أمام الرغبة الجارفة لنجوم الكرة فى إتاحة الفرصة كاملة لأبنائهم لمواصلة مسيرتهم قد تتدخل الواسطة الكروية فى إفساح المجال لأنصاف الموهوبين من أبناء اللاعبين للحصول على الفرصة كاملة، مع حجب الفرصة عمن يستحق، الخبراء يناقشون الظاهرة ويحذرون من عواقبها ويطالبون اتحاد الكرة بوضع المعايير والضوابط التى تحكم المواقف.
عصام عبد المنعم نجم الأهلى الأسبق، لا ينكر أنه يشعر بقلق بالغ بعدما أصبح الأمر زائدا عن الحد ويجب أن يتنبه أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة لهذه الظاهرة السلبية لأننا سنجد أن الجيل الصاعد أو القادم للكرة المصرية من لاعبين، وليس الأزمة فى أنهم أبناء لاعبين لكن الأزمة فى أن معظمهم من غير الموهوبين أما الموهوبون منهم فمعروفون بالاسم وهم قليل.
وأضاف أن اتحاد الكرة عليه الدور الرئيسى فى الأمر، بداية من وضع الضوابط الصارمة التى تجبر الأندية على الانتقاء الصحيح بضوابط ومواصفات معينة، بداية من قطاعات الناشئين بالأندية وهى الكارثة الأكبر، التى نعانى منها حاليا، أشد معاناة، وإذا بحثنا فى قطاعات ناشئى الأندية المصرية حاليا، نجد على الأقل من ٥ إلى ١٠ ناشئين من أبناء اللاعبين القدامى، ثم نتفاجأ بتصعيد هؤلاء اللاعبين إلى الفريق الأول دون اى ضوابط او معايير او حتى سابق انذار، كونهم الاشبال الصاعدة التى دخلت بـ»الواسطة» إلى لعبة كرة القدم على خلفية آبائهم لاعبى الكرة القدامى، والأمثلة كثيرة والجميع يعلمها جيدا، آخرها كان فى منتخب الناشئين الذى خرج خاسرا من كل البطولات التى شارك بها، سنجد أنه يتكون من الحارس مصطفى شوبير نجل أحمد شوبير حارس الأهلى الأسبق، وبجانب أبناء كل من أسامة نبيه وأحمد أبو هشيمة رجل الأعمال وطارق سليمان مدرب حراس الفريق الأول الحالى للأهلى، مؤكدا أن هناك بعض اللاعبين أبناء اللاعبين أصحاب مواهب حقيقية مثل شريف إكرامى الذى يقدم مع الأهلى والمنتخب الوطنى مستوى مميزا للغاية، وهو مستقبل حراسة المرمى ويجب أن يتم اتخاذ القرار من البداية من الأب الذى كان نجما فى الماضى، يجب أن يفهم أن ابنه غير موهوب ويجب عليه أن يبحث عن الموهبة التى يتقنها بعيدا على كرة القدم.
يكمل عبد المنعم حديثه مؤكدا أن الكرة المصرية لديها مواهب متميزة يجب البحث عنها وتقويمها وتقديمها للكرة المصرية، مصر تمتلك مناجم من الموهوبين كرويا، لم يتم اكتشافهم بعد، وتنتظر فرصة حقيقية للظهور، هؤلاء من نبحث عنهم وليس اللاعبون «بالوراثة» أو من يتشدق باسم والده، كرة القدم لا تعتمد على الغير، بل الموهبة فقط هى من تتحدث وليس غيرها، لعلنا نضع لاعبين مثل محمد صلاح نصب أعيننا ونسير على نهجه، فقد أصبح الآن أيقونة الاحتراف المصرية لما وصل له فى هذه السن الصغيرة، فقد أصبح عمدة المحترفين المصريين بالخارج، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لم يحدث من قبل أن نرى أندية أوربية تتهافت على لاعب مصرى وتصر على التعاقد معه بأكثر من ٤٠ مليون يورو، وتوقيعه على عقود انتقاله إلى فريق ليفربول الإنجليزى، الذى ينافس على الدورى الإنجليزى الممتاز كل عام، وهذا يعد فخرا كبيرا لكل لاعب مصرى، ويجد محمد الننى أيضا لاعب ارسنال الإنجليزى، يكفى أن يكون الننى أول لاعب مصرى يلعب فى ارسنال.
وكشف عبد المنعم عن عدة نصائح مهمة، إلى أى لاعب كرة يدخل المهنة بالوراثة، أولها أنه لن يصل إلى شىء على الإطلاق، كرة القدم الوحيدة التى لا يستطيع أحد المجاملة بها وإلا ستكون على حساب مصلحة المدير الفنى نفسه.
ومن جانبه قال الكابتن مجدى عبد الغنى نجم الأهلى الأسبق، أنه موافق تماما على وضع معايير للأندية بشأن وجود أبناء قدامى اللاعبين داخل فريق النادى المختلفة، للحد من الواسطة فى انتقاء لاعبيها الموهوبين فقط، دون النظر إلى وجود صلة قرابة أو معرفة مسبقة، لاعب كرة سابق بالنادى، وهذا ما يجب أن تفعله الأندية الكبرى مشددا على أنه شخصيا فعل هذا مع نجله الأصغر، عندما أراد أن يمارس كرة القدم، «وجهته باتخاذ الطرق الشرعية لفعل هذا، مثله مثل غيره، يذهب للخضوع للاختبار فى أحد الأندية ليتم تقييمه ، وهذا ما حدث فلم اتدخل مطلقا للوساطة من أجل نجلى، لأضع بداخله صفة الاعتماد على النفس، وهو ما حدث حاليا هو يلعب فى أوربا فى إحدى فرق الدرجة الثانية بالدورى الإسبانى، ويؤدى بشكل جيد، وأتطلع لوجوده مستقبلا فى إحدى فرق الدورى الممتاز فى أوربا، وهو ما سيحدث إذا زاد من تركيزه.
وأضاف عبد الغنى أنه بهذا ضرب المثل لكل لاعب كرة من أبناء اللاعبين القدامى غير الموهوب، بأن يتجه لمجال مناسب له، غير كرة القدم، حتى ينجح أكثر وبمجهوده، لأن كرة القدم لا يمكن أن تتدخل بها الواسطة مطلقا، لاعب الكرة إما لاعب موهوب أو غير موهوب، لا يوجد وسط، والأمثلة عديدة حازم إمام نجل الكابتن الكبير حمادة إمام فقد كان من أمهر لاعبى الكرة الذين أنجبتهم مصر على مستوى التاريخ، ومثله عائلة أبو جريشة بداية من الهداف التاريخى للدراويش الكابتن على أبو جريشة مرورا بمحمد محسن أبو جريشة ومحمد صلاح أبو جريشة، هذه عائلة بها «نبتة» الموهبة الكروية، يوجد من الجيل الحالى عمر جابر نجل محمود جابر نجم الإسماعيلى، فهو يقدم مستوى مميزا للغاية مع بازل ناديه السويسرى حاليا، وغيرهم من النماذج الموهوبة التى يجب دعمها مع الوقت، وأيضا الثنائى أحمد ومحمد شديد قناوى، وأحمد عيد عبدالملك هؤلاء النماذج التى نجحت ليس لكونهم أبناء نجوم رياضية بل لتوافر الموهبة والعزيمة والإصرار الكبير لديهم لتحقيق طريق نجاح خاص بهم فقط، كما يوجد أحمد عادل عبد المنعم حارس الأهلى الشاب أيضا.
وقال الكابتن مصطفى يونس نجم الأهلى الأسبق، إنه ضد مجاملة أحد مهما كان اسمه أو اسم والده، بل إن الأداء الفنى والموهبة فقط هى الفيصل فى الأمر، وأتذكر عندما كنت مدربا فى قطاع ناشئى النادى الأهلى منذ سنوات طويلة، كان يأتى لنا عدد من الأشبال من أبناء اللاعبين ومنهم زملاؤنا ونفس الجيل، كان قرارى واضحا تماما وقتها، وهو عدم قبول لاعب غير جيد أو متوسط المستوى، أعتقد أن العين الخبيرة هى التى كانت تختار اللاعبين، يمكن أن يتم اختيار ١٠ لاعبين فقط من بين آلاف من المتقدمين للاختبار، وهذا ما يدل على قوة هذه الاختبارات الشاقة التى لا تفرز غير اللاعب المميز فقط، والدليل على اقتناعى التام بهذه المعايير الصارمة، أن نجلى الأصغر عمر مصطفى يونس، ابن الـ١٣ عامًا، رفض وبشدة دخول النادى الأهلى وفضل انضمامه لصفوف الناشئين بفريق وادى دجلة مشيرًا إلى أنه سيكون لاعبا من طراز خاص، مشيدًا بإمكاناته التى ستبهر الجميع فى المستقبل القريب، لكن نجلى فضل أن يتألق خارج أسوار الأهلى، حتى لا يدع لأحد الحديث حول وجود وساطة ما، وفضل الدخول إلى القلعة الحمراء، محترفا وبعقد من نادى دجلة، وهذا سيحدث مستقبلا.
وعلق الكابتن أيمن يونس نجم الزمالك الأسبق، أنه دخل نادى الزمالك، من قبل دون تدخل من أحد ولم يكن له أحد يسانده لدخول النادى، مشددا على أنه عندما انضم لصفوف النادى كان يشرف على اختباره عمالقة الزمن الجميل، مثل الكابتن أبو رجيلة وحمادة إمام، وغيرهم من النجوم اللامعة من رموز النادى، رافضا دخول فكرة الواسطة فى الاختيارات، خاصة مع أبناء اللاعبين القدامى، مؤكدا أنه إذا حدث ذلك سيكون موقف الأب غير جيد خاصة إذا كان نجله غير موهوب أو غير قادر على مجاراة زملائه من نفس الجيل، لكن مسئولى الأندية يجب أن يتسموا بالحيادية وأن يتم الاختيار فقط بالأداء وليس بصلة القرابة والمجاملات، هذا هو المقياس الصحيح للاختيار الصحيح.
وأضاف يونس أنه معجب كثيرا بلاعب مثل شريف إكرامى فقد أثبت أنه حارس كبير مثل والده، ويجب أن يأخذ حقه مادام يملك الموهبة الحقيقية، كما يوجد لاعب آخر يسمى أحمد ياسر ريان نجل ياسر ريان، فهو مهاجم مميز للغاية بالرغم من صغر سنه، فهو نواة لهذا المركز للأهلى والمنتخب الوطنى أيضا، خاصة أننا نعانى كثيرا فى الوقت الحالى من هذا المركز الحساس.