«فتنة الوراق».. تفاصيل «ساعات» الإزالة والدم
صباح اليوم، استيقظت مصر على أنباء إزالة عقارات مخالفة في جزيرة الوراق بمحافظة الجيزة، وانتشار أمني مكثف وصل إلى حصارها بسيارات الأمن المركزي والمدرعات على جانبي الجزيرة من ناحية مدينتي الوراق وشبرا الخيمة.
لم يمر الحادث بإزالة العقارات مرور الكرام، وانتهاءه كما هو المعتاد مع كل حملة من حملات الإزالة التي بدأت بعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي الحرب على التعديات على أراضي الدولة، إذ احتج الأهالي على إزالة عقاراتهم ، ووصل الأمر إلى اشتباكات بين قوات الأمن والأهالي، ما أسفر عن إصابة العشرات بين صفوف الأمن والأهالي، ومقتل أحد شباب الجزيرة.
وزارة الداخلية روت تفاصيل الواقعة قائلة، إنه "أثناء قيام أجهزة الأمن بمديرية أمن الجيزة بالاشتراك مع قوات إنفاذ القانون والجهات المعنية، لإزالة التعديات بجزيرة الوراق، فوجئت القوات بقيام البعض من المتعدين بالتجمهر والاعتراض على تنفيذ قرارات الإزالة التعدي على القوات بإطلاق الأعيرة الخرطوش ورشقها بالحجارة، ما دفع القوات لإطلاق الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتجمعين والسيطرة على الموقف، ما أسفر عن إصابة 31 من رجال الشرطة "8 ضباط و11 من الأفراد و12 مجندًا"، بكدمات وجروح وطلقات خرطوش، وتم نقلهم للمستشفى لتلقى العلاج، حيث سيطرت القوات على الموقف وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، كما أسفرت الأحداث عن وفاة مواطن وأصابه 19 مدنيًا .
بداية الأحداث
منذ الصباح الباكر نفّذت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة بالاشتراك مع القوات الخاصة والأمن المركزي، عمليات إزالة المباني المخالفة المتواجدة بجزيرة الوراق؛ لاستكمال أعمال مشروع محور روض الفرج بعدة مناطق، بطول وعرض الجزيرة، وفور أن وطأت أقدام الأجهزة الأمنية، أرض الجزيرة، التف حولهم الأهالي معلنين اعتراضهم على قرارات الإزالة، رافضين ترك منازلهم وأرضهم.
وبحسب مصدر أمني، اشتدت المشادات الكلامية بين الأهالي وقوات الأمن ليباغت أحد الأهالي بسرقه جهاز لاسلكي من أحد الضباط وفر هاربًا، الأمر الذى دفع رجال الشرطة بإطلاق الأعيرة التحذيرية والقنابل المسيلة للدموع، لتفريقهم، حتى يتسنى لهم تنفيذ أعمال الإزالة لتستمر أعمال الكر والفر لساعات طويله بين الأهالي، وقوات الأمن، واشتد الأمر سوء بين الأهالي عندما وصلتهم أنباء عن مقتل مواطن وإصابة 10 أخرين .
وبعد ساعات من عمليات الكر والفر بين الطرفين هدأت الأوضاع نسبيًا وأزالت القوات بعض المباني المخالفة والمتواجدة في الجزيرة وسط تكثيف أمني من قبل رجال الشرطة والأمن المركزي.
الهلال اليوم في الجزيرة
والتقت "الهلال اليوم" عددًا من أهالي الجزيرة فور أن هدأت أعمال الكر والفر.
"دي أرضي وأرض جدودي ومش هاسيها إلا وعلى جثتي ".. بهذه الكلمات أبدى محسن صالح فلاح، اعتراضه على قرار إزالة منزله، ومرور محور روض الفرح من مساحة كبيرة من أرضه، متابعًا أن القرارات جاءت مفاجأة له ولأسرته، دون الحصول على أي تعويضات مسبقة، حتى يستطيع توفير مسكن ملائم له وأسرته.
وأضاف أن "الطريقة "الغشيمة" التي انتهجتها قوات الأمن مع الأهالي لتنفيذ قرارات الإزالة زادت من غضب الأهالي، خصوصا أنها جاءت دون إنذار أو إخطار لأعمال الإزالة مسبقًا" .
"حسبي الله ونعم الوكيل".. قالتها هاله جمال صاحبه منزل طالته أعمال الإزالة، وهي تمسك بيدها زجاجه مياه غازية، وتمسح بها على وجهها حتى تزيل "لسعات" القنابل المسيلة للدموع.
وأكدت أنها شيّدت منزلها منذ سنتين حتى تقطن به هي وأطفالها الأربعة، وفوجئت صباح أمس بقيام جارها النجار بإخبارها أنّ منزلها قد تهدم بالكامل بعد أن تهدم منزله هو الآخر، فأسرعت مهروله إلى الجزيرة لتفقد ماذا حدث لـ"شقى عمرها"، موضحة أنها تسكن بالإيجار بحي الوراق، وعندما ذهبت لمنزلها بالجزيرة وجدته منهارًا بالكامل، وفوجئت يتجمهر الأهالي حول قوات الأمن، وهو يقومون بتفريق الأهالي عن طريق إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
ونفت هاله تلقيها أي إنذار بالهدم أو إخطار مسبق أو حتى نصف تعويض عن منزلها.
"أروح فين أنا وعيالي"، بتلك الكلمات عبّر سامح عاشور فلاح عن حزنه الشديد جراء عمليات الإزالة التي لم يكن يعلم بها، متسائلًا "أين يذهب؟ بعد أن هدمت قوات الأمن منزله"، قائلا إنه وأسرته وأجداده كانوا يقيمون في الجزيرة منذ أيام الملك فاروق.
تكثيف أمني
وعززت أجهزة الأمن بالجيزة بإشراف اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، من تواجدها بمحيط الجزيرة ومنطقة الكورنيش وأمام قسم الوراق؛ للتصدي لأى أعمال شغب وعنف من المحتمل تكرارها من الأهالي .
وألقت أجهزة الأمن القبض على عدد من مثيري الشغب من أهالي منطقة جزيرة الوراق بعد اعتراضهم على قرارات الإزالات للمباني المخالفة وتم ترحيلهم إلى قسم الوراق للتحقيق معهم .
وكشفت مصادر أمنية بمديرية أمن الجيزة، استقرار الحالة الصحية للواء رضا العمدة نائب مدير مباحث الجيزة بعد إصابته بطلق خرطوش خلال الاشتباكات التي وقعت بين الأهالي بجزيرة الوراق والأمن.
وأضافت المصادر أنّ الأهالي أطلقوا الخرطوش تجاه القوات، ما أدي إلى أصابه 8 من رجال الشرطة بينهم اللواء رضا العمدة .
وبعد ساعتين من توقف الاشتباكات وانسحاب رجال الشرطة قطع مجموعة من الأهالي، طريق الكورنيش، مرددين هتافات معادية ضد رجال الأمن أثناء تشيعهم جنازة المواطن قتيل الأحداث.