قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، إن الدورة الرابعة لمؤتمر المنظمة حول الوساطة "تجارب وآفاق"، تأتي في منعطف حرج، وفي وقت العالم في أمسّ الحاجة إلى الوساطة والحوار والمفاوضات من أجل حل الصراعات.. مؤكدا أن موضوع الوساطة يحظى بأهمية كبيرة لدى المنظمة.
وأشاد طه - في كلمته خلال فعاليات المؤتمر الرابع لمنظمة التعاون الإسلامي، حول الوساطة "تجارب وآفاق"، اليوم /الأحد/ ، والذي تستضيفه وزارة الخارجية السعودية بالتعاون مع الأمانة العامة للمنظمة، على مدى يومين - بجهود المملكة العربية السغودية بصفتها دولة المقر للمنظمة ورئيس الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية.
وأوضح الأمين العام أن ميثاق منظمة التعاون الإسلامي يطالب الدول الأعضاء بانتهاج الوسائل السلمية لتسوية المنازعات عن طريق المساعي الحميدة أو التفاوض أو التحقيق أو الوساطة أو المصالحة أو التحكيم أو التسوية القضائية أو أية وسائل سلمية أخرى.
وشدد على أن منظمة التعاون الإسلامي تولي اهتماما خاصا بالوساطة، حيث إن نحو 60 % من مجموع النزاعات في العالم يقع ضمن جغرافية المنظمة .. مشيرا إلى أنه بسبب هذه الصراعات، تعرضت الشعوب إلى العديد من التجارب المريرة وقد تراجعت التنمية الشاملة في هذه البلدان، لذلك فإن لدى أعضاء المنظمة التزاما قويا بحل النزاعات المعلقة بشكل سلمي ودائم.
واستعرض الأمين العام ، في كلمته ، العديد من النجاحات التي حققتها منظمة التعاون الإسلامي في مجال الوساطة في النزاعات المختلفة، ومن أبرزها التوسط في النزاعات في جنوب الفلبين وجنوب تايلاند والسودان وتشاد وأفغانستان، واضطلعت المنظمة بدور في دعم الجهود الدولية الهادفة إلى إحلال السلام والأمن واستعادة سيادة القانون في الصومال وغينيا، ومحاولة إنهاء التوتر الطائفي في العراق في عام 2006.
من جانبه، قال نائب وزير الخارجية السعودي وليد بن عبدالكريم الخريجي- في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الرابع لمنظمة التعاون الإسلامي حول الوساطة - إنَّ المؤتمر يأتي في وقت مليء بالأحداث التي تعصف بالعالم أجمع، والتي تؤثر على السلم والاستقرار الدوليين، وذلك إيماناً من المملكة العربية السعودية بأن الاستقرار والسلم والأمن نواة التقدم والتطور والازدهار للشعوب.
وأضاف الخريجي أنَّ هذا المؤتمر يأتي امتداداً للمؤتمرات السابقة التي عقدت في الجمهورية التركية، سعياً إلى محاولة إرساء قواعد ومنهج للدور المأمول في مجال الوساطة تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي.
وأشار إلى أنَّ القضايا المعقدة والملحة داخل دول العالم الإسلامي وغيرها من دول العالم بحاجة ماسة في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم اليوم إلى حل ناجع ووسائل أكثر فعالية، وذلك باعتماد أساليب وطرق عدة من جملتها ضرورة تضافر جهود المنظمة مع الشركاء الإقليميين والدوليين لإيجاد أفضل الحلول في هذا الشأن، من أجل معالجة كل تلك التحديات والمخاطر باستثمار منهج الدبلوماسية الوقائية الرامية إلى منع نشوء النزاعات بين الأطراف المختلفة والتصدي لتصاعدها ووقف انتشارها، من خلال الحوار والمفاوضات وبذل المساعي الحميدة للتوفيق بين تلك الأطراف المتنازعة.
وأكد الخريجي أن السعودية قامت ومنذ تأسيسها باعتبارها دولة محورية على مرتكزات أساسية من أهمها المساهمة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، والسعي إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، كما أسهمت بدورها وما تزال في بذل مساعيها الحميدة لدى العديد من الدول في سبيل درء الخلافات التي ألمت ببعض الدول، عبر كافة السبل ومختلف الوسائل التي كان وما يزال من بينها تفعيل دور الدبلوماسية الإنسانية.
وأوضح أن المملكة وبتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمتابعة دؤوبة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أولت عناية لتقديم الدعم والمساعدة سواء عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أو عن طريق الصندوق السعودي للتنمية حتى غدت المملكة من أوائل الدول المانحة.
من جهته، أشاد المندوب الدائم للجمهورية التركية لدى منظمة التعاون الإسلامي السفير محمد متين إكر- في كلمته- بالسعودية ومنظمة التعاون الإسلامي؛ لتنظيمهما هذا المؤتمر الذي يأتي في الوقت المناسب.
وقال السفير إكر إنَّ منع النزاعات وحلها والوساطة أصبحت أكثر أهمية؛ نظراً للتطورات الجيوسياسية الأخيرة وعدد الصراعات الآخذ في التزايد.. مضيفا "بينما يتزايد تواتر النزاعات، فإن طبيعتها تتطور بسرعة أيضاً، ولهذا السبب، يجب على منظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء فيها التركيز أكثر على الحل السلمي للنزاعات".
وأضاف أن تركيا ركزت على منظمة التعاون الإسلامي من خلال استضافتها للدورات الثلاثة الأولى من مؤتمر الوساطة، لأنها تؤمن بإمكانيات المنظمة باعتبارها ثاني أكبر منظمة دولية والصوت الجامع للعالم الإسلامي، لافتاً إلى أن هذا المؤتمر سيكون بالتأكيد منصة مهمة؛ لمتابعة العمل المهم الذي تم إنجازه حتى الآن.
من جانبها، قالت مستشار الدولة الرئيسي بوزارة العدل في غامبيا كومبا جو، خلال كلمتها التي ألقتها نيابة عن المجموعة الإفريقية في منظمة التعاون الإسلامي، إن مؤتمر الوساطة يعد منصة مبتكرة لمشاركة خبراتنا المتنوعة لترسيخ السلام والأمن للعالم الإسلامي.
وأكدت أن الوساطة آلية قوية يجب تشجيعها واستخدامها؛ لمنع تصعيد التوترات التي قد تؤدي إلى صراعات خطيرة، مشددة على ضرورة تعزيز قدرات الدبلوماسية الوقائية، لمنع ما تجره الصراعات من تكاليف باهظة على الحياة والممتلكات وتأخير تطلعاتنا التنموية.
بدوره، قال المندوب الدائم لجمهورية باكستان الإسلامية لدى منظمة التعاون الإسلامي سعيد رضوان شيخ - في كلمته عن المجموعة الآسيوية - إن مؤتمر الوساطة يعقد في وقت يواجه فيه العالم الإسلامي عدداً من الصراعات، سواء كانت صراعات داخلية، أو صراعات متعلقة بالاحتلال كما هو الحال في فلسطين، أو صراعات متعلقة بالمشاكل التي تواجهها الأقليات المسلمة.
ولفت إلى أن هذا المؤتمر يأتي في إطار تفعيل أدوار المنظمة في الوساطة وحل الصراعات، مشدداً على ضرورة أن تلعب المنظمة دوراً في هذا المجال، وأن تكون لها هياكلها الخاصة للتعامل مع الصراعات وحلها.
في السياق، أكد سفير جيبوتي لدى السعودية المندوب الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي ضياء الدين بامخرمة - في كلمته عن المجموعة العربية في منظمة التعاون الإسلامي - أن المؤتمر ينعقد في ظل ظروف دقيقة وحساسة تتواصل فيها الصراعات والنزاعات، وتتجلى فيها تحديات كبيرة أمام الأمن والسلم العالمي.
وأشار إلى أن المؤتمر سيكون تجسيداً للتوافق حول خطوط عريضة وواضحة؛ لتعزيز قدرة الوساطة في منظمة التعاون الإسلامي، لافتاً إلى أنه سيبحث في هذا الصدد الوسائل المبتكرة لتحديد الأدوار الجديدة للمنظمة للمشاركة في جهود الوساطة.
يذكر أن الجلسة الافتتاحية شهدت أيضاً عرض فيلم مرئي عن جهود المملكة العربية السعودية في الوساطة.