قل مؤامرات ومخططات، ولا تقل مؤامرة أو مخططًا، يستهدف مصر.. فليست فقط التهديدات الخارجية وحروب الوكالة والإرهاب.. ولكن هناك حروب من نوع آخر تدعمها وتدفعها قوى الشر مثل التشكيك فى الدين وضرب الثوابت ونشر الإلحاد.. وعدم التمسك باللغة والتقاليد والعادات والأعراف.. وتشويه الرموز الدينية.. والترويج للشذوذ الجنسى والمثلية.. والحقيقة فإن الدولة المصرية تعى جيدًا هذه المخططات والأهداف الشيطانية لأعداء مصر.. كما تعى تمامًا المؤامرات والتهديدات والمخاطر التى تستهدف الدولة المصرية.. لذلك لا بد من اليقظة والانتباه، وملء الفراغات.. وعدم السماح لأفكار السوشيال ميديا الشاذة أن تحقق أهدافها.. لا بد من استراتيجية متكاملة تعيد لشبابنا الثقة فى دينهم.. ودعم التمسك بالهوية والشخصية المصرية والعادات والتقاليد والأصول.. والاعتزاز بالرجولة ورفض كل محاولات النيل من الأديان والشخصية المصرية.
مَنْ يعتقد أن المؤامرات على مصر مقصورة فقط على الاستهداف بالإرهاب والتطرف والتشدد ومحاولات التركيع والضغوط والإملاءات والاقتصاد.. فهذا خطأ كبير، فالأمر أكثر اتساعًا من ذلك، يشمل المخدرات والإلحاد والتشكيك فى ثوابت الدين وترويج الشذوذ والمثلية الجنسية.. ومحاولات ضرب فكرة الدين والوطن واللغة والأعراف والتقاليد، حتى شكل الأسرة، وهى حملات مخططة وممنهجة تستهدف القضاء على أى ثابت فى عقول الشباب، بما يسهل تجنيدهم واستقطابهم وغرس الأفكار الغريبة فى عقولهم لتحقيق مكاسبهم السياسية والاقتصادية.
الحقيقة لفت انتباهى خلال شهر رمضان إلى أن مسلسل «العائدون» الذى أنتجته الشركة المتحدة للإنتاج الإعلامي.. تناول هذا الأمر، وكشف أن الدولة المصرية منتبهة تماماً لما يحاك ويخطط.. وترصد هذه الدعوات والأفكار والحملات والممارسات الموجهة، بل وتعرف من يقف وراءها وأهدافهم.
الحقيقة أن مسلسل «العائدون» ربما وبسبب النجاح الكبير الذى حققه «الاختيار 3» لم يحظ بنفس الاهتمام الإعلامى الكافي، خاصة أنه يكشف قضايا وكواليس وتفاصيل تفضح الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وتكشف ارتباطاتها ومن يقف وراءها ومساراتها المختلفة.. وكيفية إدارة عملها وجرائمها.
والحقيقة أن المسلسل يحتاج لإعادة عرض مرة ثانية وبسرعة، من الممكن أن تكون عقب امتحانات نهاية العام.. حتى يستطيع الجميع أن يتفرغ للمشاهدة، رغم أن المسلسل حظى بنسبة مشاهدة عالية، وأشاد به المشاهدون والنقاد.
الحقيقة أن قضية الإلحاد والتشكيك فى الدين ومحاولات ضرب الثوابت ومحاولة نشر سلوكيات غريبة على المجتمع المصري، وانحرافات لا يعرفها المصريون.. تراها على السوشيال ميديا بكثافة.. وهناك بعض البرامج والشخصيات للأسف مصرية، تساهم فى هذا المخطط الخبيث، لذلك تجد مَن يشكك فى المعراج، ويطالب بإلغاء الحجاب.. ومَن يعلن أنه لا يعترف بالسُنَّة.. ولكن بالقرآن فقط، ثم يأتى الدور على القرآن ليطوعوه حسب ميولهم وانحرافاتهم.. هذه الشخصيات مريضة بسُعار التكسب والارتزاق، ولا تشبع من المال، وتعانى من حب الظهور وسهولة التجنيد لخدمة المشروع الخارجى الشيطانى طالما «الزبون» بيدفع بسخاء.
الحقيقة أن مَن يعرف هؤلاء يجدهم يعيشون فى حالة انفصام، حالة من العبث والانفلات الأخلاقي.. حياتهم ضائعة.. يتحدثون فى الدين بحماس وانحراف، وتراهم أسرى لكل السلوكيات والممارسات الحياتية المنحرفة، فلا غرابة أن تجد معظم هؤلاء فى البارات، أو يدافعون عن كل الرذائل والشذوذ، ويسبون الصحابة والخلفاء دون سبب واضح إلا أن الشيطان أغراهم بالمال.
الحقيقة أن المسلسل المهم «العائدون» عرض الأسباب المهمة لهذه الظاهرة التى تشكل خطراً على الوطن وشبابه.. فبعض الشباب خاصة بعد الصدمة والهزة العنيفة بعد سقوط أقنعة الجماعة الإرهابية «الإخوان المجرمين»، وحالة الانكشاف التى تعرضت لها خلال حكم المعزول محمد مرسي، خاصة أنها قبل ذلك رفعت سقف المتاجرة بالدين وادعاء المظلوميات، وارتداء ثياب الواعظين.. وأنها رمز الاعتدال والوسطية والتسامح.. وأنها تدافع عن البسطاء والفقراء.. وحقوق الناس.. وعندما اكتشف المصريون، بل وباقى الشعوب العربية حقيقة هذه الجماعة الضالة وإرهابها، وخيانتها للدين والوطن، وارتباطها بقوى خارجية معادية تسعى لتحقيق أهداف من خلال دعم وتمويل ورعاية وتسخير كل قوى الإرهاب والمرتزقة لمصلحة الجماعة وتعزيز دورها فى هدم مصر وتدمير مؤسساتها، وتقسيم أراضيها وشعبها.
بسبب الصدمة العنيفة التى تعرض لها الشباب بعد إدراك ومعرفة حقيقة الإخوان.. أصيب البعض بحالة نفور وضيق، ولا أريد أن أقول «كُفْر» بكل ما يمت بصلة إلى الدين.. والحقيقة أيضًا أن الإخوان تمكنوا من مفاصل المجتمع المصري، بسبب حالة الفراغ السياسى والديني، فقد أفسح لهم نظام مبارك المجال للتوغل فى المجتمع المصري، خاصة فى أوساط البسطاء والجامعات والنقابات والقرى والنجوع والأحياء الشعبية.. لذلك نجحوا فى ترويج بضاعتهم وخداعهم للناس.. وكانت المساعدات التى قدموها للناس تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية، وتدخل فى إطار المشروع الشيطاني، الذى رعته ودعمته قوى خارجية مهيمنة، تتلخص فى الغرب وأمريكا، وحاولت من خلالهم تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، والربيع العربي.
السبب المهم الذى مكَّن الإخوان.. ونجاحهم فى المتاجرة بالدين، هو غياب دور المؤسسات الدينية فى المجتمع المصرى أو على الأقل تمسكها بالنمط والشكل التقليدي، فلم تطور نفسها ولم تصل إلى خطاب دينى جديد يحافظ ويتمسك بالثوابت، لكنهم غرقوا فى النمط القديم والحديث مع أجيال فى زمن التكنولوجيا والفضاء والسماوات المفتوحة، والاتصالات والإعلام.. لم تنجح هذه المؤسسات فى التصدى لخطاب الإخوان الخبيث والشيطاني.. تقزم دورها، وارتضت بالانغلاق والتقزم لتفتح المجال أمام جماعات الضلال وكلاب جهنم، وللأسف فى ظل ما أشيع عن وجود صفقات بين النظام فى هذا الوقت والجماعة، لتصدير شعارات الديمقراطية إلى الغرب.. لكن جاءت بنتائج عكسية وكارثية، كادت تتسبب فى ضياع مصر فى يناير 2011 عندما كان البعض من المصريين فى حالة من الوعى المزيف.
الإرهاب والتطرف والتشدد والإلحاد والمخدرات، وضرب ثوابت الدين، والتشكيك فى العقيدة، وترويج السلوكيات المنحرفة، جميعها تدور فى فلك حرب ومؤامرة شيطانية تستهدف مصر وشعبها لنزع الهوية المصرية والثوابت وأخلاق وعادات وتقاليد المصريين، ليسهل اصطياد الكثير منهم، خاصة الشباب، ليعيش فى مرحلة اللاوعي، واللاهوية، واللادين.. والغرق فى مستنقع الرذيلة والانحلال والانحراف السلوكي.
يقينًا أن الدولة المصرية وأجهزتها الوطنية على درجة كبيرة من الانتباه واليقظة والحيطة، ولديها مفاتيح وتفاصيل المخطط، لذلك من المهم جدًا نحن كمجتمع وكشعب وإعلام وثقافة ومؤسسات دينية، أن نؤدى دورنا فى مقاومة هذا الاستهداف والمخطط.. فالحقيقة أن صُنَّاع القرار الإعلامى لابد ألا يسمحوا لأدوات هذا المخطط بالظهور أو حتى استمرار برامجهم، لأن ذلك ليس حرية رأى أو فكر، ولكن دعم لما يستهدف مصر وشعبها من خطر.. ليس ما يقولون مجرد وجهة نظر، ولكن «أوكار فكرية» وتشكيك وإثارة جدل وفتن تخدم مشروع الشيطان، وهناك مجموعة فى اعتقادى تتبنى هذا الاتجاه الذى يحمل الكثير من الأضرار على مصر، لابد من الحسم معها، وعدم السماح لها فى التمادى فى مثل هذا الخطاب.. كما أن المؤسسات الدينية لابد أن تعيد النظر فى أسلوب تعاملها وتعاطيها مع قضايا العصر.. وتحدد الأساليب للوصول إلى قطاع الشباب بفكر وأسلوب جديد يتواكب مع التطور وبما لا يخل بالثوابت أو يمسها.. لكن فى نفس الوقت علينا أن نصيغ خطابًا دينيًا جديدًا، يتصدى لبعض القضايا العالقة.. ونحدد كيفية تعامل الإنسان مع عالمه الجديد دون تجاوز أو انحراف عن هذه الثوابت.. كذلك الإعلام لا بد أن يلفظ أدوات المؤامرة من بعض الإعلاميين والدعاة والباحثين الذين يعلمون قبل الجميع أنهم مدفوعون لذلك، وأنهم يروجون أفكار الشيطان التى تريد العبث بثوابت وهوية المصريين.
لا بد أن يكون للعملية التعليمية دور كبير فى تأكيد أهمية الحفاظ على الثوابت الدينية وشرح وتوضيح الدين الصحيح وتعاليمه وأهدافه، وكيف يشكل الطريق الصحيح للإنسان، كذلك أهمية الاعتزاز بالرجولة والتأكيد على الثقافة والهوية والعادات والتقاليد، ومكونات الشخصية المصرية التى بنت أعظم الحضارات، وكانت ومازالت أرض الرجال من الرموز والأبطال والشجعان، وأيضاً عظيمات مصر.
لكن الأخطر والأهم ألا نسمح بنفاذ أفكار هذه النوعيات من الإعلاميين والباحثين والدعاة «الهاند ميد» إلى عقول المصريين وألا نفسح لهم المجال فى الإعلام، لأننا ندرك أنهم خطر داهم على المجتمع، طالما نحن نعى المؤامرة وأهدافها وتفاصيلها وأدواتها، لا أريد أن أذكر الأسماء لأنها معروفة للجميع.. وسببت خلال الأشهر الماضية جدلًا ولغطًا وفتنة عميقة، واحتقاناً وسخطاً فى الشارع، بسبب ممارسات وانحرافات وأفكار هؤلاء الشياطين.
مواجهة ما يروج على السوشيال ميديا من أفكار وثقافات دخيلة وشاذة فى إطار محاولات الغزو الثقافى واحتلال العقول.. تعالج من خلال أمرين.. وجود استراتيجية متكاملة لترويج الصح، ومواجهة حروب التشكيك والتطرف والشذوذ والإلحاد.. وتقديم الصواب والدين الصحيح للشباب، وفضح هذه الأفكار وتعريتها، وبيان أهدافها ومَن يقف وراءها.
أيضًا المقاومة والتصدى لحملات السوشيال ميديا التى تروج مثل هذه الأفكار والسلوكيات، فإنه لا سبيل إلا بتحصين الأبناء والشباب من خلال استراتيجية قومية تبدأ من الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة والإعلام والدراما والثقافة، حتى نحمى الشباب والأجيال الحالية والقادمة من الانزلاق والجري، والانخداع بهذه الأفكار الضالة التى توجه لاصطياد شبابنا وفتياتنا.. فالعودة إلى الجذور، وصحيح الدين، والعادات والتقاليد المصرية بما يتواكب مع التطوير وبخلطة عصرية لا تمس ثوابت الدين أو الهوية المصرية، لذلك نحتاج عملاً خلاقاً ومستمراً لمواجهة الغزو الثقافى الذى يستهدف الإيقاع بشباب وفتيات هذا الوطن، وأول ما نفعله هو عدم السماح للأدوات والوسائل الشيطانية التى تطل على الشاشات مثل المسخ، تهذى بأشياء غريبة، وتضرب بلا رحمة أو ضمير فى ثوابتنا.. وتسعى لتفكيك مجتمعنا وتحويله إلى مجتمع أيضاً أشبه بالمسخ بلا طعم أو لون أو هوية، لم نر منهم يوماً خيراً، والرهان عليهم خسارة ومقامرة.. لا يمثلون ولا يعبرون عن المصريين الذين أصابتهم الصدمة بسبب انحرافات هؤلاء وخروجهم على النص وجرأتهم بالتطاول على الدين والثوابت وترويجهم لسلوكيات منحرفة مثل الدفاع عن المثلية والشذوذ.
هذا البلد الطيب الذى كان ومازال مهد الأديان والرسالات السماوية، وأرض الأخلاق والرجال.. فما يتناسب مع مجتمعات أخري.. فى معظم الأحوال لا يتناسب معنا، فلا يمكن أن تكون سلوكياتنا وعاداتنا وتقاليدنا وثوابتنا مثل الغرب وما به من انفتاح غير محدود.. وانحلال وتعرٍ استشرى دون أى مراعاة لدين أو فطرة أو أخلاق.. لكنها حياتهم وحريتهم التى تناسبهم، ولا تناسبنا.
من أخطاء بعض المذيعين والمذيعات والإعلاميين، توجيه السؤال لغير المختص.. فعلى سبيل المثال تسأل المذيعة خبيرًا فى العلاقات الدولية، أو أستاذًا فى العلوم السياسية عن قدرة القوات الروسية على ضرب إمدادات الأسلحة الغربية والأمريكية لأوكرانيا، وتقصد القدرة العسكرية.. وبطبيعة الحال يجيب المتخصص فى العلوم السياسية دون إدراك أنه ليس تخصصه والمفترض أن يوجه السؤال لخبير أو متخصص فى الشئون العسكرية، أو ربما لم يشر إلى عدم رغبة روسيا فى استهداف هذه الإمدادات من داخل الدول المجاورة لعدم رغبتها فى توسيع دائرة الحرب، حتى لا تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، فهناك بطبيعة الحال فارق كبير بين استهداف هذه الإمدادات داخل أراضى دول الجوار لأوكرانيا، أو داخل مسرح العمليات بالأراضى والحدود والمدن الأوكرانية، وهناك مذيعون يسألون ضيوفهم فى أمور تخرج عن نطاق تخصصهم، وأيضًا السؤال الذى يُطرَح على رئيس جمهورية، يختلف عن السؤال الذى يُطرَح على وزير.. لذلك فهناك خلط فى أسئلة المذيعين، وهى عادة متكررة لا تحدث لمرة واحدة، وربما تجدها فى المؤتمرات الصحفية.
البعض أيضًا ربط المكالمة أو الاتصال الهاتفى بين وزيرى الدفاع الأمريكى والروسي، أنه يعنى اقتراب إنهاء المواجهات العسكرية، وتوقف الحرب الروسيةــ الأوكرانية.. هذا غير صحيح، فالحرب قرار سياسى من الدرجة الأولي، وربما دار فى المكالمة بحث أمور عسكرية، أو توجيه تحذيرات من اقتراب الناتو أو التمادى فى تقديم السلاح والمقاتلين لأوكرانيا، أو الاتفاق على عدم استخدام الأسلحة المحظورة مثل الأسلحة النووية، خاصة أن الدول الكبرى التى تمتلك السلاح النووى من الثابت أنها لا تتواجه عسكرياً.. لأن النتائج ستكون كارثية.. لكنها تدير المواجهات بالوكالة، كما نرى فى أوكرانيا، على كل حال فإن قرب انتهاء أو استمرار الحرب الروسيةــ الأوكرانية، لم يكن هو محور الحديث بين وزيرى دفاع أمريكا وروسيا، ولكن بالتأكيد هناك أمور ومخاطر ومشاهد فى الأفق ترتبط بالجانب العسكرى والأسلحة، واتساع نطاق العمليات العسكرية، وخروجها من مسرح عمليات أوكرانيا إلى نطاقات أوسع، سواء فى فنلندا أو السويد أو بولندا.. أو ظهور أسلحة معينة أو نشاطات لا نراها فى الجو أو البر أو البحر، يجرى التحذير منها، أو الاتفاق على عدم ممارستها.. تلك هى فحوى مكالمات العسكريين مع بعضهم البعض فى الأمور الفنية التى ترتبط بطبيعة عملهم، وليس الأمور السياسية.