رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عبقرية الدبلوماسية الرئاسية

30-5-2022 | 21:16


عبد الرازق توفيق,

عندما تقرأ علاقات وسياسات مصر الدولية.. تشعر ان هناك إنجازاً كبيراً تحقق خلال السنوات الماضية،.. فما بين الاحترام والتقدير لمصر،.. والمكانة المرموقة والثقل والدور، .. وما بين الفرص الواعدة التى تمتلكها.. تجد ان هناك ملحمة كبيرة صنعتها الدبلوماسية الرئاسية برؤية ودأب.. وبفكر وسياسات شريفة وصادقة.. حتى باتت الدولة المصرية هى محط اهتمام العالم،.. المكانة والدور والثقل بطبيعة الحال لم تأت من فراغ، ولكن أيضاً من قوة وقدرة شاملة ومؤثرة ومستقبل واعد ينتظر هذا الوطن.

القمة.. (المصرية- البولندية) نموذج للسياسة المصرية الشريفة التى تتمسك بثوابتها ومبادئها.. وتسعى لتحقيق مصالحها العليا وتطلعات شعبها من خلال علاقات تعاون وشراكة تقوم على الاحترام المتبادل.. فقد ربحت مصر الكثير من علاقاتها الدولية مع الدول المتقدمة وحسمت أمرها مبكراً.. ان علاقتها مع دولة لا تأت على حساب دولة أخرى.

 

سياسات دولية تقوم على التعاون والشراكة والاحترام المتبادل

 

 

يعجبنى فى السياسة الدولية المصرية إصرارها وتمسكها بثوابتها وإن اختلفت الظروف والزمان والمكان فمصر تقف على مسافة متساوية من الجميع وإن اختلفت توجهاتهم وتحالفاتهم وسياساتهم إلا ان الموقف المصرى يظل شامخاً وثابتاً على مبادئه.

القمة المصرية- البولندية التى جرت بالأمس بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس البولندى اندجيه دودا نموذج للسياسة الخارجية المصرية، والدبلوماسية الرئاسية التى تسعى باستمرار إلى بناء علاقات دولية تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون والشراكة وتبادل الخبرات لتحقيق عوائد ومكاسب مشتركة تحقق آمال وتطلعات الشعوب وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدولة واحترام مواقفها تجاه القضايا والملفات الإقليمية والدولية والتشاور والتنسيق المشترك فى كافة القضايا الدولية.

مصر سياستها تسعى إلى ايجاد حلول سياسية ودبلوماسية للأزمات والصراعات والحروب.. وتعمل دائماً على نزع فتيل التوترات، والجلوس على طاولات المفاوضات.. وهى سياسة ثابتة لا تتغير.. ولعل محاولة مصر الوساطة فى نزع فتيل الأزمة الروسية- الأوكرانية وايجاد تسوية سياسية سواء عبر جهود مصرية مباشرة أو من خلال الجامعة العربية لدرء التداعيات الخطيرة على العالم خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والأمن الغذائى لشعوب العالم.

الحقيقة ان مصر على مدار الـ7 سنوات الماضية حققت نجاحات وإنجازات كبيرة فى ترسيخ علاقات التعاون والشراكة والصداقة والتقارب مع دول العالم وتحظى بعلاقات قوية مع القوى الكبرى فى العالم وعلاقتها أو شراكتها مع دول كبيرة لا تأتى بديلاً لعلاقتها مع دول أخري.. فلديها علاقات إستراتيجية قوية مع الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند ودول الاتحاد الأوروبى بالإضافة إلى دورها وثقلها فى المنطقة والشرق الأوسط وأفريقيا والعالم العربي.. لذلك تحظى باحترام وتقدير ومصداقية كما ان التجربة المصرية فى مجال البناء والتنمية والتقدم وما حققته من نجاحات كبيرة منحتها فرصاً كبيرة.. وثقلاً على المستوى الاقتصادى ومدت جسور التعاون وتبادل الخبرات والاستعانة بتجارب الدول المتقدمة وخبراتها وامكانياتها.. واستفادت الدولة المصرية من علاقاتها الدولية مع الدول المتقدمة فى هذا الإطار بالاضافة إلى أنها أصبحت قبلة للاستثمارات والاقتصاد والشركات الدولية التى تسعى للتواجد على الأراضى المصرية للاستفادة من الحجم الكبير للفرص.

مصر دولة تعرف ماذا تريد من علاقاتها الدولية.. فلا تبحث سوى عن مصالحها وأهدافها وما يحقق تطلعات شعبها، لا تطمع ولا تعتدى على أحد، فالدولة البولندية تربطها بمصر علاقات تمتد إلى قرن من الزمان ولكن القيادتين فى البلدين قررا تعزيز وتطوير هذه العلاقات بالاستفادة من الامكانيات والمجالات المتاحة خاصة فى مجالات الاقتصاد والزراعة والتى تشهد تطوراً كبيراً فى بولندا واهتماماً وتوسعاً كبيراً فى مصر فى ظل توجه القيادة السياسية إلى تحقيق الأمن الغذائى للمصريين فى توقيت بالغ الدقة والتحديات فى ظل الأزمات الدولية مثل «كورونا» ثم الحرب الروسية- الأوكرانية وتداعياتها على سلاسل الإمداد والتوريد.

الحقيقة أيضاً انه لفت نظرى فى القمة «المصرية- البولندية» انها اتجاه جديد، لتطوير علاقات البلدين والاستفادة من الفرص والامكانيات والخبرات المتبادلة، فقد شهدت القمة توقيع مجموعة مذكرات تفاهم سواء فى الاقتصاد أو الشباب والرياضة أو فى المجال الدبلوماسي.. فهناك إرادة مشتركة على التعاون فى العديد من المجالات واستغلال الفرص فالرئيس البولندى أكد حرص بلاده على تعزيز ودفع العلاقات فى ظل ما تمثله مصر من ركيزة هامة وأساسية بين البلدين فى ضوء الصلابة التى أظهرها الاقتصاد المصرى تجاه التحديات والأزمات العالمية المختلفة وما تتيحه المشروعات القومية الكبرى الحالية فى مصر من فرص استثمارية ضخمة لا سيما فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

القمة المصرية- البولندية، أكدت أهمية تعزيز وتنمية العلاقات الثنائية بين البلدين فى مختلف المجالات بما يساهم فى تحقيق مصالح الشعبين والتوافق على تكثيف الزيارات الثنائية المتبادلة على مختلف المستويات بهدف تعميق التعاون على جميع الأصعدة ذات الاهتمام المشترك لا سيما فى المجال الاقتصادى والذى ينطوى على الكثير من الفرص الواعدة فى قطاعات مختلفة أبرزها زيادة حجم التبادل التجارى ونقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة البولندية فى مصر إلى جانب مجالات السياحة والتحول الرقمى والطاقة الجديدة والمتجددة وهى من أهم المجالات التى تحظى بأولويات مصر.. بالاضافة إلى بدء عمل الرحلات الجوية بين «القاهرة- وارسو» على مدار 5 أيام لتعظيم الاستثمار بين البلدين وأيضاً السياحة والمقاصد السياحية المصرية والأثرية التى هى محط اهتمام العالم، خاصة وأن بولندا تمثل الدولة الخامسة فى الدول الأعلى فى زيارة مصر بهدف السياحة.

الحقيقة ان مصر نجحت خلال السنوات الماضية فى بناء علاقات التعاون والشراكة مع دول العالم من أقصاها إلى أقصاها.. ومع الوقت تدخل مسارات جديدة للعلاقات أو تطوير هذه العلاقات مثل بولندا وزيارة رئيسها «اندجيه دودا».. والتى تمثل نقطة انطلاق لتعزيز التعاون والاستفادة من الخبرات والاستثمارات والسياحة البولندية وأيضاً البرازيل ثم ترسيخ العلاقات المصرية- الألمانية من خلال المشروع العملاق لإنشاء منظومة متكاملة للقطار الكهربائى السريع فى مصر باجمالى 2000 كيلو متر على مستوى الجمهورية تربط 60 مدينة بقطارات تصل سرعتها إلى 230 كيلو فى الساعة وتخدم 90٪ من المواطنين وتخدم ملايين الركاب يومياً وتنقل ملايين الأطنان من البضائع سنوياً ويشمل التعاقد تقديم خدمات الصيانة لمدة 15 عاماً وهو التعاقد الذى حظى باهتمام المستشار الألمانى وثمنه وأشاد بالقدرات والفكر الذى تتبناه مصر لتكون رائدة فى تكنولوجيا السكك الحديدية فى الشرق الأوسط والقارة الأفريقية.

نجحت مصر فى الاستفادة من علاقاتها الدولية وشراكتها مع الدول المتقدمة وتسخيرها فى خدمة رؤيتها ومشروعها الوطنى للتنمية المستدامة والتقدم.. فمنظومة القطارات السريعة كما أشار الفريق كامل الوزير وزير النقل تتألف من 3 خطوط رئيسية الأول يعتبر خطاً مماثلاً لقناة السويس فى أهميتها الإستراتيجية حيث سيربط بين مدينة العين السخنة على البحر الأحمر ومدن الإسكندرية والعلمين ومرسى مطروح على البحر المتوسط بطول 660 كيلو متراً والخط الثانى يبلغ طوله 1100 كيلو متر يصل بين القاهرة وأبوسمبل مروراً بمدينتى الأقصر وأسوان ومن ثم يساعد على ربط العاصمة بالمراكز الاقتصادية الناشئة فى صعيد مصر فى حين سيبلغ طول الخط الثالث 225 كيلو متراً من مدينة قنا إلى سفاجا مروراً بالغردقة.. الحقيقة نحن أمام مشروع تاريخى وعملاق يربط البحرين الأحمر والمتوسط مثل قناة السويس وبالتالى يعزز من قدرات مصر كمحور مهم فى مجال التجارة العالمية.. ويتصدى لكل المشروعات البديلة التى لا تملك مزايا قناة السويس أو منظومة القطارات السريعة.

ما أريد أن أقوله ان هذه المشروعات العملاقة التى نفذتها وتنفذها الدولة المصرية جاءت أيضاً ترجمة لعلاقات مصر الدولية القوية القائمة على التعاون والشراكة الإستراتيجية وهذا المشروع هو انعكاس حقيقى لقوة العلاقات المصرية- الألمانية.. وهو أيضاً وضوح للرؤية المصرية وإصرار وإرادة على استكمال مشروعها الوطنى فى بناء الدولة الحديثة والجمهورية الجديدة رغم وطأة وتداعيات الأزمات العالمية وأخرها الحرب الروسية- الأوكرانية ولعلنى أستطيع أن أربط بثقة بين زيارة الرئيس البولندى لمصر، والاتفاقيات والاستثمارات التى جاءت بتعاون ثلاثى «مصرى- إماراتى- أردنى» خلال زيارة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء للإمارات ثم انتهاء فترة شهادة الـ18٪ بعد أن حققت 750 مليار جنيه ثم فى الطريق أخبار سارة أخرى تشير الى وتجسد قدرة الدولة المصرية ومرونتها وقدرة قيادتها السياسية على تجاوز الأزمات والتداعيات التى خلقتها الحرب الروسية- الأوكرانية خاصة فى خروج بعض الاستثمارات.. لذلك نجحت الدولة المصرية بفكر وحكمة ورؤية فى تجاوز هذه التداعيات والتحديات.

القمة (المصرية البولندية) تناولت ملفات مهمة مثل ظاهرة الهجرة غير الشرعية التى قامت فيه مصر بدور كبير وتحملت أعباء اقتصادية خاصة وأنها تستضيف ما يقرب من 6 ملايين لاجئ توفر لهم كافة الحقوق ويعيشون وسط شعبها بالاضافة إلى انها تصدت لكل محاولات الهجرة غير الشرعية وأيضاً لظاهرة الإرهاب الأسود وهو ما جعلها تحظى باشادة وتقدير دولى على رأسه الاتحاد الأوروبي.

القمة أيضا عكست ثوابت مصر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحل الدولتين من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية وأكدت مصر أيضاً على رؤيتها وثوابتها فيما يتعلق بالأزمة الروسية- الأوكرانية حيث أكد الرئيس السيسى على تناول كافة السبل المؤدية إلى التهدئة والتوصل إلى حل سلمى للنزاع وبذل كل الجهود من أجل تحقيق ذلك سواء على المستوى الثنائى  أو الإقليمى أو الدولي.

الحقيقة المؤكدة ان مصر نجحت فى ترسيخ علاقات دولية قوية وتقوم على الاحترام والندية والتعاون والشراكة وتبادل المنافع والفرص المتاحة من خلال دولة مصرية قوية وقادرة يحترمها العالم.. ويسعى لاستغلال حصاد وفرص استثمارية خلفتها تجربة ملهمة فى مجال البناء والتنمية، وهو ما يعكس نجاح الرئيس السيسى فى انتشال الدولة المصرية عقب أحداث قاسية فى 2011 ثم عقب 30 يونيو ٢٠١٣ بعدما تسبب نظام الإخوان الفاشل فى هدم الدولة المصرية لذلك فما بين الانقاذ والإنجاز وبناء الدولة القوية القادرة التى يحترمها العالم وتقف على أرض صلبة ولديها العديد من الفرص وأمامها مستقبل واعد، كل ذلك يمثل تاريخاً مضيئاً وحافلاً من الإنجازات وعبقرية البناء يحسب للقيادة السياسية، فالحقيقة ان العالم ينظر إلينا باحترام وتقدير ورغبة فى التعاون والشراكة ولم يأت ذلك من فراغ ولكن نتاج جهود ورؤية وإرادة وقرار وطنى مستقل وقوة وقدرة لا يدركها إلا الشرفاء الذين يتمتعون بالانصاف والحق والموضوعية وليس الذين يروجون الأكاذيب والشائعات.. والتشويه.. وهم حاقدون وحاسدون وكارهون للخير لهذا الوطن.. أو جاهلون ومغيبون أدمنوا المتاجرات والشعارات ويفتقرون لأدنى رؤية أو معلومات أو حقائق.

لذلك من أهم إنجازات الرئيس السيسى خلال السنوات الماضية انه أعاد المكانة اللائقة لمصر ومكنها من الدور والثقل والفرص الواعدة والندية، واستقلالية القرار فما بين تحقيق نسب كبيرة من الاكتفاء الذاتى والاستغناء.. وفرص واعدة وغزيرة وقوة وقدرة شاملة مؤثرة تؤمن استقلال القرار، فالحقيقة ان مصر دولة شريفة فى زمن عز فيه الشرف.. لديها ثوابت ومبادئ لا تتغير بفعل الزمان والمكان فهى تبحث عن مصالحها وترسخ السلام والحلول السياسية بدلاً من النزاعات والصراعات.. لذلك هناك قفزة وطفرة غير مسبوقة فى مجال علاقات مصر الدولية.. لكن المهم ان تكون لدى البعض الموضوعية وشهادة الحق بدلاً من المتاجرات «ودغدغة» العواطف والمشاعر.

 

تحيا مصر