سلط كبار كُتَّاب الصحف المصرية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء الضوء على عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المحلي.
في صحيفة (الجمهورية)، قال الكاتب عبد الرازق توفيق إن مصر تعيش حالة جديدة، تفتح قلبها وذراعيها لأبنائها، بعد أن تجاوزت مطبات التحديات والتهديدات التي تمس سلامة الدولة، واستقرت الأوضاع إلى حد كبير جدًا، خاصة في مجال المخاطر التي تحدق بالوطن وكذلك تلال الأزمات والتحديات التي جاءت من رحم العقود الماضية وأفرزتها حالة الفوضى والانفلات التي عاشتها مصر مع أحداث 25 يناير 2011 وتأثيرها على الصعيد الاقتصادي الذي أوشك حينها على الانهيار الكامل لولا وجود الرؤية والإرادة وعمليات البناء والإصلاح التي قادها الرئيس عبد الفتاح السيسي على مدار السنوات السبع الماضية، ولا يمكن أن ننسى أيضًا دعم الأشقاء في الخليج ووقوفهم إلى جانب مصر حتى تتجاوز الظروف الصعبة، وهو موقف تاريخي يستحق التحية والتقدير.
وأضاف توفيق - في مقاله بعنوان (الكرة في ملعب الجميع) - أنه عندما ارتأت الدولة المصرية اللحظة المناسبة، وأن الكثير من المهام والأعباء والتحديات انحسرت، أطلقت دعوتها للحوار الوطني، ليجتمع المصريون على طاولة واحدة من مختلف الأطياف والفئات والقوى السياسية للتباحث والتحاور من أجل رسم خريطة المستقبل وصياغة ملامح الجمهورية الجديدة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، والكل يجب في هذه اللحظة أن يرتدي عباءة التجرد وإنكار الذات والجدية من أجل مصلحة الوطن العليا.
وتابع توفيق أن الدولة المصرية فعلت كل ما عليها، ولم تقصر في مسئولياتها أمام أبنائها، لذلك فإن الكرة الآن في ملعب القوى السياسية، ولم تعد هناك حجة أو شماعة لتعليق الامتناع أو المزايدات أو الإساءات أو تزييف الحقائق وتحريف الواقع، فالدولة صادقة النوايا، قوية الإرادة، شعارها هذا «كتابنا» ينطق بالنجاحات والإنجازات والقدرة على العبور بالوطن إلى بر الأمان، وهناك عشرات التحديات والأزمات والملفات المعقدة التي أنهتها الدولة، وما فعلته لحماية هذا الشعب من الإرهاب والمؤامرات والمخططات والنقص والعوز، لذلك فإن الدولة المصرية أمنت واستقرت وأصلحت وعبرت فأطلقت حوارها الوطني بين كل المصريين وما يمثلهم من مختلف القوى السياسية والتحالفات الوطنية، لعلهم يدركون ويفهمون الرسالة، ويتوقف البعض منهم عن الضجيج والصخب والمزايدات.
وأردف الكاتب عبد الرازق توفيق قائلًا إن الأمر الآخر الذي يؤكد أن الدولة المصرية صادقة النوايا، ولديها العزم بعد استقرار أوضاعها، هو دعوة القطاع الخاص للمشاركة في بناء الوطن، والاستثمارات المنفذة، وقد أعلن رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي رفع مشاركة القطاع الخاص إلى 65% من إجمالي الاستثمارات، وإتاحة أصول استثمارية بـ40 مليار دولار بمعدل 10 مليارات دولار سنويًا، بالإضافة إلى توطين الصناعة الوطنية، وهو ما يجسد توجه الدولة المصرية التي لطالما أعلنت على لسان رئيسها ترحيبها الكامل بمشاركة القطاع الخاص في مشروعات جاهزة ولا تحتاج لوقت أو جهد في إصدار تراخيص، وليس هذا بجديد على الدولة، لذلك تجدد دعوتها للقطاع الخاص للمشاركة بفعالية في الاستثمارات المنفذة وإتاحة الأصول والأعمال، خاصة وأن دور القطاع الخاص لا غنى عنه في تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل حقيقية للمواطنين، وخاصة الشباب.
وأضاف توفيق أن الكرة إذًا في ملعب القطاع الخاص ورجال الأعمال والمال والصناعة، فالفرص متاحة تمامًا أمامهم، ودعوات الرئيس السيسي المتكررة للقطاع الخاص، وآخرها في حفل إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان الماضي، أعلن تفاصيلها أول أمس الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء خلال المؤتمر الصحفي العالمي، ووضعت الدولة النقاط على الحروف، ولم يتبق للقطاع الخاص أي حجة أو شماعة أو مبرر، وقد حان وقت الاختبار الحقيقي.
وتابع توفيق أن المؤتمر الصحفي العالمي لرئيس الوزراء رد على الأكاذيب والمزاعم والشائعات، وطمأن المواطن المصري، ولم ينس أن يؤكد أن الظروف قاسية وصعبة، ليس على مصر فقط، ولكن على مختلف دول العالم الذي سيخسر جراء الأزمة العالمية (الحرب الروسية - الأوكرانية) 12 تريليون دولار، مع تأثر سلاسل الإمداد والتوريدات وتوقف عمليات الإنتاج وارتفاع تكاليف الشحن، وزيادة التضخم وارتفاع الأسعار إلى معدلات غير مسبوقة وصفها رئيس الوزراء بأنها أسوأ أزمة منذ عشرينيات القرن الماضي.
ونوَّه الكاتب عبد الرازق توفيق بأن قوة الموقف المصري تكمن في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي حقق نجاحات كبيرة لمصر ومكّنها من مواجهة الأزمات وامتصاص الصدمات.
وفي صحيفة (الأهرام)، قال الكاتب أحمد عبد التواب إن طرح عقد حوار وطني ينطوي على فرصة تحقيق مكاسب وطنية كبيرة، بتشكيل توافق وطني على ممكنات عملية لتجاوز المرحلة الانتقالية، التي كانت لها مقتضياتها لعدة أسباب، منها مخاطر إرهاب الإخوان وحلفائهم على أمن الوطن والمواطنين، وبرغم النجاحات الكبيرة بضرب منابع إرهابهم خلال السنوات القليلة الماضية، فإن بقاياهم لا تزال كامنة، وهذه من القضايا التي ينبغي أن تُوضَع على رأس أجندة عمل الحوار، ولهذا ينبغي أن يتحدد، كنقطة أولى، من له حق المشارَكة ومن يجب استبعاده، لأن البعض يستهلون بعبارة غائمة عن وجوب اشتراك كل الأطراف، وهناك من يتحدث صراحة عما يسميه مصالحة مع الإخوان! وهناك أيضًا من يهدد الحوار بالانزلاق في متاهات، بما يسميه (وجوب تحقيق إجماع)، كهدف يراه أساسيًا من إجراء الحوار! وبفرض حُسن النية، فهذه رومانسية، لأن الواقع السياسي لا يعرف إجماعًا، وإنما أقصى ممكناته تحقيق توافق بين الأغلبية.
وأضاف عبد التواب - في مقاله بعنوان (عن الحوار الوطني) - أنه فيما يتعلق بتحديد أهداف الحوار، فهناك، مبدئيًا، شعارات كبرى في الثورة ضد مبارك، ثم في الثورة ضد الإخوان، عن الحريات العامة والخاصة والصحافة والإعلام والتعبير، وتشكيل الأحزاب والجمعيات، وتأصيل الديمقراطية، وإجراء انتخابات وفق المعايير الدولية، والقضاء على الفقر وأسبابه، وتأسيس نظام ضريبي عادل، وتصويب مكانة مصر إقليميًا وعالميًا، وتحريرها من التبعية، والنهوض الاقتصادي، والإصلاحات القضائية، وغير ذلك، وأمام الحوار أن يحدد ما تحقق وما تأخر من كل هذا خلال السنوات الماضية، وترتيب أولويات العمل الوطني فيما هو آت، وعدم الخلط بين سجناء الرأي ونزلاء السجون في قضايا إرهاب، وطرح قضية إصلاح الدستور وتخليصه من سموم الإخوان.
وتابع عبد التواب أن هناك من يسعون لتحقيق أقصى استفادة من الحوار بالنأي عن المجادلات، ويطرحون تشكيل لجنة تحضيرية للحوار تجمع الاقتراحات وتصوغ منها جدول أعمال، ولكن هناك أيضًا من يفرضون شروطًا غريبة ويزعمون أنهم يُعبِّرون عن رأي الشعب، برغم أنهم فشلوا في الحصول على ثقة دوائرهم وعجزوا عن إثبات أي تزوير ضدهم!.
وفي صحيفة (الأخبار)، قال الكاتب محمد بركات إنه بات مؤكدا الآن بما لا يدع مجالا للشك على الإطلاق صعوبة التوقع بموعد انتهاء الأزمة الاقتصادية العالمية التي تحيط بكل دول العالم الآن شرقه وغربه، دون استثناء لشعب من الشعوب أو دولة من الدول بطول الدنيا وعرضها مهما صغر حجمها أو زاد وارتفع شأنها.
وأضاف بركات - في مقاله بعنوان (الأزمة الأسوأ "1") - أن الكل يدرك الآن أن ما يتعرض له العالم حاليًا هي الأزمة الاقتصادية الأسوأ على الإطلاق، التي يشهدها العالم خلال المائة عام الأخيرة، حيث لم يمر على العالم ما يشابهها أو يضاهيها في شدتها وعموم انتشارها وفداحة تأثيراتها الاقتصادية شديدة الوطأة منذ عشرينيات القرن الماضي.
وتابع بركات أنه في هذا الخصوص، قدرت الخسائر الاقتصادية الجمة التي يتعرض لها العالم نتيجة الأزمة الحالية، بما يزيد عن 12 تريليون دولار من الناتج الإجمالي العالمي، وفقا للتقارير الصادرة عن المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية.
وأوضح الكاتب محمد بركات أن هذه التقديرات تعود إلى الانخفاض في معدلات النمو على مستوى العالم إلى ما يقل عن نسبة 3.5%، بعد أن كان قد بدأ في التعافي من الآثار المدمرة لجائحة كورونا، وكاد أن يتجاوز نسبة 4.5%، ولكنه عاد للانتكاس على وقع الضربة الشديدة التي أصابته نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
ونبَّه بركات إلى أنه في ظل هذه التداعيات وتلك المعلومات، أصبح من المهم والمنطقي أيضًا الإدراك الواعي بحقيقة أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر الآن وطوال الشهرين الماضيين ليست ناشئة عن تدهور في الأوضاع الاقتصادية المصرية، وليست ناجمة عن الخطأ في السياسات أو الإجراءات الاقتصادية الداخلية يمكن تصحيحها أو تعديلها، ولكنها تعود في الأساس إلى تداعيات وتأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية الكاسحة وغير المسبوقة، التي أحاطت بالعالم كله من شرقه لغربه كنتيجة مباشرة لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.