رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أحاديث‭ ‬الأسعار

3-7-2022 | 21:23


عبد الرازق توفيق

عبد الرازق توفيق

فى‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬نظلم‭ ‬أنفسنا‭..‬ ونجلد‭ ‬ذواتنا‭ ‬بل‭ ‬ونزايد‭ ‬عليها‭ ..‬ولا‭ ‬نثنى‭ ‬على‭ ‬نجاحاتنا‭.. ‬فما‭ ‬أقبح‭ ‬التناول‭ ‬غير‭ ‬الموضوعى‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الوعى‭ ‬والفهم‭ ‬للموضوعات‭ ‬والقضايا‭ ..‬نأخذ‭ ‬بالظاهر،‭ ‬ونتجاهل‭ ‬الجذور،‭ ‬ولا‭ ‬نعير‭ ‬الأبعاد‭ ‬والأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬أدنى‭ ‬اهتمام‭..‬ ومن‭ ‬أبرز‭ ‬القضايا‭ ‬التى‭ ‬يخطىء‭ ‬البعض‭ ‬فى‭ ‬تناولها‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬هى‭ ‬قضية‭ ‬الأسعار‭..‬ ولا‭ ‬يعالجها‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬التى‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬الجميع‭..‬ ونالت‭ ‬تداعياتها‭ ‬وأثارها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭..‬ البعض‭ ‬يتجاهل‭ ‬الواقع‭ ‬والجهود‭ ‬والنجاحات‭ ‬ولا‭ ‬يتناول‭ ‬القضية‭ ‬بشكل‭ ‬شامل‭ ..‬ويتغافل‭ ‬عن‭ ‬ايجابيات‭ ‬كثيرة‭..‬ ولا‭ ‬يقارن‭ ‬حالتنا،‭ ‬بحالات‭ ‬متأزمة‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬متقدمة‭ ..‬ولا‭ ‬يذكر‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تتحمل‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الزيادة‭ ‬فالسلع‭ ‬تباع‭ ‬للمواطن‭..‬ ليس‭ ‬بأسعارها‭ ‬الحقيقية،‭ ‬لكنها‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ..‬فالدولة‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬النصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬تخفيفاً‭ ‬عن‭ ‬المواطن،‭ ‬وتخصص‭ ‬ميزانيات‭ ‬ضخمة‭ ‬لذلك‭..‬ وتوجد‭ ‬الحلول‭ ‬والبدائل‭ ‬وتفتح‭ ‬منافذها‭ ‬لتبيع‭ ‬الأجود،‭ ‬بسعر‭ ‬أقل‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬فى‭ ‬الأسواق،‭ ‬لكن‭ ‬الفضيلة‭ ‬الكبرى،‭ ‬هى‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬متوافر‭ ‬وبأى‭ ‬كميات‭ ..‬فى‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬دولاً‭ ‬كبرى‭ ‬تعانى‭ ‬النقص‭ ‬والعجز‭ ‬والأزمات‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬الطاقة‭ ‬أو‭ ‬السلع‭ ‬الرئيسية‭ ‬بعض‭ ‬خطاباتنا‭ ‬الإعلامية‭ ‬تغيب‭ ‬عنها‭ ‬الموضوعية‭ ‬والتناول‭ ‬الشامل‭..‬ والإلمام‭ ‬الكامل‭ ‬بالأبعاد‭ ‬والأسباب‭ ‬والجذور‭ ‬فبعض‭ ‬الإعلاميين‭ ‬مازالوا‭ ‬أسرى‭ ‬المتاجرات‭ ‬ودغدغة‭ ‬المشاعر‭ ‬فوضوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬كأبطال‭ ‬شعبيين‭.. ‬يغازلون‭ ‬الشباك،‭ ‬ولا‭ ‬يلامسون‭ ‬الواقع‭.‬

هناك‭ ‬خطابات‭ ‬تنقصها‭ ‬الموضوعية‭..‬ وملامسة‭ ‬الواقع‭..‬ وتجاهل‭ ‬الأسباب‭ ..‬والتداعيات‭ ‬لأزمات‭ ‬عالمية

الحديث‭ ‬عن‭ ‬الأسعار‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الفهم‭ ‬وافتقاد‭ ‬الموضوعية‭ ‬وأحياناً‭ ‬المزايدات‭ ‬وتجاهل‭ ‬العوامل‭ ‬والأبعاد‭ ‬والأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬التى‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬الجميع،‭ ‬والبعض‭ ‬يتحدث‭ ‬وكأننا‭ ‬فى‭ ‬أوقات‭ ‬طبيعية‭ ‬وعادية‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬تحديات‭ ‬وتداعيات‭ ‬لأزمات‭ ‬دولية‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وأبرزها‭ ‬ما‭ ‬سببته‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬وكارثية‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائى‭ ‬العالمى،‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬ومعدلات‭ ‬التضخم‭ ‬بسبب‭ ‬زيادة‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬وبنسبة‭ ‬100٪‭ ‬فبرميل‭ ‬البترول‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬نشوب‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬إلى‭ ‬65‭ ‬دولاراً‭ ‬والآن‭ ‬120‭ ‬دولاراً‭ ‬وهو‭ ‬قابل‭ ‬للزيادة‭ ‬طبقاً‭ ‬لتطورات‭ ‬الأزمة،‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعطل‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتوريد‭ ‬وارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الشحن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية‭.. ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬تمثلان‭ ‬أحد‭ ‬المصادر‭ ‬الرئيسية‭ ‬لهذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬وأبرزها‭ ‬الطاقة‭ ‬والقمح‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج‭ ‬وتحديداً‭ ‬فى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وأصبح‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬أمراً‭ ‬بالغ‭ ‬الصعوبة،‭ ‬ومحفوفاً‭ ‬بالمخاطر‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬أجواء‭ ‬وتداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬واحتمالات‭ ‬اتساع‭ ‬رقعتها‭ ‬بعد‭ ‬انضمام‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬وغياب‭ ‬الحل‭ ‬السياسى‭ ‬عن‭ ‬أفق‭ ‬وأجواء‭ ‬الأزمة‭ ‬بين‭ ‬المعسكرين‭ ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أننا‭ ‬بصدد‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬أو‭ ‬محاولات‭ ‬إطالتها‭.‬

كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن‭ ‬لتوفير‭ ‬احتياجاتها‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬تنذر‭ ‬بالخطر‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬نقص‭ ‬وعجز‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬وبدأت‭ ‬ملامح‭ ‬الأزمة‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬متقدمة،‭ ‬خاصة‭ ‬ارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬فى‭ ‬الأسعار‭ ‬والتضخم‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ونقص‭ ‬فى‭ ‬الاحتياجات‭ ‬مثل‭ ‬لبن‭ ‬الأطفال،‭ ‬وبدت‭ ‬فى‭ ‬الأفق‭ ‬مظاهر‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬انتشار‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭.. ‬والوضع‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬أكثر‭ ‬تأزماً‭.. ‬وهناك‭ ‬نقص‭ ‬فى‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حصول‭ ‬المواطن‭ ‬فى‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬على‭ ‬زجاجة‭ ‬زيت‭ ‬وكيس‭ ‬دقيق‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬فى‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬ونسب‭ ‬الأسعار‭ ‬وتعطل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المصانع‭ ‬وتوقفها‭ ‬عن‭ ‬الإنتاج‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬والغاز،‭ ‬والوضع‭ ‬فى‭ ‬بريطانيا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭ ‬على‭ ‬مواطنيه‭ ‬بأنه‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬دعمهم‭.. ‬وان‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتحرك‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬نقل‭ ‬قابل‭ ‬للتوقف‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة،‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬وقبل‭ ‬حلول‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬وانخفاض‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الجليد‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤدى‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬وتيرة‭ ‬الأزمة‭.‬

إذن‭ ‬المشكلة‭ ‬دولية‭ ‬وعالمية،‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬معدلات‭ ‬لم‭ ‬تعرفها‭ ‬أكبر‭ ‬الاقتصادات‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأصبحت‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬انفلات‭ ‬يصعب‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬مثل‭ ‬تركيا،‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬تأثيرات‭ ‬وتداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬أصبحت‭ ‬مصدراً‭ ‬للخطر‭ ‬والتهديد‭ ‬للدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬وهناك‭ ‬أحاديث‭ ‬وتوقعات‭ ‬وتحذيرات‭ ‬بحدوث‭ ‬مجاعات‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭.‬

لا‭ ‬أجامل‭ ‬إذا‭ ‬قلت‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭.. ‬وتتخذ‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الصحيحة‭ ‬لامتصاص‭ ‬واحتواء‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬وقد‭ ‬شاءت‭ ‬الأقدار‭ ‬ان‭ ‬تهب‭ ‬رياح‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬تعافى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصرى‭ ‬من‭ ‬أوجاع‭ ‬الفوضى‭ ‬والانفلات‭ ‬والانهيار‭.. ‬ونجحت‭ ‬إنجازات‭ ‬ونجاحات‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬فى‭ ‬إكساب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصرى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬الأزمات‭ ‬والصدمات،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬زيادة‭ ‬الأسعار‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬النخب‭ ‬وليس‭ ‬المواطن‭ ‬العادى‭ ‬فيه‭ ‬مزايدات‭ ‬وعدم‭ ‬فهم‭ ‬ووعى‭ ‬وإدراك‭ ‬للتداعيات‭ ‬التى‭ ‬جاءت‭ ‬بفعل‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭ ‬وما‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬وأزمات‭.. ‬والمفترض‭ ‬ان‭ ‬حالة‭ ‬الفهم‭ ‬والوعى‭ ‬تتيح‭ ‬للمتحدث‭ ‬أن‭ ‬يلتمس‭ ‬الاعذار‭ ‬للمسئولين،‭ ‬بل‭ ‬ويشيد‭ ‬بما‭ ‬تعيشه‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬السلع‭ ‬والاحتياجات‭ ‬فى‭ ‬الأسواق‭ ‬دون‭ ‬حدود‭ ‬أو‭ ‬قيود،‭ ‬فالمواطن‭ ‬يذهب‭ ‬ليشترى‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬بعكس‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬متقدمة‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬نقص‭ ‬وعجز‭ ‬فى‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭.‬

نعم‭ ‬هناك‭ ‬تحريك‭ ‬للأسعار‭ ‬بفعل‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال،‭ ‬هل‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬المواطن‭ ‬هو‭ ‬السعر‭ ‬الحقيقى‭ ‬للسلعة؟‭ ‬قولاً‭ ‬واحداً‭ ‬لا،‭ ‬فالدولة‭ ‬قررت‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭ ‬وأعلنت‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تتحمل‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬السعر‭.. ‬ولذلك‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬الضاغط‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الحكومة‭ ‬لتحرك‭ ‬الأسعار‭ ‬هو‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬وارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الإنتاج‭ ‬ومستلزماته‭ ‬ومكوناته،‭ ‬وأيضاً‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬وان‭ ‬المعروض‭ ‬عالمياً‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المطلوب‭ ‬بسبب‭ ‬تعطل‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬والتوريد‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أحدث‭ ‬خللاً‭ ‬كبيراً‭ ‬فى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭.‬

دعونا‭ ‬نعترف‭ ‬بشىء‭ ‬مهم‭ ‬للغاية،‭ ‬انه‭ ‬لولا‭ ‬جهود‭ ‬وإنجازات‭ ‬ونجاحات‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬والمجالات‭ ‬وفى‭ ‬القلب‭ ‬منها‭ ‬المشروعات‭ ‬القومية‭ ‬العملاقة‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائى‭ ‬سواء‭ ‬الزراعة‭ ‬أو‭ ‬الثروة‭ ‬الحيوانية‭ ‬أو‭ ‬مزارع‭ ‬الأسماك‭ ‬أو‭ ‬الصوب‭ ‬الزراعية‭ ‬والدواجن‭ ‬والألبان‭ ‬لواجهت‭ ‬مصر‭ ‬صعوبات‭ ‬كارثية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬عالمية‭ ‬طاحنة‭ ‬نالت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭.‬

منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لنشوب‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية،‭ ‬ووجود‭ ‬أزمة‭ ‬عالمية‭ ‬بسبب‭ ‬تداعياتها‭ ‬خصصت‭ ‬الدولة‭ ‬130‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬لاحتواء‭ ‬الأثار‭ ‬السلبية‭ ‬للأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬وتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬والمعاناة‭ ‬عن‭ ‬المواطنين‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الإنجاز‭ ‬والبطولة‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬ليس‭ ‬زيادة‭ ‬أو‭ ‬نقص‭ ‬الأسعار‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬السلع‭ ‬والاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬للمواطنين‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬النقص‭ ‬والعجز‭ ‬العالمية،‭ ‬فى‭ ‬المعروض‭ ‬والمتاح‭.. ‬لكن‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬تسعى‭ ‬الدولة‭ ‬بكافة‭ ‬الوسائل‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬زيادة‭ ‬الأسعار‭ ‬بزيادة‭ ‬المعروض‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬دعمها‭ ‬أو‭ ‬توفير‭ ‬البدائل‭ ‬الأقل‭ ‬سعراً‭ ‬والأكثر‭ ‬جودة‭ ‬أو‭ ‬الدعم‭ ‬المباشر‭ ‬لبعض‭ ‬السلع،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬دعمها‭ ‬للفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجاً‭.‬

أتذكر‭ ‬قول‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬فى‭ ‬حوار‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬تحرير‭ ‬الصحف‭ ‬القومية‭ ‬بأن‭ ‬مصر‭ ‬تستورد‭ ‬65٪‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬بما‭ ‬يعنى‭ ‬ان‭ ‬ثلثى‭ ‬احتياجات‭ ‬المصريين‭ ‬تعتمد‭ ‬فى‭ ‬توفيرها‭ ‬على‭ ‬الاستيراد،‭ ‬وفى‭ ‬اعتقادى‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬السبب‭ ‬كان‭ ‬الدافع‭ ‬الرئيسى‭ ‬والأساسى‭ ‬لحالة‭ ‬السباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬وإنجاز‭ ‬عشرات‭ ‬المشروعات‭ ‬القومية‭ ‬العملاقة‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائى‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوسع‭ ‬الزراعى‭ ‬الرأسى‭ ‬والأفقى‭ ‬بإضافة‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬فدان‭ ‬للرقعة‭ ‬الزراعية،‭ ‬والتصدى‭ ‬لظاهرة‭ ‬التعديات‭ ‬على‭ ‬الأراضى‭ ‬الزراعية‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاجية‭ ‬الفدان،‭ ‬والتوسع‭ ‬فى‭ ‬الصوب‭ ‬الزراعية‭ ‬لتكون‭ ‬مجالاً‭ ‬للتوسع‭.. ‬لذلك‭ ‬المشروع‭ ‬القومى‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬علمى‭ ‬يضم‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬صوبة‭ ‬زراعية‭ ‬تعادل‭ ‬فى‭ ‬إنتاجها‭ ‬مليون‭ ‬فدان‭ ‬من‭ ‬الزراعة‭ ‬الطبيعية‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬المشروعات‭ ‬العملاقة‭ ‬التى‭ ‬ذكرتها‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬المقال‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬والحيوانية‭ ‬والدواجن‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلت‭ ‬ان‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطن‭ ‬المصرى‭ ‬من‭ ‬الخضراوات‭ ‬والمحاصيل‭ ‬والفواكه‭ ‬متوافرة‭ ‬وبأسعار‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الأزمة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وبالسؤال‭ ‬عن‭ ‬أسعار‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفاكهة‭ ‬وجدت‭ ‬الآتى‭: ‬ان‭ ‬البصل‭ ‬من‭ ‬جنيهين‭ ‬ونصف‭ ‬الجنيه‭ ‬إلى‭ ‬3‭ ‬جنيهات‭ ‬للكيلو‭ ‬والبطيخ‭ ‬الآن‭ ‬وصل‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬إلى 20 جنيهاً‭ ‬للواحدة‭ ‬والبطاطس‭ ‬من‭ (‬3‭ ‬إلى‭ ‬4‭) ‬والخوخ‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬إلى‭ ‬7‭ ‬جنيهات‭ ‬والمشمش‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقارب‭ ‬على‭ ‬الاختفاء‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬إلى‭ ‬9‭ ‬والطماطم‭ ‬من‭ ‬2‭ ‬إلى‭ ‬أربع‭ ‬جنيهات،‭ ‬إذن‭ ‬كل‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفواكه‭ ‬متوافرة‭ ‬وبكثرة‭ ‬فى‭ ‬الأسواق‭ ‬وعلى‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬لى‭ ‬ممن‭ ‬لهم‭ ‬دراية‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬انها‭ ‬أرخص‭ ‬بنسبة‭ ‬30٪‭ ‬عن‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭.‬

بعض‭ ‬الخطابات‭ ‬الإعلامية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬عن‭ ‬زيادة‭ ‬أو‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬أحاديث‭ ‬عرجاء‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬الفهم‭ ‬والوعى‭ ‬وعدم‭ ‬الموضوعية‭ ‬وتتجاهل‭ ‬أسباب‭ ‬وتحديات‭ ‬وتداعيات‭ ‬وجهود‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬لتخفيف‭ ‬تداعيات‭ ‬وحدة‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬المواطن،‭ ‬تتشدق‭ ‬هذه‭ ‬الخطابات‭ ‬وتتاجر‭ ‬وتدغدغ‭ ‬مشاعر‭ ‬الناس،‭ ‬وكأنها‭ ‬أكثر‭ ‬حرصاً‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬شعبها‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬لهذه‭ ‬الخطابات‭ ‬الإعلامية‭ ‬ان‭ ‬تنظر‭ ‬بعين‭ ‬الموضوعية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الثقافة‭ ‬العامة‭ ‬والمتابعة‭ ‬للأحداث‭ ‬والأزمات‭ ‬العالمية،‭ ‬وكان‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تتحرك‭ ‬أو‭ ‬تنطلق‭ ‬فى‭ ‬تناولها‭ ‬لقضية‭ ‬الأسعار‭ ‬من‭ ‬الآتى‭:‬

أولاً‭ :‬‭‬التعريف‭ ‬والوعى‭ ‬والشرح‭ ‬لتداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬والأثار‭ ‬السلبية‭ ‬التى‭ ‬خلفتها‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬وزيادة‭ ‬الأسعار‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وأنه‭ ‬أزمة‭ ‬نالت‭ ‬من‭ ‬الجميع‭.. ‬وتأثيراتها‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الشعوب‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬المتقدمة‭ ‬والنامية‭.. ‬وشرح‭ ‬ما‭ ‬هى‭ ‬هذه‭ ‬التداعيات‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬جاءت‭ ‬ولماذا‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬والأسعار؟

ثانياً‭:‬ من‭ ‬المهم‭ ‬أيضاً‭ ‬ان‭ ‬يتناول‭ ‬الإعلام‭ ‬إجراءات‭ ‬وجهود‭ ‬الدولة‭.. ‬وشرحاً‭ ‬وتفسيراً‭ ‬للوضع‭ ‬فيها،‭ ‬وما‭ ‬علاقة‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إنجازه‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬بتخفيف‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬وما‭ ‬هى‭ ‬السلع‭ ‬التى‭ ‬تستوردها‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬وتعتمد‭ ‬فى‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬الخارج،‭ ‬وكيف‭ ‬تتحمل‭ ‬الدولة‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬الأسعار‭ ‬تخفيفاً‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭.. ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬اللطم‭ ‬على‭ ‬الخدود‭ ‬وشق‭ ‬الجيوب‭ ‬والنواح،‭ ‬والمتاجرة‭ ‬بالأسعار‭ ‬لكسب‭ ‬بطولات‭.‬
ثالثاً‭:‬ الخطابات‭ ‬الإعلامية‭ ‬مطالبة‭ ‬بتنمية‭ ‬وبناء‭ ‬وعى‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كيف‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية؟‭ ‬وأهمية‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬ويدرك‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬متغيرات‭ ‬وتحديات‭ ‬جديدة‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬العالمى،‭ ‬فرضت‭ ‬أثاراً‭ ‬سلبية‭ ‬وتأثيرات‭ ‬وأضراراً‭ ‬وارتفاعاً‭ ‬للأسعار‭ ‬بحكم‭ ‬هذه‭ ‬التداعيات‭.. ‬والدفع‭ ‬به‭ ‬واقناعه‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬يسلك‭ ‬طريق‭ ‬الترشيد‭ ‬والتوفير‭ ‬وما‭ ‬يحكمه‭ ‬فقه‭ ‬الأزمات‭ ‬وما‭ ‬يستوجبه‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬الأنماط‭ ‬الحياتية‭ ‬والغذائية‭.. ‬وكيفية‭ ‬توزيع‭ ‬الدخل‭ ‬على‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬دون‭ ‬بهرجة‭ ‬أو‭ ‬إسراف‭ ‬وايقاظ‭ ‬الاحساس‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬أزمة‭ ‬خارج‭ ‬إرادة‭ ‬الدولة‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬طرفاً‭ ‬أو‭ ‬سبباً‭ ‬فى‭ ‬حدوثها‭.‬

رابعاً‭:‬‭‬ الخطاب‭ ‬الإعلامى‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يلفت‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬قضايا‭ ‬أخرى‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭.. ‬مثل‭ ‬وضع‭ ‬مصر‭ ‬وظروفها‭ ‬وأحوالها‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬والسنوات‭ ‬التى‭ ‬سبقت‭ ‬تولى‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬المسئولية،‭ ‬ثم‭ ‬الأثار‭ ‬السلبية‭ ‬والكارثية‭ ‬للنمو‭ ‬السكانى‭ ‬المنفلت‭ ‬والتعداد‭ ‬السكانى‭ ‬الذى‭ ‬يزيد‭ ‬بمعدل‭ ‬2.5‭ ‬مليون‭ ‬سنوياً،‭ ‬وما‭ ‬هى‭ ‬موارد‭ ‬وامكانيات‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية،‭ ‬وربط‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬والتحديات‭ ‬بالأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬ليتضح‭ ‬لنا‭ ‬حجم‭ ‬المعاناة‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬الدولة‭ ‬قبل‭ ‬المواطن‭ ‬فى‭ ‬تدبير‭ ‬موارد‭ ‬وتوفير‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬لدولة‭ ‬تعدادها‭ ‬104‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭ ‬عانت‭ ‬كثيراً‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬السيسى‭ ‬بل‭ ‬وتوقف‭ ‬فيها‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج‭ ‬منذ‭ ‬يناير‭ ‬2011‭ ‬وحتى‭ ‬عزل‭ ‬الإخوان‭ ‬المجرمين‭ ‬عن‭ ‬حكم‭ ‬مصر‭.‬

لا‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الحكومة،‭ ‬فأنا‭ ‬مواطن‭ ‬أيضاً‭ ‬ليس‭ ‬لى‭ ‬دخل‭ ‬سوى‭ ‬راتبى‭.. ‬وأواجه‭ ‬نفس‭ ‬الظروف‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬المصريين‭.. ‬ولكن‭ ‬أطالب‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬أحاديث‭ ‬الأسعار‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬الموضوعية‭ ‬والمنطق‭ ‬والواقع‭ ‬وإدراك‭ ‬الظروف‭ ‬العالمية‭ ‬وتداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬تتطرق‭ ‬الخطابات‭ ‬الإعلامية‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬لتأمين‭ ‬وضمان‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائى‭ ‬وقرار‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬بألا‭ ‬يقل‭ ‬الاحتياطى‭ ‬الإستراتيجى‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬عن‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬وتخصيص‭ ‬ميزانيات‭ ‬ضخمة‭ ‬لتوفير‭ ‬وتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬ثم‭ ‬الإجراءات‭ ‬والمشروعات‭ ‬الاستباقية‭ ‬التى‭ ‬اتخذتها‭ ‬الدولة‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬مثل‭ ‬صوامع‭ ‬الغلال‭ ‬العملاقة‭ ‬ومستودعات‭ ‬المواد‭ ‬البترولية‭ ‬وزيوت‭ ‬الطعام‭ ‬التى‭ ‬تستورد‭ ‬منها‭ ‬مصر‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬97٪‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فهى‭ ‬متوافرة‭ ‬فى‭ ‬الأسواق‭ ‬ولا‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬أو‭ ‬عجز‭ ‬رغم‭ ‬وطأة‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬وأيضاً‭ ‬مستودعات‭ ‬البوتاجاز‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬لم‭ ‬يشعر‭ ‬المواطن‭ ‬بأى‭ ‬أزمة‭ ‬أو‭ ‬نقص‭ ‬فيها‭.‬

الدولة‭) ‬معذورة) ‬وتكافح‭ ‬وتسابق‭ ‬الزمن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬المهم‭ ‬بل‭ ‬والأهم،‭ ‬وتسعى‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬الأسعار‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬عوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬إرادتها‭.. ‬لكنها‭ ‬تساهم‭ ‬فى‭ ‬تحمل‭ ‬تكلفة‭ ‬إنتاج‭ ‬السلع‭ ‬وخفض‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬تخفيفاً‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭.‬

كل‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطن‭ ‬لديهما‭ ‬تحديات‭ ‬وظروف‭ ‬صعبة،‭ ‬والدولة‭ ‬تتخذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬والقرارات‭ ‬التى‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬والتخفيف‭ ‬عنهم،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬المواطن‭ ‬مطالب‭ ‬بالوعى‭ ‬والإدراك‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬أزمة‭ ‬عالمية‭ ‬تفرض‭ ‬وتحتم‭ ‬تغيير‭ ‬النمط‭ ‬الاستهلاكى‭ ‬وتحديد‭ ‬قائمة‭ ‬بالأولويات‭ ‬والتوزيع‭ ‬الرشيد‭ ‬للدخل‭ ‬على‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الإهدار‭ ‬والبذخ‭ ‬والإسراف‭ ‬حتى‭ ‬يمكننا‭ ‬جميعاً‭ ‬تجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬وتداعياتها‭ ‬الخطيرة‭.‬

الإعلام‭ ‬مطالب‭ ‬بأن‭ ‬يخاطب‭ ‬المواطن‭ ‬بما‭ ‬له‭ ‬وما‭ ‬عليه،‭ ‬بحقه‭ ‬وواجبه،‭ ‬فالدولة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭- ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭- ‬تكافح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬البدائل‭ ‬أمام‭ ‬المواطن‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬اللحوم‭ ‬بأسعار‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬الأسواق‭ ‬وبجودة‭ ‬عالية،‭ ‬سعر‭ ‬كيلو‭ ‬اللحوم‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬جنيهاً‭ ‬للمجمد،‭ ‬و120‭ ‬جنيهاً‭ ‬للبلدى‭ ‬الطازج‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬أسعارها‭ ‬فى‭ ‬السوق‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬160‭ ‬و190‭ ‬جنيهاً‭.. ‬ويمكن‭ ‬للمواطن‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬منافذ‭ ‬الجيش‭ ‬أو‭ ‬الشرطة‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬التموين‭ ‬عبر‭ ‬المجمعات‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬وهى‭ ‬لحوم‭ ‬ذات‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ (‬مصرى‭ ‬وسودانى‭) (‬البلدى‭) ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬الزراعة،‭ ‬والمنافذ‭ ‬منتشرة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ربوع‭ ‬البلاد‭.‬

مواجهة‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية،‭ ‬هى‭ ‬عملية‭ ‬تكاملية‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطن،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬سياق‭ ‬يجمع‭ ‬الطرفين،‭ ‬أساس‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يتخذه‭ ‬الطرفان‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭.. ‬وما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬وعى‭ ‬ومعرفة‭ ‬وإدراك‭ ‬وهذا‭ ‬دور‭ ‬الإعلام،‭ ‬وليس‭ ‬المزايدات‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬دون‭ ‬آخر،‭ ‬فالإعلام‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بالموضوعية‭ ‬والأمانة‭ ‬فى‭ ‬عرض‭ ‬إجراءات‭ ‬وجهود‭ ‬الدولة،‭ ‬ويرسم‭ ‬طريق‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬للمواطن،‭ ‬بل‭ ‬ويمتلك‭ ‬الرؤية‭ ‬والطرح‭ ‬والنقاش‭ ‬حول‭ ‬سبل‭ ‬عبور‭ ‬الأزمة،‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬وامتصاص‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬وتداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭.. ‬الجميع‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬شراكة،‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬والمواطن‭ ‬والإعلام‮»‬‭ ‬وكان‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬عون‭ ‬الجميع‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقوله‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬ولا‭ ‬وقت‭ ‬للمزايدات،‭ ‬فالدولة‭ ‬تبذل‭ ‬جهوداً‭ ‬استثنائية‭ ‬لتوفير‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطن‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬ومستلزمات‭ ‬الإنتاج‭ ‬والشحن‭ ‬بل‭ ‬وصعوبة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬ان‭ ‬نساعد‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬فالظاهرة‭ ‬عالمية‭ ‬تعانى‭ ‬منها‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬لكنها‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬إنجازات‭ ‬الـ8‭ ‬سنوات‭ ‬والإجراءات‭ ‬الاستباقية‭ ‬أقل‭ ‬وطأة‭ ‬وتأثيراً‭ ‬فى‭ ‬مصر‭.‬

مطلوب‭ ‬الحديث‭ ‬والخطاب‭ ‬الرشيد‭ ‬دون‭ ‬تهويل‭ ‬أو‭ ‬تهوين‭ ‬دون‭ ‬افراط‭ ‬أو‭ ‬تفريط،‭ ‬دون‭ ‬تحميل‭ ‬المسئولية‭ ‬لمن‭ ‬فرضت‭ ‬عليهم‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬ويواصلون‭ ‬الليل‭ ‬بالنهار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التخفيف‭.. ‬ويحققون‭ ‬نتائج‭ ‬جيدة‭.. ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬العالمى‭ ‬المتأزم‭ ‬الذى‭ ‬تخيم‭ ‬عليه‭ ‬نذر‭ ‬اتساع‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬المعسكرين‭.‬