رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


لم يصبه الدور للمصيف يوميات موظف غلبان

16-7-2017 | 11:55


يكتبها: طاهــر البهــي

عشت طول عمري عاشق لفصل الشتاء وكوب النسكافيه بالحليب، والكاكاو المحلى بالعسل ـ أنا بشربه كدة ـ ورغم أنني لا أكره فصل الصيف، الا أنه ما بيني وبينه حالة من الفتور، صحيح الاجازات بتكتر في الصيف، لكنه أيضا فصل الأرتيكاريا ورغم أن النوافذ مغلقة في البيت والعمل ورائحة المبيد الحشري تعبق المكان بديلا عن الياسمين ورائحة الليمون التي نحرص عليها في الشتا، الا أن ناموس الشارع كله مرابط فوق قدمي وقفايا، وصوت طرقعات المضرب لا تتوقف عن صفع الناموس، أما في العمل فيرعبني صوت صاعق الذباب الذي يهزني هزا ويجعلني أشعر بغدر الانسان بأخيه الذباب!

ليس هذا فقط هو ما يشعرني بالارتيكاريا، ولكن طلبات الاولاد تزيد عندي الشعور بالحكة، كل يوم آيس كريم، كل يوم مشروبات غازية من نوعية: استرجل!، ولكن كله كوم وحكاية المصيف كوم واعلانات الشواطيء والمنتجعات والرحلات المخفضة ـ فقط 40 ألف جنيه يا أخي واستمتع بالمية والهوا في خيمة محدودي الدخل أو منتجع انت تؤمر ـ  ولكن هذا العام أعفاني أولادي من هذه المهمة الثقيلة التي كانت تتعطل فيها سيارتي أربع خمس مرات، فقد دعتهم خالتهم للتصييف والبلبطة على نفقتها والتوصيل عليها أيضا، وليس أمامي سوى أن أحصل على إجازة من عملي بعد أن أخبر جميع زملائي كل باسمه، بأنني مسافر أصيف واقعد كام يوم على شاطئ البحر حتى لا يقولوا عني أنني فقير..آل فقير قال!

سافر اولادي بالسلامة وغنيت لهم "قولوا لعين الشمس ماتحماشي..لحسن حبيب القلب صابح ماشي" بعد أن ودعتهم من الشرفة وأنا أرتدي كاسكيت البحر و"التي شيرت" الأورانج استعدادا للحظة الانفراد بنفسي، وكنت وضعت برنامجا قويا للاحتفال بقدوم موسم التصييف، وها أنا أبدأه على بركة الله: أخذت دراجة ابني "الصغنن" ونزلت الشارع، كانت الساعة تشير الى السابعة صباحا، ولاحظ بعض المارة أن ساقاي تتدليان من جانبي الدراجة، لأنها مقاس 14 ولكن نظراتهم لن تثنيني عن الاستمتاع بالصيف، واستمريت أجوب الشوارع المحيطة، حريصا على أن تكون ذراعاي وساقاي معرضتان للشمس حتى "أسمر ـ بتشديد السين ـ زي بتوع المصايف"، وعندما اتهد حيلي، عدت متثاقلا الى المنزل، وصعدت الدرج محاولا ان اكون نشيطا، ولم أبد اهتماما لجاري الذي نظر الى الشورت الذي ارتديه قائلا: خير يا كوتش..هو حضرتك سخن شوية.. فلم أعقب.

فتحت البلكونة عن آخرها حتى تتسع لدخول طبق الغسيل الكبير الأورانج برضه، والى جواره زجاجات المياه المثلجة، وكنت أستمتع جدا بصب الماء المثلج على التيشيرت والشورت الأزرق، وعبثا حاولت السباحة في الطبق ولكني لم أتمكن!!

استسلمت لموجة نوم خفيفة مع هواء البلكونة البارد، وان كنت استيقظت منزعجا على رائحة كوز الذرة المشوي تتصاعد أدخنته من فرن البوتاجاز، وسحبته الى البلكونة ومعه قرصين من الطعمية كنت أردد أنهما "فلافل" حتى اقنع نفسي أنني في المصيف!! أما الغداء فكان يتكون عيش باللحم ـ وفرته لي العلاوة بأثر رجعي ـ وكوب من الآيس كريم، أما في المساء فقد ذهبت الى كوبري أكتوبر، وتناولت كوبا كبيرا من حمص الشام، وعزمت على انه لو جاءتني علاوة الغلاء فسأشتري سنارة صيد وأقف بها على كوبري قصر النيل، ثم ناديت صائحا: انتوا فين يا اولادي فقد انتهى برنامجي مع نهاية أول يوم ولا أدري ماذا سأفعل في بقية أيام الإجازة، وأخشى أن تؤرقني أحلامي في تلك الليلة بالكورنيش والأمواج ويود البحر!!