أكدت مصر والاتحاد الأوروبي الأهمية الكبيرة التي يولونها لعلاقتهما، وعلى الطبيعة الاستراتيجية والإمكانات التي تنطوي عليها الشراكة بينهما.
جاء ذلك في بيان صحفي مشترك وزعته وزارة الخارجية اليوم للاجتماع التاسع لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي، والذى عقد بلوكسمبورج.
وذكر البيان المشترك أن الاجتماع أكد قوة وتعدد أوجه الشراكة بين الجانبين.
وأشار البيان المشترك إلى أن مجلس المشاركة أقر أولويات المشاركة الجديدة والتي ستوجه العلاقات حتى عام 2027، بما يتوافق مع أجندة الاتحاد الأوروبي الجديدة لمنطقة المتوسط وخطتها الاقتصادية والاستثمارية وإستراتيجية مصر للتنمية المستدامة "رؤية 2030".
وسيقوم الاتحاد الأوروبي ومصر، مسترشدين في ذلك بأولويات المشاركة، بمزيد من التعميق للحوار والتعاون بينهما حول الأولويات الثلاث الأشمل: اقتصاد حديث مستدام والتنمية الاجتماعية؛ الشراكة في السياسة الخارجية؛ و تعزيز الاستقرار.
ووفقا للبيان المشترك، أبلغ الاتحاد الأوروبي بالموافقة كذلك على البرنامج الإرشادي متعدد السنوات ٢٠٢١-٢٠٢٧. وسوف تتم إتاحة الشريحة الأولى تحت مظلة البرنامج بقيمة 240 مليون يورو خلال الفترة ٢٠٢١-٢٠٢٤ لدعم مصر في مجالات التنمية الخضراء والمستدامة؛ التنمية البشرية؛ المرونة الاقتصادية وبناء الرخاء من خلال التحول الأخضر والرقمي؛ والتماسك الاجتماعي؛ ودولة حديثة وديمقراطية وفقاً للأولويات المحددة بأولويات المشاركة، وسوف يمكن ذلك مصر والاتحاد الأوروبي من التعاون بشكل وثيق حول التعافي الاقتصادي والاجتماعي المستدام بعيد المدى والإسراع من الانتقال نحو الاقتصاد الدائري والأخضر.
ويدعم البرنامج الإرشادي متعدد السنوات أيضاً تطبيق المبادرات الرائدة لخطة الاقتصاد والاستثمار للأجندة الجديدة للمتوسط.
وأشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي ومصر يعدان شريكين تجاريين هامين؛ حيث سيعمل الجانبان سوياً من أجل تعزيز العلاقات التجارية الثنائية، والاستثمارات، والمزيد من انخراط مصر في سلاسل الإمداد الإقليمية والعالمية.
كما سيعمل الاتحاد الأوروبي ومصر سوياً على تعزيز تنافسية الاقتصاد ودعم تنمية القطاع الخاص في المناطق الحضرية والريفية. وسوف يتم التركيز بشكل خاص على تعزيز تمكين المرأة ودور المرأة والشباب في المجتمع والاقتصاد.
وسيتم كذلك تعزيز فرص العمل من خلال الدعم المستمر لنظام التعليم وسيركز التعاون - أيضا - على تحسين إيصال الخدمات الصحية الأساسية من خلال تحديث أنظمة الرعاية الصحية.
وأعاد الجانبان التأكيد على التزامهما بالعمل سوياً حول التخفيف والتكيُف مع تغير المناخ بما في ذلك الإدارة المستدامة للموارد، مع التركيز بشكل خاص على إدارة المياه، وتطوير الزراعة المستدامة، وتوسيع شبكات المواصلات العامة.
وسوف يكون تنويع مصادر الطاقة والتحول نحو الطاقة الخضراء، بما يشمل التوسع في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بمثابة عنصراً رئيسياً ضمن تلك الجهود.
وأشار الجانبان - كذلك - إلى اعتزامهما العمل على المجالات الحيوية مثل الحفاظ على التنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والحد من مخاطر الكوارث. وأشار الاتحاد الأوروبي إلى دعمه لعمل الرئاسة المصرية لمؤتمر COP27 لضمان نجاح المؤتمر بما في ذلك نتائجه التي ستحقق طموح عالمي أكبر.
كما أكد الاتحاد الأوروبي ومصر أهمية التعاون في البحث والابتكار في قطاعات على غرار الطاقة، والمياه، والأغذية الزراعية، والصحة، فضلاً عن تعزيز التكنولوجيا الرقمية.
وذكر البيان المشترك أن الاتحاد الأوروبي ومصر يظلان ملتزمين بدعم الديمقراطية، والحريات الأساسية وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص بصفتها حقوقاً دستورية لجميع مواطنيهما، بما يتوافق مع التزاماتهما الدولية.
وفي هذا الصدد، اتفق الجانبان على تعميق حوارهما السياسي حول حقوق الإنسان.
كما اتفق الاتحاد الأوروبي ومصر على أن المجتمع المدني والقطاع الخاص يعدان مساهمين هاميّن وفعاليّن لتنفيذ أولويات المشاركة، وقادريّن على دعم عملية التنمية المستدامة الجارية في مصر.
وتُمثل مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب هدفاً مشتركاُ لكل من الاتحاد الأوروبي ومصر منصوص عليه في أولويات المشاركة. ورحب الجانبان برئاستهما المشتركة المقبلة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب بدءً من مارس ٢٠٢٣، وأعادا التأكيد على التزامهما بمعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وذلك من أجل مكافحة ومنع التشدد بنجاح وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويظل الاتحاد الأوروبي ومصر ملتزمان بالتعاون في محاربة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب وأي شكل من أشكال التفرقة، بما في ذلك الإسلاموفوبيا والعنصرية وكراهية الأجانب.
كما أكد الاتحاد الأوروبي ومصر أهمية تبني مقاربة شاملة لحوكمة الهجرة والتي تنطوي على خلق مسارات للهجرة النظامية، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، ومكافحة تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر، وضمان العودة الكريمة والمستدامة وإعادة الإدماج. ويلتزم الاتحاد الأوروبي ومصر بحماية حقوق المهاجرين واللاجئين.
وحول المسائل الإقليمية والدولية، أكد الاتحاد الأوروبي ومصر أن السلام والأمن ونظام متعدد الأطراف يستند للقواعد إنما تقع في قلب الشراكة الممتدة بينهما. وإذ يشيران إلى قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة ES-11 /1 و2 ES-11، حول أوكرانيا، والذي صوت الجانبان بتأييدهما، فإنهما يعيدان التأكيد على مبادئهما المشتركة المتسقة مع ميثاق الأمم المتحدة حول احترام القانون الدولي، وسلامة الأراضي والسيادة الوطنية، والحاجة إلى الامتناع عن استخدام القوة، واحترام القانون الدولي الإنساني، وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، كأسس للتعاون الدولي.
وأدان الجانبان، جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني ومخالفات وانتهاكات حقوق الإنسان في مناطق النزاعات، وطالبا بالاحترام الصارم للقانون الدولي الإنساني.
وأعرب الاتحاد الأوروبي ومصر عن القلق حيال تأثير الحرب على زيادة انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، وكذلك على سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع أسعار الطاقة والسلع. وسيدعم الاتحاد الأوروبي جهود مصر لتحسين إنتاج الحبوب ومنشآت التخزين بمبلغ ١٠٠ مليون يورو من خلال مرفق الغذاء والصمود الإقليمي، وذلك لتقديم مساعدة جزئية لمواجهة تبعات ارتفاع أسعار الغذاء والسلع.
وفي ظل التوجه الاستراتيجي للشراكة، فإن الاتحاد الأوروبي ومصر ملتزمان بتعزيز التعاون في السياسة الخارجية على المستويات الثنائية والإقليمية والمنظمات الدولية، وخاصة في الأمم المتحدة والمحافل متعددة الأطراف، بما في ذلك الاتحاد من أجل المتوسط، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي.
وفي هذا الإطار، تبادل الاتحاد الأوروبي ومصر وجهات النظر حول عملية السلام في الشرق الأوسط، وليبيا، وسوريا، والقرن الإفريقي، وسد النهضة الإثيوبي ضمن أمور أخرى.
ووفقا للبيان، يعترف الاتحاد الأوروبي بالدور المحوري الذي تلعبه مصر لدعم السلام والأمن في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وأكد الاتحاد الأوروبي ومصر - مجددا - أن السبيل الوحيد لحل عادل ومستدام وشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو حل الدولتين الذي ينهي الاحتلال ويؤدي إلى تأسيس دولة فلسطينية مستقلة متصلة ذات سيادة وقابلة للحياة وفقاً لحدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل في سلام، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
وحذر الجانبان من الخطر الكامن في غياب الأفق السياسي لإنهاء الصراع، وأكدا على ضرورة إعادة إطلاق مفاوضات جادة ومجدية لتحقيق حل الدولتين واستعادة الثقة في عملية السلام بالشرق الأوسط.
وأدانا بناء المستوطنات والتوسع فيها، ومصادرة الأراضي، وطرد للفلسطينيين بالقوة من منازلهم، بصفتها إجراءات غير مشروعة وفقاً للقانون الدولي تقوض قابلية حول الدولتين وفرص السلام.
وفي سياق آخر، رحب الاتحاد الأوروبي - أيضاً - بالجهود التي بذلتها مصر لتصبح مركزاً للطاقة في المنطقة مع التركيز على الطاقة المتجددة، والتعاون الجاري في إطار منتدى غاز شرق المتوسط، وتنفيذ مشروعات للطاقة تعود بالنفع على الطرفين بما يشمل مشروعات الربط بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وفي ضوء أهمية النيل كمصدر وحيد للموارد المائية والحياة في مصر في إطار الندرة المائية الفريدة بها، رحب الاتحاد الأوروبي ومصر بالبيان الرئاسي لمجلس الأمن حول سد النهضة الإثيوبي الصادر في 15 سبتمبر 2021، حول التوصل لاتفاق مقبول لدى كافة الأطراف وملزم حول ملء وعملية تشغيل السد.
ويعد التوصل لهذا الاتفاق في أسرع وقت ممكن بمثابة أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي ومصر من أجل حماية أمن مصر المائي ودعم السلام والاستقرار في المنطقة ككل.
وأشار البيان المشترك إلى أن الاتحاد الأوروبي يظل مستعداً لدعم المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي وممارسة دور أكثر نشاطاً، في حال كون هذا الدور مفيداً ومرغوباً فيه من جانب جميع الأطراف، عبر إتاحة خبرة الاتحاد الأوروبي الثرية في إدارة الموارد المائية المشتركة بما يتوافق مع القانون الدولي. فمن خلال الإرادة السياسية ودعم المجتمع الدولي يمكن تحويل هذا النزاع إلى فرصة لكثير من الأشخاص. إن ملايين الأشخاص المقيمين بحوض النيل سوف يستفيدون من اتفاق حول سد النهضة الإثيوبي، حيث سيخلق الاتفاق القدرة على التنبوء، ويفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية في الطاقة والأمن الغذائي والأمن المائي.
ترأس الاجتماع كل من "جوزيب بوريل" الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشئون السياسية والسياسة الأمنية نائب رئيس المفوضية، وسامح شكري وزير الخارجية المصري، بحضور "أوليفير فارهيلي" المفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، وكذ وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي التاليين: "يوانيس كاسوليديس" وزير خارجية قبرص، و"نيكوس ديندياس" وزير خارجية اليونان، و"جريجوري جيتما" سكرتير الدولة الروماني لشئون أوروبا .