة السياسة النقدية للبلاد هي مواجهة التضخم والذى قفز بعد تطبيق اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولى فى النصف الثانى من عام ٢٠١٧ وتعويم الجنيه المصرى فى ٣ نوفمبر الماضى ورفع أسعار المنتجات البترولية وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلاً من ضريبة المبيعات فى ذات الوقت إلى معدلات غير مسبوقة بلغت ذروتها فى نهاية أبريل الماضى بنسبة ٣٢.٩٪، وثانيها أن البنك المركزى بل وصندوق النقد الدولى يتوقع موجة تضخمية جديدة بعد القرارات الأخيرة برفع أسعار المنتجات البترولية فى الأسبوع الماضى ورفع أسعار شرائح استهلاك الكهرباء على المستهلكين يوم الخميس الماضى بجانب زيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة ١٪ لتصل إلى ١٤٪ بدلاً من ١٣٪ بل إن الصندوق يتوقع أن تصل نسبة التضخم إلى ٣٥٪ ما لم يتدخل البنك المركزى بأدواته الفنية وفى مقدمتها رفع أسعار الفائدة على الودائع والإقراض لامتصاص هذه الموجة والحد من تأثيراتها على الأسواق والمستهلكين خاصة خلال الربع الأول من العام المالى الجارى.
وثالثا: أنه لا ينكر أحد أن الزيادة الجديدة فى أسعار الفائدة لها تأثيرها السلبى على زيادة أعباء خدمة الدين العام ومن المتوقع ألا يقل هذا التأثير عن ١٥ مليار جنيه تمثل انعكاس الزيادة الجديدة فى أسعار الفائدة على أذون الخزانة والسندات المحلية التى بدأت الحكومة فى طرحها فى الأسواق لسد عجز الموازنة بداية من هذا الأسبوع، كما لا ينكر أحد التأثير السلبى لزيادة أسعار الفائدة على اقتراض رجال الأعمال من البنوك لتمويل أنشطتهم.
لكن فى المقابل المركزى يراهن كما أكد مصدر اقتصادى كبير على زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى أذون الخزانة والسندات المحلية والتى بلغت جملتها حتى الآن منذ تعويم الجنيه المصرى نحو ٩ مليارات دولار، كما يراهن على عدم تأثر أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بهذه الزيادة نتيجة استفادتهم من مبادرة البنك المركزى بتخصيص ٢٠٠ مليار جنيه لتمويل مشروعاتهم بفائدة مدعمة لا تتجاوز ٥٪ سنوياً.
وإذا كان التضخم هو الهدف الأول للبنك المركزى فى هذه المرحلة ويسبق ما عداه من أهداف فإن مصدراً مسئولاً يؤكد أن المرحلة القادمة بداية من النصف الثانى من العام المالى الجارى ٢٠١٧/٢٠١٨ سيشهد العديد من المؤشرات الإيجابية التى ستؤثر على قيمة الجنيه المصرى بالإيجاب من جانب وتعمل على بدء خفض أسعار الفائدة من جديد من جانب آخر وفى مقدمتها طرح حصص الشركات البترولية والبنوك العامة للخصخصة فى البورصة بجانب رفع تصنيف مصر الائتمانى وتراجع التضخم من جديد إلى المعدلات المستهدفة التى يهدف المركزى إلى عدم زيادتها عن ١٣٪.
القرار الأخير للمركزى برفع الفائدة ٢٪ يضمن حصول مصر قبل نهاية الشهر الجارى على الشريحة الثانية من قرض الصندوق والبالغة ٢ مليار و٢٥٠ مليون دولار أمريكى، وبالتالى الاستمرار بنجاح فى تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادى وفقاً للبرنامج المعد مسبقاً من جانب مصر. فهل تنجح زيادة أسعار الفائدة فى كبح جماح التضخم المتوقع فى الفترة الحالية؟