رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عبدالناصر والسيسى .. زعيم على خطى زعيم وشعب يعرف كيف يختار

21-7-2017 | 14:51


بقلم – أحمد أيوب

الزعيم فى معاجم اللغة يعنى الكفيل والضامن، الزعيم من يكفل أمر من حوله ويتكفل بكل ما يخصهم، الزعيم فاعل وليس مفعولا به، الزعامة ليست رئاسة شخصية لها تأثيرها المعنوى وصاحب يلتف حوله الناس، يتوسمون فيه الرمزية ويرون فيه الملهم، الزعيم اختيار شعب وليس تنصيب نخبة أو توصيف جوقة أو حاشية أو أرزقية، الزعيم يعنى الشجاعة فى القرار والقدرة على الاختيار والإيثار، تحمل المسئولية والقدرة على الإقناع وامتلاك قلوب الناس باختيارهم وليس فرضا عليهم بالإجبار، الزعيم هو من امتلك مواصفات زعامة الحق وليس زعامة الطغاة.

فى تاريخ مصر الممتد لسبعة آلاف عام تقلد الحكم مئات الملوك والرؤساء منهم من له إنجازات مازالت باقية حتى الآن، وبعضهم بصماتهم لا تغفلها عين، لكن قليلا منهم من خلدهم التاريخ واحتفظت بهم ذاكرة المصريين، ونادرا من هذا القليل تعلق بهم الشعب المصرى حبا، بل وعشقا ورفعوهم إلى درجة الزعيم، وفى مقدمة هؤلاء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى منحه الشعب اختيارا لا إجبارا لقب الزعيم، ولأن الشعب لا يمنح ألقابا إلا لمن يستحق فإن جمال حصل على هذا اللقب الذى لم ولن يمحوه التاريخ ولا كل محاولات التشويه التى طاردت سيرته على مدى العقود الماضية.

امتلك عبد الناصر كل مواصفات الزعامة الشخصية منها والعامة. فأحبه الناس وتعلقوا به، ربطوا بينه وبين الوطن، تحملوا النكسة ومرارتها أملا فى الزعيم الذى يثقون أنه لن يخذلهم وعلى أيديه سيأتى النصر، بكوا موته وامتلأت الشوارع بالسواد حزنا عليه.

هذه هى مشاعر المصريين عندما يجدون من يرون فيه سمات الزعامة، فنحن شعب يعشق الزعماء، يبحث عنهم ويرتمى فى أحضانهم، يلقى عليهم همومه، ويعلق آماله، يعلن الولاء لهم ولا يبخل أن يفديهم بحياته إن تطلب الأمر، شعب أثبت التاريخ أنه يرى فى الزعيم أمانا يحتاجه، ويتوسم فيه دفئا يطمع فيه، حتى المثل العامى المصرى الذى يعرفه الجميع «اللى ملوش كبير يبحث له عن كبير» وكبير المصريين دائما لابد أن يكون زعيما، ومثلما وجد المصريون فى عبد الناصر زعيما يلتفون حوله، وجدوا من بعده بثلاثة وأربعين عاما زعيما آخر من نفس المدرسة العسكرية الوطنية، زعيم خرج من بينهم ليتحمل مسئولية تخليص الشعب من حكم فاشى كان يتربص بمصير الأمة، فكما خلصها الزعيم عبدالناصر من الاحتلال الإنجليزى وحكم القصر، خلصها عبد الفتاح السيسى بعد ٦٢ عاما من احتلال الإخوان وحكم المرشد ومكتب إرشاده، وما بين الزعيمين تعلق ظهر العشق الشعبى المصرى، بجانب السيسى رفعوا فى ميادين يونيو صورة عبدالناصر ليعطوا الرسالة بأن مصر مازالت تعيش حلم التحرر وتبحث عن الاستقلال وتطمع فى الكرامة التى أطلقها عبدالناصر فى خمسينيات القرن الماضى وحرمهم منها من تنصل لمبادئ الثورة ومن انقلب عليها، وجاء السيسى ليعيد لهم الأمل فى عودة ما حرموا منه.

ما بين الزعيمين عقود عاشها المصريون على أمل لم يفقدوه، ورجاء لم يلبثوا أن يكرروه، تعلق المصريون بالسيسى كما تعلقوا بناصر، ربطوا به أحلامهم كما ربطوها بعبد الناصر، يخافون عليه كما كانوا يخافون على ناصر، بل ومن أجل ثقتهم بوطنيته ويقينهم بعشقه لبلده تحملوا ما لم يكن متصورا أن يتحملوه مع غيره، ورفضوا كل محاولات الفتنة والوقيعة بينهم وبينه لأنه الرئيس الذى اختاروه بإرادتهم ونصبوه زعيما.

زعامة السيسى التى منحها له المصريون بإرادتهم جلبت له المؤامرات التى لم تتوقف مثلما جلبت الزعامة لعبدالناصر، قالها مسئول غربى عندما ظهر السيسى وبانت كاريزمته، لن نقبل بعبدالناصر جديد فى المنطقة، قول لم يكن للاستهلاك الإعلامى وإنما يعبر عن خوف غربى حقيقى من أزمة ستواجههم فى المنطقة لو تركوا للسيسى الساحة والفرصة حتى يفعل ما فعله سلفه عبدالناصر، قول كان كاشفا عن أن الغرب استوعب درس الزعيم عبد الناصر جيدا ولن يسمح بأن يظهر الزعيم السيسى مرة أخرى، لكن الغرب ومدبرو المؤامرات نسوا أن الأمر ليس بأيديهم ولا القرار قرارهم، فالزعامة لا تصنع من الغرب ولا تمنح أو تمنع بقرار خارجى، وطالما أن الشعب المصرى هو الذى منح السيسى نفس لقب ناصر، «زعيم الثورة» فلن يمنعه عنه أحد مهما كانت قوته، صحيح سيواجه متاعب، وستتزايد المخططات وتتوالى المؤامرات لمنعه من الاستمرار وإغلاق كل الطرق أمامه، لكن لن تفلح تلك المحاولات فطريق الزعيم ترسمه الأمة ويحميه الشعب وليس هناك على وجه الأرض من يملك أن يفرض على المصريين قرارا أو يجبرهم على اختيار، القاعدة تقول إنك يمكن أن تهزم شخصا أو تكسر مؤسسة لكن لا يمكن أن تهزم شعبا أو تفرض عليه قرارا، والشعب قد اختار زعيميه، ليس اختيارا عشوائيا أو عن هوى وإنما اختيار قناعة وعقيدة.

ما بين عبدالناصر والسيسى علاقة نسجت خيوطها داخل المؤسسة العسكرية التى تعرف كيف تصنع رجالها، وفرضها الشارع الذى لا تكذب مشاعره أبدا ولا تخيب رؤيته.

ما بين ناصر والسيسى قصة وطن كلما ضاق به الحال واشتد عليه الخناق وألمت به المحن خرج له زعيم ليلتف حوله الشعب من أجل الخلاص والإنقاذ.

ما بين الاثنين رضاء شعبى ربما لم يتمتع به غيرهما، زعيمان لم يطلبا من الشعب سمعا ولا طاعة، وإنما عشق الناس لهما هو من خلق فى الشارع قبولاً بكل ما يريدانه، وهذا هو أصل الزعامة ومكمن قوتها وخوف الغرب منها.