رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


فقه الأسرة بين ثوابت ومفتريات!

14-6-2022 | 20:40


أ.د أحمد كريمة,

أولاً: عقد الزواج:

وضح فقهاء الشريعة الإسلامية تعريف النكاح بعبارات تدل بمجموعها على أنه عقد حل الاستمتاع من رجل وامرأة على الوجه المشروع بأركان وشروط لهذه الأركان هى مكونات رئيسة لهذا العقد، وذكروا حقيقة النكاح، وبينوا المقدمات من حسن الاختيار والخطبة، والمكونات من الإيجاب والقبول من طرفى العقد والولى عند جمهور الفقهاء، وتسمية المهر – الصداق – والإشهاد، والمتممات من الإعلان والوليمة والزفاف، وكلها لها أسانيدها المعتمدة المعتبرة من نص شرعى محكم (آيات القرآن الكريم والسنة النبوية) وإجماع معتبر.

وفصّل الفقهاء خصائص عقد النكاح من التأييد واللزوم، كذلك آثار النكاح الصحيح من حقوق مشتركة بين الزوجين من المعاشرة بالمعروف، واستمتاع كل من الزوجين على الوجه المشروع، والإرث، وحرمة المصاهرة، وثبوت نسب الولد، وحقوق الزوج من طاعة الزوجة لزوجها فى حدود شرع الله – عز وجل -، وتسليم الزوجة نفسها إلى الزوج، وعدم إذن الزوجة فى بيت الزوجية إلا بإذن الزوج، وسفر الزوج بزوجته، وخدمتها لزوجها قدر الطاقة وبما جرى به العرف، وحسب مكانتها الاجتماعية، وتأديب الزوج لزوجته حال نشوزها، وحق الزواج فى الطلاق، وحقوق الزوجة من المهر والنفقة وإخدام الزوجة، والبيات عند الزوجة والقسم بين الزوجات وإعفاف الزوجة ووضحوا انتهاء النكاح الموت، الطلاق، الخلع، الإيلاء، اللعان، إعسار الزوج، غيبة الزوج، فوت الكفاءة، التحريم الطارئ بالرضاع، والعيب الذى يثبت الخيار. 

وذكر الفقهاء أنواعا من تصرفات ذات صلات وعلاقات من أنكحة منهى عنها مثل: الشغار والخدن والمتعة وبنية الطلاق والمؤقت والسر والمحلل والمحارم هذه الأمور مفصلة موثقة فى مصنفات تراثية وأبحاث معاصرة وتقنيات قانونية.

وهذه الأمور بمبادئها ومعالمها بمثابة مسلمات وثوابت وقطعيات ومعلوم من الدين بالضرورة، مستقرة مسلمات شرعية لا تقل قوة عن مسلمات عقلية فهى هكذا فى الماضى والحاضر والمستقبل، وفيها المجمع عليه والمتفق فيه، والراجح فى بعض مسائل فروعية خلافية لا تمس الأصول.

وفقه الزواج أو الأسرة شئون دينية إسلامية ترتبط بالعقيدة الإسلامية والأحكام العملية للمكلفين وفق النصوص الشرعية والقواعد الفقهية وليست شئونًا مدنية كما فى مجتمعات غير إسلامية، وفى النظم الإسلامية والسياسية الشرعية الأحوال الشخصية (فقه الأسرة والمواريث) لسلطات الدولة العلمية (الأزهر الشريف وما يماثله من مؤسسات إسلامية معتمدة كالإفتاء)، وتشريعية (المجلس النيابى) وتنفيذية (رئاسة الدولة ومن تفوضه)، وعليه لا يجوز لغير هذه السلطات الافتيات والتعدى عليها بحال من الأحوال من أفراد طبيعيين أو اعتباريين.

بناء على ذكر وما يماثله وما يشابهه وما يناظره فإن تجديفًا منكرًا ضد ما ذكر من آحاد الناس للإخلال العمدى بها لأهداف متنوعة، تعود سلبًا على ذاتية الأحكام المستقرة وعلى الأمن المجتمعى وعلى النظام العام فمن الاعتداءات المبتدعة المنكرة:

1) الدعوة إلى إلغاء الطلاق القولى (الشفهى) واستبداله بالتوثيق الكتابى الذى هو عمل إجرائى إدارى لا يرقى إلى إلغاء صيغة الطلاق القولية، الأصل فيه وفى غيره من العقود بأنواعها وأنماطها.

2) التزويج لما يسمى (زواج التجربة) وما فيه من اعتداء سافر على حقوق ثابتة مستقرة، مثل غل الزوج عن طلاق زوجته فى مدة محددة، إهدارًا لمفهوم الطلاق الفقهى: رفع قيد النكاح فى الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه.

وإهدارًا للنص النبوى المحمدى – صلى الله عليه وسلم – فى من له حق الطلاق وهو الزوج وهو ملك له وحده، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" – أخرجه ابن ماجه، والطلاق فى أصله مباح إباحة مطلقة عن أى قيد أو شرط.

3) ابتداع مقاسمة الزوجة لثروة زوجها! "استدراك على الشرع"!!.

4) الدعوة إلى حل تزوج المسلمة من غير مسلم، خلافًا لنصوص قرآنية منها: "لا هنّ حل لهم ولا هم يحلون لهنّ" إلى قوله سبحانه وتعالى "ولا تمسكوا بعصم الكوافر" – الآية 10 من سورة الممتحنة.

5) الدعوة إلى الانقلاب على آيات قرآنية المحددة لأنصبة المواريث والتى فيها "يوصيكم"، "وصية"، "وصية من الله"، "تلك حدود الله"، والتى ختمت بقول الله – عز وجل -: "تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين" – الآيتان 13، 14 من سورة النساء.

قال الله – عز وجل -: "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"، الآية 32 من سورة الحج.
وختامًا: 
أولًا: لما كان الدستور المصرى السارى فى مادته 2 (من الباب الأول، الدولة ينص: الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.

والمادة 65: حرية الفكر والرأى مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.

وينص فى المادة 51: الباب الثالث: الحقوق والحريات والواجبات العامة: الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها.

وينص فى المادة 60: الباب الثالث: الحقوق والحريات والواجبات العامة: لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة، يعاقب عليها القانون، ويحرم الاتجار بأعضائه.

والمادة 66: حرية البحث العلمى مكفولة، وتلتزم الدولة برعاية الباحثين.

والمادة 89: تحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار فى البشر، ويجرم القانون كل ذلك.

ثانيًا: الأخذ بتدابير زجرية عقائدية رادعة للمجترئى على الثوابت الشرعية، ومعتدين على سلطات ومؤسسات الدولة فى هذا المجال.