الثمانية.. دراما عربية مميزة بطعم هوليوودي
قرأت كثيرًا عن مسلسل الثمانية قبل عرضه على منصة شاهد، الأخبار من هنا وهناك تنبئ بأننا أمام عمل درامي مختلف، توفرت له أسباب التميز منذ لحظة البداية، فالأخبار المرسلة تقول إن المسلسل شارك به أكثر من 22 جنسية عربية وأجنبية، والتصوير تم في أكثر من بلد مصر وفرنسا والمغرب، وفريق العمل قوي وبه من الأسماء القوية مثل المخرج أحمد مدحت، والنجوم آسر ياسين وخالد الصاوي، حتى ضيوف الشرف أسماء كبيرة مثل غادة عادل ومحمد ممدوح، لكن بظني المفاجأة الأكبر لي خاصة بعد المشاهدة هي المؤلف تركي آل الشيخ.
كان لدي فضول حول رجل الدولة ذلك متعدد المواهب وهل سيفلح هذه المرة أيضا، كما نجح في كتابة الأغنية والرواية، فقد صدرت له العام الماضي رواية "تشيللو" وقد راقت لي جدا، لأنها كانت سريعة الأحداث وأخاذة عن ناصر الشاب عازف التشيللو الذي حرم من أبيه بالموت ويواجه تحديات كثيرة حتى يتحقق حلمه بأن يصير عازفا عالميا، لكن امتلاكه لآلة تشيللو أثرية قديمة تعود لعازف إيطالي يوقعه في كثير من المتاعب وتنقلب حياته وحياة عائلته وأصدقائه مما يتوجب عليه التخلص من تلك الآلة، لذلك كان لدي فضول في أول توقيعاته الدرامية لأرى بصمته.
واللافت كما في الرواية هنا في المسلسل هو جو التشويق والإثارة والدخول في الحبكة سريعا، فمنذ اللحظة الأولى في الثمانية أنت مشدود للأحداث فالضابط أدهم الذي يعمل في منظمة لمكافحة الجريمة تابعة للأمم المتحدة الذي يلعب دوره آسر ياسين يفقد حبيبته إثر حادث مدبر من منظمة إجرامية دولية تدعى الثمانية للتخلص من والدها (يلعب دوره الفنان خالد الصاوي) الذي خرج من المنظمة بعد أن عمل معهم لمدة 20 عاما حيث أمدهم بالسلاح، ولكن الحادث المدبر نتج عنه مأساة تخص الضابط أدهم ورجل المال والسلاح ناصر، فقد ناصر ابنته التي هي حبيبة أدهم، بينما ترقد أخت أدهم التي هي صديقة حبيبته في المستشفى بين الحياة والموت إثر الحادث المدبر، وبينما يسعى أدهم كضابط لكشف الجريمة يكشف له ناصر والد حبيبته السر وهو أن ما حدث " حدث لأجل الانتقام منه شخصيا" لأنه قرر الانسحاب من التعاون مع الثمانية ويشرح له كل شيء عن الثمانية ويطلب من أدهم أن يضعا أيديهما في يد بعض للانتقام للابنة والأخت.
يرفض أدهم في البداية لكنه يوافق حين يكتشف أن إجراءات العدالة ستكون بطيئة وستمنح المجرمين فرصة للهرب، ومن أجل ذلك يبدأ أدهم في إخفاء بعض المعلومات عن فريق عمله من الضباط محمود علاء ومحمود البزاوي، فهل تفلح خطة الانتقام وهل ناصر صادق في إدعاءاته، وهل من ماتت ليست ابنته أساسا كما سيظهر في الحلقة الثانية، أظن هناك مفاجآت كثيرة في الحلقات المتبقية حيث يتكون المسلسل من 11 حلقة، وتتميز نهاية كل حلقة بقفلة جذابة تجعلك تنتظر الحلقة التالية.
من الأشياء التي لفتت انتباهي بعد القصة المثيرة والمشوقة هو الأخراج المميز وإن كان لا داعي لإظهار ناصر وهو شاب فقد بدأ الأمر وكأنه استخدام فيس آب، كان يمكن استخدام ممثل صغير في السن مشابه لخالد الصاوي، أما بقية العناصر الإخراجية فكانت جيدة وخاصة في مسألة توظيف الممثلين ومشاهد الحركة "الأكشن" كانت رائعة، واختيار أماكن التصوير وخاصة مشاهد باريس والقاهرة، ومدير التصوير كان موفقا للغاية، وكذلك الموسيقى خلقت حالة شعورية موترة وإن كانت صاخبة أكثر من اللازم في بعض اللحظات.
آسر ياسين وخالد الصاوي في افضل حالاتهما، الإيقاع السريع اللاهث جيد جدًا ويدخلك في أجواء الدراما فقط كنت أتمنى أن تكون هناك فرصة لتقوية علاقة الحب بين الضابط أدهم وحبيبته، حتى نشعر كمشاهدين بمرارة الفقد، ونشعر بضرورة خوض رحلة الانتقام.
عمل مميز جدًا ومشرف للدراما العربية ويسير بخطى واثقة ناحية الدراما العالمية والهوليوودية وخاصة في منطقة الإثارة والحركة والتشويق في انتظار ما سوف تسفر عنه الحلقات المقبلة، غير أنه كما يقولون: الجواب باين من عنوانه، وعنوانه هو الإجادة.