على القدس رايحين.. نطبع وراجعين
د. عبد الرحمن الخضري
لتأجيج مشاعر المسلمين تجاه القضية الفلسطينية رفعت جماعة الإخوان الإرهابية شعار «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، واستغلته لخدمة أهدافها السياسية، وحشد أكبر عدد من المؤيدين لهم، واشتهرت بذلك الشعار ونسبته لنفسها بالرغم من أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات هو أول من استخدم هذا الشعار، وسرقته جماعة الإخوان وحركة حماس التابعة لها، ونسبوه لأنفسهم طوال تلك السنوات دون الإشارة من قريب أو بعيد للرئيس الراحل ياسر عرفات.
وعلى أرض الواقع، كان لجماعة الإخوان المحظورة رأي آخر من هذا الشعار. فعندما سيطرت على الحكم في مصر لم تفتح الحدود أمام الشباب الثائر لتحرير القدس وقتل الإسرائيليين ورميهم في البحر حيثما أتوا، بل نجدها تمنع المظاهرات المناهضة لدولة الاحتلال، وتواصل سياسة التطبيع الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني مع الكيان الصهيوني.
ففي تسريب عرضته الحلقة الـ12 من مسلسل "الاختيار 3 ـ القرار"، أكد خيرت الشاطر رعاية الجماعة لمصالح إسرائيل وعدم رغبة الإخوان في الحرب معها حيث قال "لو حصلت ثورة جياع، ستكون خطرا على مصالحكم، وعلى مشروع إسرائيل، اليوم حين وقف الشعب وقال نريد الذهاب إلى الحدود مع إسرائيل؛ جميعنا وقفنا وقلنا لا، واتصلنا بخالد مشعل، وقلنا أصدر بيانا للإعلام وللإنترنيت، وقل نحن لا نريد من المصريين أن يذهبوا فإذن اليوم لا نريد انهيارا في البلد لا نريد فوضى، لا نرغب في التخريب ولا حتى ضد مصالحهم. لسنا في حرب مع حد".
وفي خطاب اعتماد السفير المصري الجديد في إسرائيل، عاطف سالم، الذي سلمه للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، موقع من نظيره المصري محمد مرسي، بدأ الخطاب بـعزيزي وصديقي العظيم وظهر في الخطاب توقيع وإمضاء مرسي، وتوقيع وإمضاء وزير الخارجية محمد عمرو كامل، وأيضاً توقيع رئيس ديوان رئاسة الجمهورية. واحتوى النص على رغبة مرسي في تطوير علاقات المحبة التي تربط البلدين، وتعهد أن يبذل السفير الجديد صادق جهده، طالباً من بيريز أن يشمله بعطفه وحسن تقديره، وختم الخطاب بـصديقكم الوفي محمد مرسي.
وطالب عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة وأحد مستشاري الرئيس المصري محمد مرسي المخلوع، يهود مصر بالعودة من إسرائيل إلى موطنهم الأصلي، وهاجم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قائلاً إن ما فعله الأخير بطرد اليهود من مصر ساهم في احتلال أراضي الغير.
وفي مقال سعد الدين العثماني بعنوان (التطبيع إبادة جماعية) في مجلة الفرقان قبل 24 عاماً، نقض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وبعد أن أصبح رئيساً للحكومة المغربية بصفته الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي (إخوان المغرب)، أصدر بياناً باسم الحزب يُدين التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، مُعتبراً التّطبيع "دعماً للعدوان على الشعب الفلسطيني وشرعنة لاغتصاب الأراضي الفلسطينية". ولكن سرعان ما تكشف الوجه الحقيقي للعثماني بعد أن وقع على اتفاق التطبيع مع الوفد الإسرائيلي باعتباره رئيس الحكومة في الرباط يوم الثلاثاء 22 ديسمبر 2020.
وبعد أعوام من نهي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن التعاون مع إسرائيل، ووصفها بأنّها دولة احتلال وإرهاب، استقبل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ وقرينته في تركيا بحفاوة بالغة بالرغم من تأكيد الشيخ الإخواني يوسف القرضاوي، بأن الله وملائكته يدعمون رجب طيب أردوغان رئيس تركيا لأنه بمثابة الخليفة الحالي للمسلمين، مشيرا إلى أن إسطنبول هي عاصمة الخلافة الإسلامية على حد وصف يوسف القرضاوي.
كما اعترف شيخ الإخوان المسلمين يوسف القرضاوي، بتطبيع قطر مع إسرائيل، في محاولة لتجميل وجهه، منكراً وجود القاعدة الأمريكية في قطر، ووجود مكتب لإسرائيل في قطر.
وقلب القرضاوى الطاولة على تميم بن حمد أمير قطر، مؤكداً أن "تميم" يعلم ذلك جيداً، مستطردا: "لا أجامل في هذا". وذكر القرضاوي، أنه عندما زار الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز قطر، بعد مجزرة قانا، خطب خطبة، وطالب فيها من صافحوا بيريز أن يغسلوا أيديهم 7 مرات إحداهن بالتراب.
وخرج المذيع الإخواني محمد ناصر في حلقة ليغازل أيضا اليهود ودولة الكيان الصهيوني، بعدما ادعى إنه شاهد فيلما تسجيليا لسيدة يهودية إسرائيلية من أصل مصر وهى تتكلم مصري مثل المصريين وإنها تأكل الملوخية وتحبها وتكره عبد الناصر وتتكلم عن تلك الحقبة بكل مرارة، مدعية أن عبد الناصر أخذ أموالهم، وهى بالطبع ادعاءات لا أصل لها ولا دليل عليها، مؤكدا أن لهؤلاء اليهود الحق في المطالبة بتعويضات كبيرة، وأنه من الممكن أن تتبنى تركيا حملة لمن أجل هذا الأمر.
فعبر تاريخها الطويل، تتاجر جماعة الإخوان، بالدين، وتتبنى الخطاب الأصولي، مدعية حمايتها للقضية الفلسطينية، لكن دائما ما يظهر من حين إلى آخر وجهها الحقيقي في "المغازلة والتودد" للمحتل الإسرائيلي. وجميع الخطوط الحمراء التي تضعها جماعة الإخوان الإرهابية، والتي من بينها التطبيع مع إسرائيل، ليست سوى حواجز وهمية تستثمرها في تحقيق مكتسبات مالية وسياسية ولزيادة التأييد الشعبي.