قراءة للكاتبة سميحة المناسترلي في كتاب «المتلاعبون بالعقول».. الجزء الأول
صدر كتاب «Mind Managers» المتلاعبون بالعقول للكاتب الأمريكي هربرت شيللر «Herbert Schiller» عام 1973، ترجمه للعربية عبد السلام رضوان ونشره من خلال عالم المعرفة، بعدد 243 في الكويت عام 1999.
ويرجع سبب تناول القراءة في هذا الكتاب اليوم، بعد مرور عقود على إصداره هو أنه يتضمن أساسيات وركائز استراتيجية الإعلام الأمريكي داخل أمريكا وخارجها، وطبق على الشعب الأمريكي أولًا، قبل أن يتسلل ويزحف خارجها، كشبكة عنكبوتية، تعيش على اقتناص العقول، وتغييبها لحصد منافع وخيرات العالم بمنهج سلس ظاهره متفتح لكنه يقوم بالتوجيه (دون إجبار)..!!.
في رأيي المتواضع أن هذه الاستراتيجية قد بدأت بالتفعيل على أرض الواقع قبل صدور هذا الكتاب بعقود، وكان الهدف الأصيل هو السيطرة على مقدرات العالم، ولتحقيق هذا الهدف يلزم أولًا السيطرة الاقتصادية، وهي الطريق للسيطرة السياسية والهيمنة السلطاوية، ثم يأتي الدور الفعال للهيمنة الإعلامية التي هي القناة الأكثر أهمية وخطورة، فهي الطريق لكسب الأموال التي تسهم في التوسع لغزو العقول والتحكم فيها (برغبتها وكامل إرادتها)، وكانت الخطوة الأهم على الإطلاق، والتي نُفذت وانطلقت في ستينيات القرن الماضي، هو التعاون بين وزارة الدفاع الأمريكية والجامعات وانطلاق «الإنترنت» الذي بدأ بخصوصية شديدة بين الطرفين، إلى أن أصبح اليوم بين يدي العًالِم والباحث، المثقف والأمي البسيط بلا رقابة أو تحكم سوى من خلال المصدر الرئيسي لحكومة الدولة المصنعة لهذه التقنية..!! ما يخدم الهدف الأصيل، الذي من أجله خلقت هذه التقنيات المختلفة (هذا ما أكد عليه د. شيللر تمامًا) من خلال الكتاب.
تضمن الكتاب ثماني فصول وهم: «التضليل الإعلامي والوعي المعلب، صناعة المعرفة: العنصر الحكومي، العنصر العسكري والصناعي، الترفيه والتسلية: تعزيز الوضع الراهن، صناعة استطلاع الرأي: قياس الرأي وتصنيعه، توجيه العقول ينتقل إلى ما وراء البحار، توجيه العقول في بعد جديد: من قانون السوق إلى السيطرة السياسية المباشرة، التكنولوجيا الإعلامية».
ونرى من عناوين الفصول أن هذا الكتاب يثبت فاعليته كمرجع أصيل لمعطيات ومتغيرات العصر حتى هذه اللحظة، كاشفًا من خلال قلم كاتبه الأمريكي الجنسية أن الشعب الأمريكي هو أول ضحايا الاستراتيجية الإعلامية العالمية، والجزء الثاني من القراءة سيتضمن فحوي الخطة العالمية لاستخدام الإعلام لتسيس العقول وتضليلها وتطويعها بشتى السُبُل.
ويأتي في مقدمة الإصدار: امتلاك وسائل الإعلام والسيطرة عليها، شأنه كشأن الملكية المتاح لمن يملكون رأس المال، والنتيجة الحتمية لذلك هي أن تصبح محطات الإذاعة وشبكات التليفزيون والصحف والمجلات، وصناعة السينما ودور النشر مملوكة جميعًا لمجموعة من المؤسسات المشتركة والتكتلات الإعلامية، وهكذا يصبح الجهاز الإعلامي جاهزًا تمامًا للاضطلاع بدور فعال وحاسم في عملية التضليل.