حكاية «سفاح كرموز الأنيق» وأخر لحظاته على «طبلية الاعدام».. شرب سيجارة
على مدار 5 سنوات كاملة ظل سعد إسكندر عبد المسيح ابن محافظة أسوان المعروف باسم «سفاح كرموز»، متصدرا للساحة الإعلامية وحديث الشارع المصري، بداية من سنة 1948 حتى 1953، فتسبب فى رعب أهالى الإسكندرية خلال تلك الفترة بسبب ارتكابه سلسلة من جرائم قتل النساء.
البداية من حى «راغب باشا» بالإسكندرية معقل «سفاح كرموز» الذى لم تظهر على ملامح وجهه علامات الإجرام، كان وسيماً واستغل جماله في جذب السيدات إليه قبل قتلهن، ونجح في ارتكاب 19 جريمة قتل، بعد أن توجه لمدينة الإسكندرية لاقتراض نقود من أحد أقاربه للعمل فى مجال تخزين الغلال، وخلال فترة زمنية قصيرة ارتكب عدد ضخم من جرائم القتل جعلته يُلقب بـ«سفاح كرموز».
سعد السيدات كان يلقط ضخاياه من السيدات الذاهبات من منطقة جبل نافع إلى سوق الأقمشة، حيث كان يعترض طريقهن في منطقة مينا البصل بجلوسه على كرسى وضعه على الرصيف، وبنظراته يجذبهن إليه ثم ينهي حياتهن.
معرفة السفاح الجيدة للضباط في الإسكندرية ساعدته في الهروب من الملاحقات الأمنية، فكان البحث عن حيلة جديدة للقبض على "سفاح كرموز" فتم استدعاء النقيب عبد الحميد محمد محمود، وكان وقتها يعمل فى قسم شرطة نجع حمادى بمديرية أمن قنا، حيث نجح في القبض على الأسطورة التي حير الجميع.
قصة سقوط «سفاح كرموز» لم تكن سهلة، فالضابط «عبد الحميد» الذي أسقطه ارتدى جلبابا صعيديا واستغل إجادته للهجة الصعيدية واتفق مع سيدة من الإسكندرية أن تسير برفقته وضابط آخر، وعندما حاول «السفاح» أن يجذب السيدة إليه ألقي القبض عليهز
من الأمور الملفتة في قصة هذا السفاح الغريب هو أنه لما سط فى قبضة الأمن وأودع قفص المحكمة، ظل حريصاً على الظهور أنيقاً مرتدياً أفضل الثياب، ووضع الجاكت على قيوده الحديدية حتى لا تراه الفتيات وهو مغلول الأيدى ولا يتمكن الصحفيون من التقاط صور له.
صدرت عدة أحكام قضائية ضد السفاح، وأول حكم كان بالأشغال المؤبدة مرتين بعد ذلك صدر حكمان بالإعدام، وفي الساعة الثامنة من صباح 25 فبراير سنة 1953 التف حبل المشنقة حول عنق سعد إسكندر سفاح كرموز الذي بث الرعب في الإسكندرية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي وارتكب أكثر من 19 جريمة قتل سيدات وهوى في الحفرة فاقدا الحياة تنفيذا لحكم الإعدام الصادر عليه في 28 مارس سنة 1951.
الدقائق الأخيرة لسعد على طبلية الإعدام مثيرة يضا للاهتمام، إذ وقف مبتسما ويصر على أنه برئ ويشرب جرعة من الماء ويدخن سيجارة ويبعث بسلامه وشكره إلى محاميه الذي بذل محاولات مستمرة على مدار سنتين لإيقاف تنفيذ الحكم حتى يفلت موكله من المصير الذي انتهى إليه.
مشهد إعدامه كان غريبا أيضا، إذ توافد كثيرون من الأهالي في الصباح الباكر على سجن الحضرة وتجمعوا هناك يحدقون في الراية السوداء التي رفعت ويرقبون مجريات الأحداث من فوق التل الصغير المواجه للسجن، بداية من تجربة رجال السجن لحبل المشنقة في حوالي الساعة السابعة صباحا بحضور البكباشي حسن عبد المقصود مأمور السجن، والوكيل العام لمصلحة السجون وكبير المفتشيين وكذلك طبيبا السجن وفريق من أعضاء النيابة العامة.
لم يكن السفاح حتى الساعة الثامنة إلا عشر دقائق يعلم بما يجري على مقربة منه استعدادا لتنفيذ حكم القضاء عليه، وصعد أحد ضباط السجن ومعه اثنان من الحراس إلى الزنزانة رقم 64 بالدور الثاني من العنبر «ب» حيث يقيم سعد، ليأتوا به إلى ساحة التنفيذ وصحبهم قسيس السجن، وأحس سعد عند رؤيته أنه قادم إلى النهاية وخرج إلى ساحة التنفيذ يتقدمه القس وهو يقرأ في كتابه الديني.
وقف سعد بين حراسه وهو يبتسم وتلا مأمور السجن الحكم الصادر بالإعدام وكانت الابتسامة ترتسم على وجه سعد طوال تلك الفترة، ثم سأل السفاح عما إذا كان يريد أن يقول شيئا، فسأل سعد عن محاميه ثم قال: «أرجوا إبلاغ سلامي إلى الأستاذ ألبرت برسوم، وشكري لما قدمه من مجهود، وأنا سأموت، وأنا مؤمن بأن إعدامي ليس لثبوت إدانتي»، ثم شرب جرعة من الماء ثم دخن سيجارة قدمها إليه وكيل مصلحة السجون بمساعدة أحد الحراس لأنه مقيد اليدين ثم اُقتيد إلى حجرة الإعدام ووضع الحبل حول عنقه وغطى رأسه بالقناع الأسود وأعطيت الإشارة ففتح الجلاد الأرض تحت قدميه وسقط على الفور واستمر نبضه دقيقتين وخمس ثوان وتبين أن وزنه كان 58 كيلو جراما قبل دخوله السجن فأصبح 64 كيلو جراما ساعة الإعدام.