رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي والممارسة الإعلامية (2)

26-6-2022 | 16:55


د. شريف درويش اللبان

د. شريف درويش اللبان

تتمثل مشكلة الدراسة المهمة التي أجرتها د. هويدا محمد السيد عزوز، مدرس الصحافة المطبوعة والإلكترونية بكلية الإعلام جامعة المنوفية، في رصد وتحليل الوضع الحالي للممارسة الإعلامية لمواقع التواصل الاجتماعي، وتحديد أهم العوامل والمتغيرات المؤثرة في صناعتها، والمؤثرة في إحداث التطور والتغيير علي صفحات هذه الشبكات، وكذلك رصد أهم المشكلات والتحديات التي تواجهها شبكات التواصل الاجتماعي في مصر في الوقت الراهن، تمهيدًا لاستشراف مستقبلها خلال الفترة من 2020 حتى 2030، والتعرف علي الاحتمالات التي تطرحها معطيات الواقع لمستقبلها - إلى أين تسير شبكات التواصل الاجتماعي في مصر - بما يمكّن من وضع السيناريوهات المستقبلية الممكنة أو المحتملة  لظاهرة شبكات التواصل الاجتماعي من خلال آراء مجموعة من الخبراء في هذا المجال. 

تنتمي هذه الدراسة إلي نمط الدراسات المستقبلية، ويُعرف علم المستقبل بأنه تخصص علمي جديد يحاول به الباحث تكوين صورة مستقبلية متنوعة محتملة الحدوث،  ولإجراء هذه الدراسة وظفت الباحثة أسلوب "دلفي" بهدف استطلاع آراء الخبراء و المتخصصين في الإشكالية موضوع الدراسة، حيث يعتمد هذا الأسلوب علي جولات متعاقبة من الاستقصاءات مع مجموعة من الخبراء و المتخصصين في موضوع ما بقصد الوصول إلى الإجماع في النهاية حول هذا الموضوع، ويُجمع الباحثون على أن أسلوب "دلفي" يشتمل على عملية البحث والاتصال. وقد استفادت الباحثة من هذا الأسلوب في التعرف على آراء مجموعة من الخبراء حول مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية في مصر. وفي الدراسة الحالية، اعتمدت الباحثة على التقييم المقترح للسيناريوهات الاستطلاعية، و الذي استخدمته العديد من الدراسات المستقبلية العربية في مختلف المجالات.

وتم تحديد حجم العينة لتكون (150) خبيرًا، و يرجع ذلك إلى صعوبة الوصول إلى الخبراء ودراستهم بالنظر إلى أعمالهم ووظائفهم، و لهذا اعتمدت الدراسة على عينة عمدية من الخبراء، وذلك وفقًا لطبيعة الدراسة، لأنها تتعلق بنوعية عمدية  من الخبراء، لأنها تتعلق بنوعية معينة من النخبة الذين تتوافر لديها الخبرة الكافية في التعامل مع الظاهرة المدروسة، بما يُمَكّنها من تكوين رؤى وتصورات مستقبلية حول مستقبل هذه الظاهرة. وتشمل عينة الخبراء الإعلاميين المتخصصين والأكاديميين من أساتذة الصحافة وتكنولوجيا الاتصال والتقنيين العاملين في مجال شبكات التواصل الاجتماعي.


مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية في مصر خلال العقد القادم:


توصلت الباحثة من تحليل نتائج الدراسة الميدانية لاستمارة "دلفي" للخبراء إلي ثلاثة سيناريوهات استطلاعية محتملة لمستقبل شبكات التواصل الاجتماعي. 
ويجب أن يحتوي السيناريو على مجموعة من المكونات الأساسية ليتم بناؤه بطريقة علمية منهجية تتمثل في الافتراضات الأساسية لكل سيناريو وفترة تشغيل السيناريو وتحديد الوضع الابتدائي لكل سيناريو مفتوح من خلال تحديد مجموعة من الشروط الأولية لبدء التشغيل ويجب تحديدها بشكل دقيق. 


1- السيناريو المرجعي أو سيناريو الثبات:


الافتراضات الأساسية لكل سيناريو (الوضع الابتدائي): 


يفترض هذا السيناريو ثبات مجموعة العوامل والمتغيرات المرتبطة بتأثير شبكات التواصل الاجتماعي على مستقبل الممارسة الإعلامية في مصر في ظل منافسة وسائل الإعلام التقليدية والجديدة والتحديات التي تواجه تطور استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية. 


الوقائع: 


تتمثل في مجموعة من العوامل المجتمعية المؤثرة على مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية في ظل منافسة الوسائل الإعلام التقليدية. 
المتغيرات الاقتصادية: 


بالنسبة للأوضاع الاقتصادية الخاصة بصفحات المؤسسات على شبكات التواصل الاجتماعي والصفحات الإعلامية على اختلاف أنماط ملكيتها، فيتوقع السيناريو الحالي أنه لن يحدث ثمة متغيرات جوهرية تمس لوضع الاقتصادي لتلك الصفحات، وذلك من حيث إدراك الحكومات لأهمية وضرورة وجود صفحات لمؤسسات الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، يتم توظيفه بشكل جيد في الصحافة المصرية. 


المتغيرات السياسية : 


تناول استطلاع الخبراء في إطار المتغير السياسي عددًا من الأسئلة الخاصة بالتعرف على المسارات الممكنة والمحتملة لظاهرة شبكات التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية.


نمط الملكية:  


يفترض سيناريو الثبات في هذا الإطار بقاء أنماط الملكية على ما هى عليه الآن خلال العقد القادم، ولكن تأتي التوقعات بزيادة أعداد صفحات المؤسسات الإعلامية و المواقع الإليكترونية وأيضًا الصفحات الإعلامية المملوكة لأفراد غير تابعة لمؤسسات إعلامية، وانخفاض إصدار الصحف الورقية، في هذه الحالة ، سيتم تغيير النظر لتلك الصفحات الخاصة بالمؤسسات الإعلامية أو الصفحات الإعلامية التابعة لأشخاص بمزيد من الاهتمام والتفكير في إصدار مزيد من الصفحات الإعلامية علي مواقع التواصل الاجتماعي. 


المتغيرات التكنولوجية: 


تستمر المؤسسات الإعلامية في إصدار صفحات لها علي مواقع التواصل الاجتماعي، كما يستمر الأشخاص في إصدار صفحات إعلامية بدون مؤسسات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتزايد قوة الشبكات الاجتماعية ومنافستها الدائمة لوسائل الإعلام التقليدية التي لا تستطيع مواكبة ما تقدمه. 


القوى الفاعلة في هذا السيناريو: 


تتنوع القوي الفاعلة في هذا السيناريو، ويأتي في مقدمتها النظام السياسي وعلاقته و تأثيره على تنظيم العمل الصحفي، كما تلعب الأوضاع الاقتصادية دورًا مهمًا في السيناريو من حيث موارد هذه الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء من الإعلانات أو بيع المحتوي بالإضافة إلي دور الأوضاع التكنولوجية وما فرضته دور مواقع التواصل الاجتماعي من منافسة شديدة مع وسائل الإعلام التقليدية (فضائيات – صحف – إذاعة)، وتزايد دور مواقع التواصل الاجتماعي تدريجيا يومًا بعد يوم. 


المسار أو المسارات المستقبلية: 


هى المسارات التي يمكن أن تؤدي إلى الوضع المستقبلي، و هى المسارات التي يمكن أن تحدث في ظل ثبات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية في صفحات المؤسسات الإعلامية والصفحات الإعلامية المملوكة لأشخاص في الممارسة الإعلامية. 

ثانيًا: سيناريو الإبداع أو السيناريو التفاؤلي: 


الافتراضات الأساسية لكل سيناريو (الوضع الابتدائي): 


يفترض هذا السيناريو حدوث تطور وازدهار في دور مواقع التواصل الاجتماعي، وازدهار في دور مواقع التواصل الاجتماعي، و ذلك في ظل حدوث مجموعة من التغييرات ذات التأثير الإيجابي لمواقع التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية، سواء أكانت هذه التغييرات ذات تأثير إيجابي لمواقع التواصل الاجتماعي، أو مرتبطة بالظاهرة نفسها، أو المتعلقة بإيجاد حلول للمشكلات والتحديات التي تواجهها مواقع التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية، وذلك على النحو التالي: 


المتغيرات الاقتصادية: 


يري غالبية الخبراء أنه من المحتمل حدوث تغييرات في الأوضاع الاقتصادية بشكل يؤثر على أوضاع شبكات التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية، حيث اتفق الخبراء على تحسن  الأوضاع الاقتصادية المستقبلية، حيث سيزيد اعتماد مواقع التواصل الاجتماعي في المستقبل علي النموذج التجاري القائم علي الدفع مقابل المحتوي ، وبالتالي سيزيد حجم الاستثمارات والتمويل لهذه الشبكات، وهو ما سيؤثر إيجابًا على أساليب الممارسة الإعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي.
المتغيرات السياسية: 


إمكانية حدوث تغييرات في الأوضاع السياسية بشكل إيجابي يؤثر على أساليب الممارسة الإعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن أهم تلك التأثيرات الإيجابية للأوضاع السياسية علي أساليب الممارسة الإعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي ومنها: 


-اتساع مساحات وهوامش حرية الرأي والتعبير.


-السماح للمؤسسات الإعلامية وصفحاتها على مواقع التواصل بالحصول علي المعلومات وتداولها.  


-زيادة التوجه نحو إنشاء المؤسسات الإعلامية علي مواقع التواصل الاجتماعي. 


المتغيرات التكنولوجية: 


ستظل التطورات التكنولوجية المختلفة، و ما يتعلق بها من زيادة في أعداد مستخدمي الإنترنت من أهم العوامل المؤثرة علي مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي في الممارسة الإعلامية، ويتوقع الخبراء زيادة أعداد مستخدمي صفحات المؤسسات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الإعلامية المملوكة لأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل التطورات التكنولوجية المتلاحقة، وقد أشار الخبراء إلى ضرورة اهتمام صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمواكبة هذه التطورات والاستفادة منها وتوظيفها من أجل زيادة العائدات التي تحققها هذه الصفحات. 


نمط الملكية: 


يفترض السيناريو الإبداعي أو التفاؤلي تطور نمط الملكية خلال العقد القادم، وتأتي التوقعات بازدياد عدد مستخدمي صفحات المؤسسات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنشاء تطبيقات للمؤسسات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتدعيم ظاهرة صحافة المواطن، بالإضافة إلى التوقع بازدياد الصراع بين المؤسسات الإعلامية التقليدية وبين صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لصالح صفحات المؤسسات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي. 


القوي الفاعلة لهذا السيناريو: 


تتنوع القوي الفاعلة في إطار هذا السيناريو، ويأتي في  مقدمتها الأوضاع السياسية وتطورها نحو مزيدٍ من الديمقراطية وضمان الحريات، وهو ما يوفر  فرصًا إيجابية، يلي ذلك النظام الاقتصادي والذي من المتوقع أن يضمن تطورًا إيجابيًا يتيح عدالة في توزيع الدخول والأجور، كما أن التطورات التكنولوجية الحديثة تقوم بدور مؤثر في مستقبل الممارسة الإعلامية بشبكات التواصل الاجتماعي. 


المسار أو المسارات المستقبلية: 


والتي من الممكن أن تؤدي إلي حدوث تطور إيجابي في مستقبل الممارسة الإعلامية بشبكات التواصل الاجتماعي، و ذلك بتأثير التغيير في مجموعة من العوامل التي يمكن الإشارة إليها.

ثالثًا: السيناريو التشاؤمي: 


يفترض هذا السيناريو تدهورًا في وضع الممارسة الإعلامية بشبكات التواصل الاجتماعي في ظل عدم اهتمام المؤسسات الإعلامية والأشخاص بالصفحات الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، و يتكون الوضع الابتدائي للسيناريو من مجموعة الوقائع والقوي الفاعلة، وذلك على النحو التالي:  


الأوضاع السياسية: 


تغيير سلبي في الأوضاع السياسية، حيث أن أهم التأثيرات السلبية للأوضاع السياسية على مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي فرض مزيد من قيود إدارية و بيروقراطية علي إصدار المؤسسات الإعلامية، فرض مزيد من القيود وتضييق هامش الحرية المسموح به والمؤسسات الإعلامية، إصدار قانون يقضي بضرورة  الحصول على ترخيص واتباع عدة شروط لإصدار صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، تراجع إنشاء صفحات للمؤسسات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، زيادة التضييق الأمني والإداري علي إنشاء صفحات المؤسسات الإعلامية علىمواقع التواصل الاجتماعي. 


الأوضاع الاقتصادية: 
يفترض هذا السيناريو تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر، الذي ينعكس بدوره علي الأداء المهني للمؤسسات الإعلامية وصفحاتها علي شبكات التواصل الاجتماعي، و من أهم ملامح التأثيرات السلبية للأوضاع الاقتصادية على مستقبل الممارسة الإعلامية بشبكات التواصل الاجتماعي ضعف المضمون المُقَدَّم على صفحات المؤسسات الإعلامية، مما يؤدي إلي تراجعها، وبالتالي سينخفض عدد المستخدمين لها، و بالتالي سيقل حجم إقبال المعلنين عليها، وبالتالي تظل المشكلة الأساسية في التمويل وتظل هذه العقبة تمنعها من التطور أو تحقيق تأثيرات إيجابية ملموسة، وبالتالي سيؤثر ذلك سلبًا على مستقبل الممارسة الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي.

 

الأوضاع التكنولوجية: 
يتضمن هذا السيناريو تطوراتٍ سلبية، لن تتيح فرصًا للتطور التكنولوجي لمواقع التواصل الاجتماعي، وستتوقف عددٌ من الصحف والمؤسسات الإعلامية عن تدشين صفحات علي مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي عدم نشر محتواها الإخباري على هذه النوعية من المواقع.


نمط الملكية: 


يفترض السيناريو التشاؤمي فيما يخص نمط الملكية في العقد القادم ، تراجع إنشاء صفحات للمؤسسات الإعلامية، و أيضًا زيادة الإقبال والتوجه نحو المؤسسات الإعلامية التقليدية، وأيضًا يتوقع المبحوثون حدوث الاندماج بين وسائل الإعلام التقليدية والتطورات التكنولوجية وعدم اختفاء الوسائل الإعلامية التقليدية أو تدهورها.   


القوي الفاعلة في السيناريو: 


تتنوع القوى الفاعلة في إطار هذا السيناريو التشاؤمي، ويأتي في مقدمتها الأوضاع السياسية من حيث فرض مزيدٍ من القيود الإدارية و البيروقراطية على إصدار المؤسسات الإعلامية، وفرض مزيد من القيود وتضييق هامش الحرية المسموح به والمؤسسات الإعلامية، ويليها الأوضاع الاقتصادية من حيث انخفاض أعداد المستخدمين لصفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي سيقل حجم إقبال المعلنين عليها، وتظل المشكلة الأساسية في التمويل كعقبة كؤود تمنعها من التطور أو تحقيق تأثيرات إيجابية ملموسة، وبالتالي سيؤثر سلبًا على مستقبل الممارسة الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، و يليها الأوضاع التكنولوجية ستتوقف عددٌ من الصحف والمؤسسات الإعلامية عن إصدار صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي عدم نشر محتواها الإخباري على مواقع التواصل الاجتماعي.


المسار أو المسارات المستقبلية: 


ويُقصد بها الوضع المستقبلي المبني علي الوضع الابتدائي للسيناريو التشاؤمي، و التي من الممكن أن تؤدي إلي حدوث تغيير سلبي في مستقبل الممارسة الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك عن طريق حدوث مجموعة من التغييرات التي يمكن الإشارة إليها.


ونستكمل استعراض نتائج الدراسة الأسبوع المقبل.