رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وغابت ذاكرة الـ «سمير»

23-5-2022 | 16:30


د. هبة سعد الدين

تمثيل وغناء واستعراض؛ اجتمع كل هذا في حواره المتفرد، فهو القادر على استدعاء مشهد وإعادة أدائه وإن احتاج أن يُذكر من يحاوره بأغنية فلا يتردد في أن يغني بعضها، وإن نال الاستحسان المطلوب فستستمتع في لحظات بمطرب "حريف"، وإن اختلطت الذكريات بـ "رقصة إيقاعية" فهو الكفيل باستدعائها، كل هذا في حوار المبدع سمير صبري الذي غاب عن عالمنا منذ أيام.

هذه المواهب برعاية "ذاكرته" المتفردة التي صالت وجالت بين الزمان والمكان، واستطاعت أن تسكن عقله وروحه التي تشعر أنها دوما "مُحلقة" في عوالم موازية، هو وحده القادر على استدعاء أشخاصها.

موهبة سمير صبري سرّها في تفردها وسبقها؛ ففي ستينيات القرن الماضي جاءنا ببرنامج النادي الدولي إذاعياً الذي تحول في السبعينيات نحو التليفزيون بمقاييس عالمية واستمر سنوات وسنوات ثم نسخته المعدلة "هذا المساء"، فهو المذيع القادر على إدارة هذا الكم من الحوارات المتنوعة ومنح هذا الموضوع الساخن بعض الوقت ليتبعه آخر وتتوالى الموضوعات فلا يشعر الساهرون والمشاهدون بالملل، فالوجبة دسمة وخفية في ذات الوقت.

سمير صبري الذى حلق وسط "المجاميع" في أغنية عبد الحليم حافظ في فيلم "حكاية حب" منذ عام 1959، استمر محافظاً على ذلك "الحضور" السهل الممتنع الذى لا يتقنه إلا القليل في أكثر من مائتين عمل درامي بين سينما وتليفزيون وإذاعة ومسرح، وكأنه الطفل الذي يتسلل من هنا لهناك باحثاً عن لحظة استمتاع، متجولاً بين الزمان والمكان ؛ فالعمر الذي اقترب من السادسة والثمانين منحه لقاء عدة أجيال، وجعله محتفظاً بمساحته؛ حتى أننا لا نستطيع القول أنه ينتمي لجيل فلان أو لفترة زمنية ما، فمراحله المتعددة وحياته المتنوعة جعلته في جزء خاص لا يشاركه فيه أحد.

المفارقة أن كل من يتذكره سيعود إلى أغنية "اضحك ياابو على" وتلك الوجبة الايجابية من التفاؤل والاقبال التي تدفعك للحياة وسبق فيها كافة متخصصي التنمية البشرية، هذه الاغنية كانت في فيلمه "جحيم تحت الماء" 1989، الذي كان من انتاجه أيضاً وقدم فيه لأول مرة في مصر تكنيك التصوير تحت الماء الذي تبعه بعده الكثيرون.

ذلك هو نمط تفكير السمير أن يأتي بالسبق والتجديد والتطوير في إطار بسيط يشعر من يراه أنه "شىء عادي"، لكن من يجمع قطع البازل سيشعر بتلك العبقرية الراقية، فمن المذيع القادر على ادارة حوار بانسيابية لايوقفها تنوع اللغات ؟؟، وقدرة على تناول الموضوع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفني بذات الملامح ؟؟؟، ومن ذلك الذى يمثل ويغنى وينتج ولدية فرقته الاستعراضية وينجح في كل هذا؟؟، لقد كانت جملة "واحد صاحبى ماتعرفوش"؛ الأكثر استمرارًا واستخداما في مواقف الحياة وتطورت مع السوشيال ميديا وواكبت العصر؛ لأنه قالها بكل بساطة وعفوية وسهولة ووضوح؛ مثلما كان.