عفاريت .. عادل إمام
بقلم : صلاح البيطار
عندما أكتب عن الزعيم وشهرته عادل إمام، إنما أكتب عن زميل مدرسة وصلة عائلية.. وسريعاً أقول إن الحاج محمد إمام والد عادل كان يتمتع بخفة دم دسمة وكان طيب القلب وحريصا علي تربية عادل تربية جيدة.. وعندما التحق عادل بكلية الزراعة تمني والده أن يصبح عادل «فلاحاً» يزرع البطيخ ليأكله الوالد مع الجبن القريش وهي الأكلة الخفيفة علي المعدة وأيضا علي الجيب لأن أسعار اللحوم كانت نار «فكان سعر كيلو اللحمة أقل من ربع جنيه» تصور!!!
وكان الزعيم تلميذاً شقيا ومشاغباً.. «عفريتا من الجن» وهو يتذكر جيدا ما كان يفعله مع المدرسين وهم اساتذة عظام وأذكر منهم جورج مدرس الجغرافيا وحميده مدرس التاريخ ومقبل مدرس الألعاب الرياضية وشعلان مدرس اللغة العربية وهؤلاء كانوا يعشقون عادل لخفة ظله ولأنه تلميذ مشاغب ذكي.
ومرحلة التلمذة قضيناها في مدرسة بنباقادن الثانوية وهي من أعرق المدارس وليست «مدرسة المشاغبين» التي لعب عادل فيها دوراً متقنا اعتمد فيه علي شقاوة التلمذة.
ونسيت أن أذكر أن والد عادل كان يتمني له أن يكون «موظف حكومة» يتقاضي مرتبا يوفر له الحياة الكريمة وكان يكره أن يراه «مشخصاتي» أي ممثلاً.. وعندما كان يعلم أن عادل أصبح ممثلا كان رده أن يتوب الله عليه من التمثيل ويهديه إلي الطريق الصواب ومن الطريف أن الحاج محمد إمام رفض زواج ابنته شقيقة عادل ، للراحل مصطفي متولي بحجة أنه مشخصاتي أي ممثل وبعد محاولات صعبة وافق علي الزواج .. تخيل معي عزيزي القارئ هذا المشهد وتفكير رجال زمان...
زملاء عادل إمام والمشاغبون في مدرسة بنباقادن أصبح منهم الطبيب الناجح في مهنة الطب وعالم الذرة والرياضيات والسفير الذي يشرف بلده وضباط الجيش والبوليس.
وبحق كنا أشقياء ولكن أوفياء للعلم وكنا نذاكر من أجل مستقبل باهر..
والأساتذة الذين تعرضوا للمشاغبة والمعاكسة هم الذين كانوا يحرصون علي اعطائنا الدروس الخصوصية المجانية وبدون أي مقابل.
والحقيقة أنني تناولت جزءاً قليلاً جداً من حياة الزعيم لأنني مش مبسوط من ظهوره في مسلسل «العفاريت» ودور عدلي علام وتعرضه للنقد اللاذع من جمهوره العريق في البلاد العربية والتعليق حاليا هو أن عادل إمام يبيع ويعرض اسما تجاريا فقط ويقدم فنا خالي الدسم والكوميديان العالمي يتراجع وليس عيبا أن يعتزل شأنه شأنه نجوم الكرة وكلنا نتذكر أن المايسترو صالح سليم اعتزل في أوج شهرته وكذلك محمود الخطيب وغيرهما وأن مليارات الجنيهات التي جمعها من موهبته وعرق الجبين تكفيه بقية العمر، ويعيش فناناً جميلاً سعيدا وزعيما للفن المصري والعربي أيضا.
وأهمس في أذن المخرج الشاب رامي عادل إمام أن يتعامل مع الأب عادل إمام ولا يتعامل مع الفنان عادل إمام وبحق كان الإخراج هو البطل في مسلسل العفاريت واستطاع رامي أن يستغل التكنولوجيا التي أصابت السينما وخاصة التقنية التي ذكرتنا بفيلم «طاقية الإخفا»..
أما المؤلف يوسف معاطي فأقول له أن يهدأ قليلا ويبتعد عن الخيال العلمي ولا يقدم لنا شطحات لا تفيد ويتعمق في الواقع الذي نعيش فيه ويقدم لنا تأليفا يليق بهذا القرن ويليق بالشباب الذي يبحث عن مستقبل باهر ومريح ويعطي للعفاريت إجازة حتي تتحقق النهضة التي توفر المعيشة الراضية.. والإعلام الفني خطير.. وخطير جداً.. ياجو.