في الذكري التاسعة لها.. تعرف على خداع الإخوان للشعب وما قابله من دور الإعلام في ثورة 30 يونيو
في الصباح الباكر من يوم 30 يونيو عام 2013 تعالت هتافات المتظاهرين في الميادين العامة، نظمتها أحزاب وحركات معارضة للرئيس الراحل محمد مرسي مُطالبين بإقالته من منصبه،كما جرت في الشهر نفسه مظاهرات للقوى المؤيدة للرئيس الراحل حملت شعار " الدفاع عن الشرعية"، وسقطت جراءها العديد من القتلي والجرحى من المدنيين ورجال الشرطة والجيش.
خداع الإخوان للشعب المصري
انهي الشعب المصري حكم الراحل محمد مرسي المنضم لجماعة الاخوان المسلين ، بعد عام وثلاثة أيام فقط قضاها في الحكم، ارتكب خلالها أخطاء فادحة أنهت العلاقة بينه وبين الشعب في الفترة التي كانت البلاد فيها أحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء والتقدم والنمو والاستقرار، وأبرز تلك الأخطاء جاءت في المجالات الآتية:
السياسية الخارجية:
فشلت الزيارات المتعددة التي قام بها مرسي شرقاً وغرباً في فتح آفاق التعاون البناء بين مصر ودولاً عديدة في العالم، وبات واضحاً ان علاقات مصر الخارجية تقزمت في دول بعينها تدعم حكم الإخوان في مصر، وتراجعت علاقات مصر بدول محورية عديدة خاصة في العالم العربي.
مياه النيل:
معالجة سلبية للغاية لمباشرة اثيوبيا بناء سد النهضة، كشفت عن الافتقاد لأسس التعاطي مع الأزمات الممتدة منها أو الناشئة، فضلاً عن سوء إدارة الحوار مع القوي السياسية وبثه علي الهواء بما ساهم في توتر العلاقات مع الجانب الاثيوبي وأجهض أسس الحوار السياسي معه.
بالإضافة إلى الاستمرار في الخطي السياسية السابقة المتقاعسة عن تفعيل التعاون البناء في المجالات المختلفة مع دول حوض النيل، بما يدعم من سبل الحوار السياسي معها حول الأزمات المختلفة.
العلاقة بين أبناء الوطن الواحد:
رسخ حكم مرسي علي مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامي الذي يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف في أغلب الأحيان بــ "العلماني"، وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والانتاج، اتجه الي التناحر والعراك بين التأييد والرفض.
كما عمل حكم مرسي وبسرعة كبيرة علي ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامي الشعور المعادي له من يوم لآخر.
الدفاع والأمن:
افتعل الأزمات الرامية الي تشتيت جهود الأمن والحد من اكتمال البناء الأمني، وكانت أبرز المشاهد احياء ذكري أحداث محمد محمود، وستاد بور سعيد، واحداث قلاقل أمنية من آن لآخر بالعديد من المحافظات خاصة بور سعيد والسويس.
فضلًا عن إصدار العديد من القرارات والإعلانات الدستورية التي تسببت في زيادة الضغط الشعبي علي الجهاز الأمني بالخروج في مظاهرات عارمة الي الاتحادية والتحرير، فشهدت مصر أول حالة سحل لمواطن علي مرأي العالم أجمع.
والإفراج عن سجناء جهاديين من ذوي الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا الي تكوين إمارة إسلامية متطرفة تستمد العون من انفاق التهريب مع قطاع غزة التي حظيت بكل الدعم والحماية من رئيس الدولة ذاته، نفذت هذه الجماعات فعلاً خسيساً بالإجهاز علي 16 شهيداً من الأمن وقت الإفطار في رمضان، وبعد أشهر تم اختطاف سبعة جنود قبل أن يفرج عنها بفعل حشود الجيش لتعقب الإرهابيين، وتدخل جماعة الرئيس للإفراج عن الجنود. فضلاً عما تكشف بعد إقصاء هذا الرئيس من كون هذه الجماعات الإرهابية السند لجماعة الإخوان في حربها الإرهابية ضد الدولة.
الأمن الغذائي والخدمي:
استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل في أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومي يسعي لوقف جشع التجار، رغم سعي الحكم الي تحسين منظومة توزيع الخبز، وعبوات البوتجاز، وتكررت وبشكل متواصل أزمات البنزين والسولار، بما أثر علي الحركة الحياتية للمواطن، وأنعكس ذلك علي الانقطاع المتكرر للكهرباء، كما بدا واضحاً اتجاه الحكم لاستخدام المنظومة التموينية لخدمة أغراضه الانتخابية، ومحاولة كسب شعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية.
الثقافة والفنون والآداب:
اتجه اتجاهًا واضحًا نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل علي ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، الي إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم.
الإعلام والصحافة:
ناصب العداء لدوره السريع في كشف المسالب أمام الرأي العام، وبات الإعلام الذي لعب دوراً جوهرياً في تعريف المرشح الرئاسي محمد مرسي، وجماعته للرأي العام المحلي هدفاً مباشراً لتحجيمه، بل واقصاء رموزه.
وسعي بكل قوة لأخونة مؤسسات الدولة الصحفية والإعلامية، في محاولة واضحة لتأسيس الفكر الإخواني من جهة، والحد من تأثير الإعلام المضاد من جهة ثانية.
القضاء والحريات العامة:
افتعل أزمات متتالية مع القضاء، بدءً من إقصاء النائب العام، الي محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصار الرئيس، ثم محاولة تحجيم دورها في دستور ديسمبر 2012، فإصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس بالسلب القضاء والحريات العامة ومؤسسات الدولة، تسببت في إثارة غضب الرأي العام، الذي عبر عن ضيقه بإحراق مقار لحزب الرئيس، فعاد الرئيس عن بعض إعلاناته وقراراته، ومضي في أخري مما تسبب في زيادة الحنق الشعبي عليه وعلي جماعته.
استمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة، حيث قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار تنظيم الانتخابات البرلمانية، فكان أن رفعت جماعة الإخوان شعار تطهير القضاء، والعمل علي سن تشريع يقضي بتخفيض سن التقاعد للقضاة ليقصي عدة آلاف منهم ليحل بدلاً منهم انصار الحكم.
وكانت الضربة الأخيرة التي سددها القضاء للرئيس المقصي هي الإشارة اليه بالاسم وعدد كبير من قيادات جماعته بالتعاون مع حماس وحزب الله في واقعة اقتحام سجن وادي النطرون.
الاقتصاد والمال:
تراجع معدلات النمو، وزيادة الدين العام، وتآكل الاحتياطى النقدى، وتهاوى مؤشرات البورصة، وتراجع تصنيف مصر الائتمانى، كلها مؤشرات تعكس انهيار الاقتصاد فى حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تعرف سوى الخراب والفشل الذى استشرى فى جسد الدولة كالسرطان، فبدلا من محاولة النهوض بالبلاد وتشجيع الاستثمار، كان يتم محاربة المستثمرين لصالح رموز الإخوان، إلى جانب أخونة المناصب الاقتصادية فى الدولة مثل وزارة المالية ووزارة الاستثمار، دون أى اعتبار لمعايير الكفاءة او القدرة على إدارة هذه المناصب الحيوية.
مطالب ثورة 30 يونيو
وكانت تلك الثورة بمثابة تصحيح لمسار ثورة 25 يناير 2011 التي انتهت تداعياتها بوصول الإخوان إلى مناصب الحكم، وجاءت مطالب المتظاهرون فيها بعزل الرئيس الراحل محمد مرسي من منصبه اعتقادا منهم أنه بذلك سيتم القضاء على جماعة الإخوان المسلمين، ومطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وتركزت تجمعات المتظاهرين في ميدان التحرير وفى الميادين الرئيسية وعدد كبير من المحافظات، وفي المقابل خرج أنصار مرسي في تظاهرات مؤيدة له في أماكن مختلفة أبرزها وأكبرها في ميدانى رابعة العدوية والنهضة.
كما قامت حركة تمرد بالتظاهر أمام قصر الاتحادية مطالبة بعزل مرسى، وقد لعبت هذه الحركة دورا مؤثرا وفاعلا في تحريك الرأي العام والشارع المصري باتجاه رفض حكم الإخوان، وقادت حملة واسعة لجمع التوقيعات.
دور الإعلام في ثورة 30 يونيو
كان للإعلام المصرى دورا كبيرا وملحوظا فى إنجاح ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 وتأهيل الشعب وتعبئة الرأى العام ليثور فى وجه قيادات ونظام الجماعة الإرهابية التى كادت أن تعصف بوحدة الوطن وتماسك أبنائه، فقد كان لوسائل الإعلام والصحف المصرية دورا محوريا فى هذا الحدث الضخم الذى أعاد رسم الخارطة السياسية فى الوطن العربى بل والعالم كله.
فضلًا عن دوره فى توعية الشعب المصرى وكشف زيف الإخوان وفضح مخططاتهم الخبيثة لهدم الوطن، وربما لعب الدور الأكبر فى تهيئة وتحفيز المصريين لثورة 30 يونيو عن طريق كشف زيف الإخوان وكشف حقائق الفساد والخيانة التى كانت موجودة فى النظام وقتها بقيادة محمد مرسى وجماعة الإخوان وخيرت الشاطر، وكان الإعلام المصرى أول من قال "لا" فى وجه الجماعة، وكان له دورا فى توضيح الحقائق أمام الناس.
كما كان موقف كثيرا من الإعلاميين واضحًا قبل 30 يونيو وحتى اليوم، وكانت الجماعة الإرهابية وتنظيمها الدولى يعيان جيدا دور الإعلام فى توعية المواطنين وحشد المصريين والرأى العام، وكانت الجماعة تعى جيدا أن بداية النهاية ستأتى على يد الإعلام الوطنى، ولذلك وجهوا سهامهم المسمومة فورا لهم، بل ووصل الأمر إلى التهديد والوعيد والإرهاب عندما حاصرت جحافل الإخوان مدينة الإنتاج الإعلامى.
وفى المقابل لم يتنازل الإعلاميين والصحفيين عن تأدية مهمتهم الوطنية، وكانوا فى ذات الوقت داخل استديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى يعارضونهم ويكشفونهم أمام الرأى العام، والإعلاميون لم يأبهوا بالتهديدات وإنما واصلوا عملهم بشجاعة وأمانة لإيصال الكلمة والموقف للناس.
ولا شك أن الإعلام لعب دورًا رئيسيا ومؤثرًا فى توعية المصريين، وإثارة الرأى العام وخلق حالة من اليقظة الحقيقية لدى المصريين ضد تيار جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة الإخوان تهديد هوية الدولة المصرية، كانت هناك شجاعة من الإعلام فى التصدى لهذا الأمر.
ووصل الأمر إلى وضع عدد من الإعلاميين المصريين على قوائم الاغتيالات الإخوانية واستهداف البعض، وتهديدات صريحة لهم، وكل هذه كانت مؤشرات ودلالات حقيقة حول الدور الحقيقى الذى لعبه الإعلام فى ثورة 30 يونيو.
وعلى ذلك فالإعلام هو أعز ما تملكه أى دولة أو أى نظام، فالإخوان تعاملوا مع الإعلام على أنه مأجور ويباع ويُشترى، ولكنهم وجدوه بخير، فالإعلام كان مشاركًا بشكل واع فى 30 يونيو، وكان يمثل حالة فى غياب النظام السياسى المكتمل، وتحول لإعلام وإخبار للناس وإرشاد وصناعة الرأى العام وتحريك الشارع، حيث إنه تخطى دوره من إعلام كلاسيكى إلى إعلام تعبوى وتنويرى، ويحاول توجيه الناس وتغيير الشارع المصري.