ما أشبه الليلة بالبارحة، ففى ربيع عام 1998 كان المصريون على موعد مع إطلاق أول قمر صناعى مصرى "نايل سات 101" لتدخل مصر عالم الفضاء المرئى، متزامنًا مع إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي باستديوهاتها المختلفة.. كنت كباقي المصريين الذين التفوا حول التلفزيون المصرى نتابع عملية الإطلاق بشغف، وكيفية الاستعداد للإطلاق وأصوات المحللين والإعلاميين تتحدث عن مميزاته، بل وتعلقت أعيننا بشكل الصاروخ الذى يخترق السحاب والكاميرات مسلطة عليه و نردد كلمات "الريادة المصرية فى مجال الإعلام"، وهى الكلمة التى كانت فى كل الصحف والقنوات بعد تصريحات وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، كنا على موعد بعدها مع الفضائيات المصرية المختلفة والتنافس فى المحتوى وتغير شكل الشاشة الصغيرة.
أذكر هذا ونحن اليوم نطلق القمر الصناعى "نايل سات 301"، القمر الذى استغرق بناؤه عامين ونصف العام، لينطلق اليوم والذى يتواكب مع مرور ثمانية سنوات على تولى الرئيس السيسي حكم مصر، والذى حلف فيه اليمين الدستورية .
القمر الصناعى الجديد يتواكب مع توجيهات الرئيس فى خدمة القارة الأم (إفريقيا) حيث يتوسع فى تغطية دول جنوب القارة الإفريقية، بالإضافة دول حوض النيل، وبذلك تصل مصر إلى العمق الاستراتيجى الإفريقي ويتضمن القمر 38 قناة بزيادة 12 قناة عن القمر الصناعة "نايل سات 201" أما بالنسبة لإمكانياته فهو يشتمل على خدمة الإنترنت عريضة النطاق، لتغطية مصر كلها وخاصة المناطق النائية ليوفر خدمات الإنترنت للمشروعات الجديدة، وحقول البترول شرق المتوسط، وبالأخص حقل ظهر، كما ستتمكن مصر بالتكامل مع القمر الصناعى طيبة 1 الذى أُطلق نهاية نوفمبر الماضى خدمت النت الفضائي ليضمن بقاءه واستمراره لمدة 15 سنة وهى عمره الافتراضى.
ما يميز القمر الجديد أنه يستطيع تحديد أى مصدر تشويش، بل ويتمكن من معالجة التشويش التأمين للقنوات الفضائية، كما يتميز القمر الجديد بإمكانية المناورات بالهوائيات لتغيير مناطق التغطية وفقًا لاحتياجات الدول الإفريقية التى تعتبر سوقًا جديدًا لأقمار النايل سات .
هنا يجب أن نتوقف قليلا أمام الدور الذى سيقوم هذا القمر خاصة فى قارة إفريقيا، والذى سيعيدنا إلى الحظيرة الإفريقية من جديد، وإلقاء الضوء على العديد من الدول لفهم مشاكلها وطباعها، فضلا عن الدور الكبير الذى سيحدث نقلة نوعية فى عالم الاتصالات وخاصة الإنترنت الذى سيسهم فى توفير وقت وجهد كبير فى المناطق النائية وخدمة المشروعات العملاقة.
أعتقد أننا أمام طفرة جديدة لتحقيق أهداف استراتيجية هامة وخاصة فى البعد الإفريقى، وكأن مصر تنظر لإفريقيا من الفضاء وتفتح ذراعيها للقارة الأم.