«الدبلوماسية الرئاسية».. والعمل العربى المشترك
يقيناً.. المواطن المصرى لديه الثقة والاطمئنان فى قدرة القيادة السياسية.. على تجاوز تداعيات الأزمات العالمية.. فرغم وطأة التأثيرات السلبية للحرب «الروسية- الأوكرانية».. إلا ان الدولة المصرية تعيش حالة من الاستقرار.. فى توفير احتياجات المواطن من السلع الأساسية.. لكن هناك بعداً آخر نجحت فيه الدبلوماسية الرئاسية بامتياز على مدار 8 سنوات فى تحقيق أهداف الدولة المصرية.. ولكن التحركات الرئاسية فى الفترة الأخيرة خاصة على الصعيد العربى تعكس إدراكاً لدقة اللحظة التى تمر بها أمة العرب، فانطلقت لتعزيز أواصر الشراكة والتكامل وتعزيز العمل العربى المشترك.. والسعى لاستغلال الفرص والموارد والثروات العربية لتتكامل فى النهاية.. لتحقيق تطلعات الشعوب العربية.. فالاستثمارات العربية.. والحرص على زيادتها فى مصر، جاء انطلاقاً من الفرص الثمينة السانحة فى مصر فى مجال التنمية والاقتصاد.
لا أشبع من الكتابة عما يحققه الرئيس عبدالفتاح السيسى لهذا الوطن من نجاحات وإنجازات، ومن إجراءات وقرارات ورؤى خلاقة فى التعامل مع تداعيات الأزمات العالمية وفى القلب منها التحديات التى أفرزتها الأزمة الروسية- الأوكرانية.. وكل يوم يمر تثبت فيه الدبلوماسية الرئاسية ان لديها آفاقاً جديدة ورؤى مختلفة لتحقيق نجاحات تؤدى إلى عبور الدولة المصرية الكثير من المنعطفات وتوجد الحلول، وتخلق القدرة على عبور الصعاب وتجاوز الأزمات.
حالة الانفتاح المصرية على دول الشرق والغرب والعالم، على مدار 8 سنوات نجحت فى اقصاء حالة العزلة التى كانت تعيشها الدولة المصرية قبل الرئيس السيسى ونجحت كما قلنا فى استعادة توهج الدور المصرى على المستوى الإقليمى بما له من مكانة وثقل، بالإضافة إلى حالة التقدير والاحترام والتعويل الدولى على قيادة مصر للمنطقة بحكمة وحنكة وقدرة تاريخية.. نجحت القيادة السياسية فى إعادتها من جديد بفضل خطى وثبات وتحركات الدبلوماسية الرئاسية التى نجحت فى الآتى:
أولاً: انتشال الدولة المصرية من حالة العزلة إلى التفاعل المؤثر فى المنظومة الدولية استناداً إلى مصداقية وشرف وثقة وقوة وقدرة وثوابت.. وتجربة مصرية ملهمة فى البناء والتنمية وهو ما مكن مصر من أن تكون صاحبة الدور والثقل والمكانة.
ثانياً: درء المخاطر والتهديدات التى استهدفت الدولة المصرية، من خلال جهود الدبلوماسية الرئاسية وعلاقاتها الخلاقة مع القوى الكبرى فى العالم التى تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والشراكة الإستراتيجية، وتوازن العلاقات الدولية، والتأكيد ان علاقة مصر بدولة لا تأتى على حساب دولة أخرى بالإضافة إلى أن مصر تبنت ثوابت لم تحد عنها أبداً، ورسخت مبدأ الحلول السياسية والتفاوضية وعدم الجنوح إلى المواجهات المسلحة والصراعات عديمة الجدوى، وكذلك عدم اللجوء إلى هذه الوسائل التى لا تحقق أى نتائج إيجابية سوى إهدار الوقت والثروات والموارد وتعطيل التنمية.. ونظراً لقوة الدور والثقل المصري، والقدرة على الردع نجحت بامتياز دبلوماسية الخطوط الحمراء.
ثالثاً: نجحت الدبلوماسية الرئاسية فى توظيف علاقاتها القوية القائمة على الاحترام المتبادل والتقدير والثقة فى استيراد القدرات والتطور والتكنولوجيا المتقدمة والخبرات الهائلة من الدول الكبري.. فعلى سبيل المثال استفادت الدولة المصرية من التجربة والامكانيات والقدرات الألمانية فى العديد من المجالات خاصة قطاع الكهرباء والنقل والسلاح وكذلك استفادت من إيطاليا فى مجال الطاقة، وفرنسا فى مجال القدرات الدفاعية وجذب الاستثمارات، ومن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين لتصبح التجربة المصرية فى البناء والتنمية والتقدم ذات خصوصية شديدة ومصدر إلهام للدول المتطلعة.
رابعاً: حرصت الدبلوماسية الرئاسية منذ الوهلة الأولى لبداية تولى المسئولية الوطنية على فتح صفحات جديدة من العلاقات القوية مع الدول العربية تقوم على الشراكة والتكاتف والتقارب والتضامن والعمل العربى المشترك بهدف لم الشمل العربى والحفاظ على الأمن القومى العربي، والعمل على ايجاد فرص كبيرة للتكامل وتبادل الخبرات والمصالح واستغلال الثروات والموارد والاستفادة من المميزات النسبية لكل دولة عربية لتدخل فى منظومة تكامل وتستفيد من حجم الاستثمارات العربية لتحقق نتائج ايجابية للجميع.
فعلى مدار الأيام الماضية شهدت القاهرة زيارات عربية رفيعة المستوى بدءاً من زيارة الملك حمد بن عيسى ملك البحرين والملك عبدالله الثانى بن الحسين العاهل الأردنى وبعدها القمة الثلاثية (المصرية- البحرينية- الأردنية) ثم القمة (المصرية- السعودية) بزيارة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى ثم القمة (المصرية- القطرية) بزيارة الأمير تميم بن حمد آل ثانى أمير دولة قطر، ثم استقبال الرئيس السيسى لوزير الخارجية الإماراتي، لتأتى بعد هذه اللقاءات والمباحثات المصرية- العربية زيارة الرئيس السيسى لسلطنة عمان وعقد قمة (مصرية- عمانية) بين الرئيس السيسى والسلطان هيثم بن طارق.. ثم توجه الرئيس بالأمس إلى البحرين فى زيارة تتضمن قمة (مصرية- بحرينية).
السؤال ما أهداف هذه الزيارات المتوالية لملوك وقادة وزعماء العرب للقاهرة ولقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى ثم زيارة الرئيس لسلطنة عمان والبحرين، فى هذا التوقيت شديد الدقة وسط تحديات جسام حيث تلقى الحرب الروسية- الأوكرانية بتداعياتها على دول العالم، وكذلك الدول العربية، لكن الأهداف يمكن تحديدها فى الآتي:
أولا: لا شك ان التشاور والتنسيق العربى فى هذا التوقيت هو أمر بالغ الأهمية والحتمية فى ظل ما يموج به العالم بشكل عام، والمنطقة بشكل خاص من تحديات خطيرة، وما يواجه الأمن القومى العربى من تهديدات، لذلك كان من المهم، التنسيق والتشاور والتباحث وإعلاء قيمة العمل العربى المشترك فى هذه المرحلة فى ظل تهديدات إقليمية، وأزمات عربية ومحاولات للاستقطاب.. لذلك فلابد من صياغة تناسب تحديات هذه الفترة تحدد أهداف وبوصلة العرب وكيفية وسبل مجابهة هذه التهديدات.
ثانياً: لا شك ان الأزمات العالمية والحرب (الروسية- الأوكرانية) فرضت على العرب أهمية التنسيق والتعاون والتقارب والتكامل والشراكة لمعالجة التداعيات خاصة الاقتصادية الناجمة عن تداعيات الأزمة العالمية فى بلدان العرب فى ظل الفرص الثمينة السانحة لدى كل دولة.. فعلى سبيل المثال نجحت الدبلوماسية الرئاسية المصرية فى التعاون مع الأشقاء العرب فى جذب استثمارات قوية وايجابية لاستغلال الفرص التنموية والاقتصادية المصرية التى جاءت من رحم تجربة البناء والتنمية وما تشهده مصر من طفرة وقفزة تنموية بحيث تضخ استثمارات عربية تستفيد منها مصر وأيضاً الأشقاء العرب وتعمل على تحقيق التكامل العربى وتحقيق تطلعات الشعوب العربية فى ظل تداعيات الأزمة العالمية وما يواجه العالم من وجود خلل فى الأمن الغذائى والطاقة وسلاسل الامداد والتوريد والشحن وارتفاع معدلات التضخم والأسعار.
توقفت أمام ما قاله السلطان هيثم بن طارق سلطان سلطنة عمان خلال استقباله بالأمس الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما ثمن الدور المصرى البارز فى تعزيز آليات العمل العربى المشترك فى مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بالمنطقة والذى يعد نموذجاً يحتذى به فى الحفاظ على الاستقرار والنهوض بالأوضاع التنموية والاقتصادية والاجتماعية فى الوطن العربي، هذا لب ما أريد الحديث عنه فى هذا المقال، وهو دور الدبلوماسية الرئاسية فى تفعيل وتعزيز العمل العربى المشترك والتكامل العربى لمواجهة تحديات وتهديدات غير مسبوقة وتداعيات أزمات عالمية، وهذا التحرك يسعى لتأمين الأمن القومى العربي.. وتعزيز التعاون والشراكة (العربية- العربية) بما يخفف من وطأة الأزمات العالمية على الصعيد الاقتصادى والتنموى بما بين يدى أمة العرب من ثروات وموارد وقدرات هائلة يجب استثمارها لاستغلالها بشكل يحقق الفائدة للجميع وهنا أقول ان الرئيس السيسى من خلال الدبلوماسية الرئاسية نجح فى خلق آفاق جديدة للعمل العربي.. والتكامل والشراكة وكذلك آفاق رحبة للاقتصاد المصرى بتوظيف الاستثمارات العربية لاستغلال الفرص الاقتصادية والتنموية الثمينة الموجودة فى كل ربوع مصر فى مختلف المجالات والقطاعات، وينطبق الأمر على كافة الدول العربية.
أعتقد ان دقة اللحظة، وقسوة تداعيات (الأزمة الأوكرانية) ربما تكون (منحة) تؤدى إلى صياغة جديدة للتكامل العربي، وتعزز سبل وآليات العمل العربى المشترك.
ثالثاً: الدبلوماسية الرئاسية نجحت فى الفترة الأخيرة فى تحقيق نجاحات اقتصادية عظيمة وهائلة فى ظل تداعيات الحرب الروسية فالاتفاق على تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبى عبر مصر وبعد تسييله فى المصانع المصرية العملاقة هو إنجاز كبير وتاريخى أكد بما لا يدع مجالاً للشك على ان مصر هى المركز الإقليمى لتجارة وتداول الطاقة، وقطع الطريق على الطامعين والموهومين وبلطجية الإقليم والمنطقة، وهو إقرار واعتراف دولى مرموق بحقوق مصر المشروعة.. ثم جاء نجاح الدبلوماسية الرئاسية عبر العلاقات القوية والراسخة التى توهجت فى عهد الرئيس السيسى لجذب استثمارات هائلة من الأشقاء العرب فى الخليج لاستغلال الفرص الاستثمارية الكثيرة فى مصر بما يدعم الاقتصاد المصرى ويحقق تبادل المنافع لكافة الأشقاء ويزيد من أواصر الترابط والتكامل والعمل العربى المشترك.
السلطان هيثم بن طارق أكد بالأمس على تعزيز أطر التعاون الثنائى الراسخة مع مصر فى مختلف المجالات فى الفترة المقبلة بما فيها زيادة الاستثمارات العمانية فى مصر واستغلال الفرص المتاحة بها.. وهو ما يجسد نجاحات الدبلوماسية الرئاسية المصرية.
رابعاً: من المهم أيضاً فى ظل التهديدات التى تواجه الأمن القومى العربى سواء أمن الملاحة بالخليج العربي، أو البحر الأحمر، بالإضافة إلى مكافحة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
خامساً: إن الزيارات العربية رفيعة المستوى لمصر من ملوك وزعماء العرب وزيارة الرئيس السيسى لسلطنة عمان والبحرين تأتى قبل القمة العربية- الأمريكية فى جدة الشهر القادم والتى تحتاج إلى تنسيق وتطابق المواقف العربية، وأولويات تبادل وجهات النظر خاصة ان الرئيس الأمريكى جو بايدن هو من يقوم بالزيارة ويطلب الجلوس مع زعماء العرب وهنا تجسد رسالة مهمة حول قوة الموقف العربي، أيضاً بقراءة تداعيات الأزمة العالمية وآثارها السلبية القاسية على الغرب.. لذلك وفى اعتقادى انه يجب صياغة علاقة جديدة بين الطرفين تقوم على الندية، وتبادل المصالح وتكافؤ الفرص، وإنهاء الأزمات العربية دون التورط فى استقطاب.. والعمل على الاستمرار فى توازن العلاقات مع الدول والقوى الكبري.. فهذه الصياغة الجديدة لا تأتى بديلاً أو على حساب علاقات العرب بالقوى الأخرى، لذلك انطلاقاً من الدور العربى القومى على (طاولة القمة) عليهم استغلال الفرص لتحقيق العديد من المكاسب، وإنهاء العديد من الأزمات المزمنة والراكدة، وبلورة علاقة أساسها (الندية) والمصالح المشتركة وليس التبعية فقد سقط هذا المفهوم بلا رجعة ولم يعد موجوداً فى قاموس ومفردات العرب لذلك فإن اقتناص الفرص، يرسم المستقبل، وأتوقع أن تكون الأمة قد استوعبت ذلك جيداً، وأدركت انها فى موقع وموقف القوة الكافية لتحقيق أهدافها وكما قلت إن المحنة تتحول إلى منحة فعلينا استغلالها.
سادساً: الزيارات العربية للقاهرة وزيارة الرئيس السيسى لسلطنة عمان والبحرين.. والاتصالات الرئاسية المستمرة بزعماء العرب تشير إلى محورية الدولة المصرية، وكونها ركيزة الأمة العربية، فكما يقول الأشقاء العرب، لا وجود للأمة العربية بدون مصر ولا غنى للعرب عنها.. وبالتالى حجم التعويل والتطلعات العربية والآمال العريضة على مصر تجسد حجم الجهود التى تبذلها الدبلوماسية الرئاسية المصرية فى جمع شمل العرب وتعزيز العمل العربى المشترك.
سابعاً: اللقاءات (العربية- العربية) على مدار الأيام الماضية بطبيعة الحال تمهد للقمة العربية القادمة فى الجزائر، وترسم ملامح الوصول لتوافق عربى حول كل القضايا والملفات العربية والإقليمية والدولية وصياغة جديدة للعمل العربى المشترك من شأنه أن يتصدى للتحديات الإقليمية والدولية ويجد الحلول لأزمات عربية مزمنة لم تجد طريقها للحل إلى الآن ومساعدة الدول والشعوب العربية فى استعادة الدولة الوطنية لتدخل وبقوة فى معادلة القوة العربية.
الحقيقة ان الدبلوماسية الرئاسية المصرية تعمل على جميع الاتجاهات التى تحقق المصالح «المصرية- العربية» وتدرك أهمية وقيمة التكامل والعمل العربى المشترك فى هذه اللحظات الحرجة التى تستوجب الاصطفاف العربى فقد نجحت الدبلوماسية المصرية بأفكارها ورؤاها وجهودها الخلاقة فى التصدى لتداعيات الأزمة العالمية على الدولة المصرية لتضيف جهوداً جديدة على نجاحات 8 سنوات فى البناء والتنمية.
نحن أمام قيادة سياسية وطنية وشريفة لديها القدرة على إيجاد الحلول، وتوحيد الرؤى، وتحقيق الوحدة والتكاتف والتكامل.. وتعزيز العمل العربى المشترك، ولم تسمح يوماً بأن تنال الأزمات العالمية من رؤية وإرادة الدولة المصرية ومشروعها العملاق للبناء والتنمية، ولن تسمح لتداعيات الأزمات العالمية أن تؤثر على المواطن المصري.. فالهدف الرئاسى هو توفير الحياة الكريمة لكل المصريين، والحفاظ على كرامتهم.. وتخفيف المعاناة عنهم، وحققت هذه الجهود الرئاسية ثمارها.. فما تعيشه مصر وقت أتون الأزمة العالمية من استقرار يستحق التحية.
تحيا مصر