رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


كنوز «دار الهلال».. «مجلة المصور» و«فارس نبيل» أنقذا مريم فخر الدين من الصمم

20-6-2022 | 19:03


الفنانة مريم فخر الدين

خليل زيدان

كان ومازال دور الصحافة عظيما، فهي تسعى دائما لطرح القضايا لإيجاد حلول لها، وربما خبر بسيط أو تحقيق تنشره الصحافة عن شخص أو مشكلة فيهرع الجميع لنجدته أو حل مشكلته، وحدث ذلك بالفعل عندما أصيبت الفنانة مريم فخر الدين بفقد السمع في إحدى أذنيها، ولم تكن تعتقد أبدا أن نعمة السمع ستعود إليها، وسارعت مجلة المصوّر العريقة بنشر مأساة مريم فخر الدين أول يونيه عام 1961، وقرأ فارس نبيل ما نشرته المصوّر فسارع لنجدة مريم ليبدد مأساتها بأمواله ثم اختفي.

ونستعرض تفاصيل هذه القصة في السطور التالية كما جاء في عدد الكواكب الصادر في مثل هذا اليوم منذ 61 عاما.

تحت عنوان "كادت مريم تقع في غرام الطبيب المداوي"، نُشر ذلك التحقيق بمجلة الكواكب في عدد 20 يونيه 1961، وجاء في مقدمته أن مريم فخر الدين لم تكن تؤمن بأن نعمة السمع ستعود إليها، ولم تعتقد أن الشفاء يحمله لها هذا المتحدث الذي أغلقت التليفون في وجهه أكثر من مرة.

ففي صباح أحد الأيام يرن جرس التليفون بإلحاح في منزل مريم.. فرفعت السماعة وردت:

ــ آلو ..

ــ مدام مريم موجودة

ــ مين عاوزها

ــ "فلان الفلاني".. "وذكر المتحدث اسمه وهو شخصية محترمة جدا"

ــ لا يا أفندم.. مش موجودة.. خرجت

ــ طيب أقدر ألاقيها فين والله.. المسألة مهمة جدا

ــ تقدر تسأل عليها في النمرة دي.. "وأعطته نمرة محمود ذو الفقار"

استمر المتحدث يطلب مريم في تليفونها وتليفون محمود ذو الفقار الذي انهال عليه بالشتائم اعتقادا منه أنه مجرد معاكس مشاغب، وفي كل مرة كان المتحدث يترك اسمه، وفي اليوم الرابع ردت عليه مريم لتستفسر عن طلبه وسر إلحاحه للحديث معها شخصيا، فقال لها المتحدث النبيل: «أنا يا مدام قرأت مجلة المصوّر وعرفت مأساة أذنك، وكنت في ألمانيا منذ أسابيع، ومن هناك دعوت أحد الأطباء المتخصصين في علاج الأذن، وهو صديق لي للحضور إلى القاهرة لإجراء عملية في أذن أختي المصابة بالصمم، والطبيب ألماني، وهو موجود الآن في الأسكندرية ومستعد للكشف عليك»، ودار الحوار التالي: 

ــ يا سيدي أنا متشكرة قوي على شعورك النبيل ده.. إنما أنا شايفة إن مفيش فايدة.. السنة اللي فاتت عملت عملية على يد طبيب عالمي أيضا ولم تنجح .

ــ بلاش يأس يا مدام.. ومحدش عارف الخير جاي منين .. ولن تخسري كثيرا لو عرضت نفسك على هذا الطبيب.

ــ  وكم تتكلف العملية

ــ 120 جنيه

ــ لكن أنا لست مستعدة في الوقت الحالي ماديا

ــ حجزت لك موعدا.. وما عليك فقط إلا الحضور

وسافرت مريم إلى الأسكندرية وقالت لمحرر الكواكب أنها ارتاحت للطبيب من أول نظرة، وشعرت أن الشفاء سيكون علي يديه، وأشفقت على نفسها أن تقع في حب الطبيب الذي أعاد إليها صورة فتى أحلامها الذي كانت تتمناه، وتحمد الله أن الطبيب لم يمكث في مصر طويلا، وإلا كانت ستقع في حبه.

واستطاع الطبيب الشاب الذي أبهره جمال مريم ورقتها أن يضع يده على موطن الداء، فأجرى لها العملية الجراحية، واستأصل "شاكوش" من الأذن المصابة وقام بتركيب "شاكوش" بالاستيك وأوصله بمركز السمع، وكانت هذه العملية خطيرة جدا، والجدير بالذكر أنها من ابتكار هذا الطبيب الأشقر، فحدثت المعجزة وعادت نعمة السمع إلى أذن مريم.

قامت مريم من فراشها وقبلت الممرضات والصديقات، ولولا الخجل لقبلت الطبيب الألماني على براعته، واتصلت بوالدتها في القاهرة تطمئنها على نجاح العملية، وسألها محرر الكواكب عن أول كلمة سمعتها فقالت : لقد قلت "يارب" وسمعتها بوضوح.

أما المتحدث الذي رفضت مريم أن تكلمه في أول الأمر فهو في غاية السعادة لأنه استطاع أن يساهم في إعادة السمع لمريم، والعجيب في الأمر أن هذا الفارس النبيل هو الذي دفع أجر العملية للطبيب، وكان يرسل كل يوم باقة من الزهور إلى مريم تحمل إليها أطيب تمنياته ودعواته لها بالشفاء، كما اعتبر نفسه مسئولا عن كل مطالبها أثناء وجودها بالأسكندرية، فكان يرسل إليها الطعام والفاكهة وكل ما يلزمها .. ولم يذهب الرجل لزيارتها إلى مرة واحدة فقد، يوم أن تمت العملية بنجاح .. ومن يومها لم يتصل بها أو يحاول مقابلتها، خوفا من أن يساء فهم ما فعل، وحتى لا تعتقد مريم أنه يطاردها ويطلب صداقتها ثمنا لما قدم، واختفى الفارس النبيل، وقدمت الكواكب التهنئة لمريم وأكدت أن الخير مازال يعمر القلوب.